7 يوليو 2024
2 يونيو 2024
يمن فريدم-توفيق الشنواح
فرانس برس


تواصل الحكومة اليمنية الشرعية فرض إجراءاتها الهادفة إلى بسط سيطرتها على المؤسسات النقدية والاقتصادية المضطربة في البلاد، وانتزاعها من قبضة ميليشيات الحوثي التي تسيطر على العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014، متوعدة بمزيد من الإجراءات، فيما اعتبرته الجماعة المدعومة من إيران مؤامرة ضدها.

وأكد محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي الجمعة، أن الجهات الحكومية ستوقف كل تعاملاتها مع ستة بنوك حظرها البنك سابقاً، بما في ذلك صرف الأجور التي لم تعزز بعد عبرها.

وقال في مؤتمر صحافي عقده، إن "المركزي" اليمني "أتاح مجالاً للبنوك المحظورة للتعامل مع الجمهور إلى إشعار آخر، لأننا ضامنون لودائع المودعين". واستدرك متوعداً "لكن لدينا إجراءات أقسى حال استمر تعامل هذه البنوك مع الحوثيين". وتوعد بأن "قرارات أمس أولى العقوبات التدريجية".

وأصدر البنك المركزي اليمني الخميس سلسلة قرارات، قضت بوقف التعامل مع ستة من أكبر البنوك في البلاد، بسبب استمرارها في التعامل مع الميليشيات الحوثية، وعدم استجابتها لقرار البنك رقم (17) لسنة 2024، القاضي بنقل المراكز الرئيسة للبنوك التجارية والمصارف الإسلامية وبنوك التمويل الأصغر إلى العاصمة الموقتة عدن، المقر السياسي البديل للحكومة اليمنية الشرعية، وحظر مزاولة نشاط الحوالات الخارجية إلا على البنوك أو شركات الصرافة المستوفية كل الشروط المشروعة، المتربطة فقط بالبنك المركزي التابع للحكومة اليمنية.

معركة تجفيف منابع الحوثي

وقضى القرار الثاني بسحب الطبعة القديمة من العملة اليمنية، التي حصر الحوثيون التعامل بها في مناطق سيطرتهم، في غضون شهرين. مما اعتبرته الجماعة المدعومة من إيران "عدواناً اقتصادياً وخطوة خطرة" وتوعدت بعدم الصمت، في تهديد ضمني بانتهاج عمليات مسلحة ضد الحكومة الشرعية، كما جرت العادة. إذ سبق وقصفت موانئ تصدير النفط في ميناءي حضرموت وشبوة (شرق اليمن)، بعد رفض الحكومة توريد إيرادات النفط والغاز إلى البنك المركزي الخاضع لها في صنعاء.

وفي إطار مساعي الحكومة المعترف بها السيطرة على النظام المصرفي والنقدي، في ظل مخاوف أهلية من تعزيز حال الانقسام المالي في البلاد، وانعكاسه على قيمة العملة المحلية التي تشهد تراجعاً متتابعاً فاقم الأزمة الإنسانية، أشار المعبقي إلى أن قرار "المركزي"، "وصل إلى كل الجهات المصرفية والبنوك الدولية، التي لن تتعامل مع بنوك تخضع إلى سيطرة جماعة مصنفة إرهابية"، في إشارة إلى الحوثيين الذين تضعهم الولايات المتحدة على لوائح الإرهاب.

ويرجع قراراته إلى مواجهة ما وصفه بالانتهاكات الحوثية، التي طالت القطاع المالي والمصرفي، فيما "حاول المركزي اليمني التعامل بمسؤوليته منذ نقله إلى عدن عام 2016، لإدراكه أهمية هذا القطاع والتعامل وفق أحكام قانون البنك المركزي والبنوك التجارية والإسلامية التي تحكم النشاط الاقتصادي".

تجاوز الخط الأحمر

وفي مؤتمره، تطرق محافظ البنك اليمني إلى جملة من الإجراءات الحوثية التي دفعت الشرعية إلى اتخاذ هذه الإجراءات، وكشف أن "الميليشيات تجاوزت كل الخطوط الحمراء بما لا يمكن السكوت عنه، والتي باتت تهدد الاقتصاد الوطني والنظام المصرفي بكامله، وتهدد تعاملات اليمن مع العالم، خصوصاً أن ذلك تزامن مع تصنيفها كمنظمة إرهابية أولاً من قبل الولايات المتحدة، والمؤشرات توحي بمزيد من التصنيف من قبل تجمعات ودول".

ووفقاً للمحافظ، خلقت هذه الممارسات "واقعاً صعباً للقطاع المصرفي اليمني برمته، وليس للبنوك التي توجد مقارها تحت سطوة ميليشيات الحوثي، مما حتم على البنك المركزي التحرك للمحافظة على الحد الأدنى من المعايير المصرفية، التي يقبل بموجبها العالم التعامل مع أي بلد".

وكشف أن "مركزي" عدن "وثق أكثر من 20 انتهاكاً ارتكبتها الميليشيات الحوثية، وحتمت على البنك المركزي التحرك وإصدار قرار نقل البنوك ومراكز أعمالها إلى العاصمة الموقتة عدن، كمحاولة لإنقاذ تلك البنوك ومنع انهيارها".

ورداً على جماعة الحوثي التي اعتبرت قرارات الشرعية "مؤامرة إسرائيلية" ضدها، قال المعبقي إن "هذا القرار يمني سيادي ذو طابع نقدي ومصرفي، وليس له أية صلات بالوضع الإقليمي والدولي، كما يدعي الحوثيون، ولا دخل له بحرب غزة". وأكد أن حكومته "ماضية في تنفيذ القرار بكل مراحله وفقاً للخطة المقرة، ومنفتحون للحوار وصولاً إلى حلول لكل الإشكالات المعوقة للقطاع المصرفي".

وفي هذا الصدد، أوضح أن "الحوثيين هم من بدأوا بتسييس القطاع المصرفي واختراق كل القوانين والمعايير، وذلك بتجميد ومصادرة حسابات المواطنين، وهم بالآلاف ممن يتهمونهم بأنهم معارضون لسياستهم وقمعهم"، إضافة إلى "منعهم تداول الطبعة الجديدة من العملة، وهم بهذا يقسمون البلد، ويشطرون الاقتصاد، ويخلقون واقعاً مريراً عانى منه الشعب اليمني كاملاً، والأكثر معاناة هم الذين يقعون تحت سيطرة الانقلابيين، وحرموهم من الأجور التي كانت تدفعها الحكومة المعترف بها دولياً".

وبين أن "أخطر تلك الانتهاكات والتجاوزات الحوثية أشار إليها محافظ البنك المركزي المعبقي، وهي الإقدام على سك عملة مزورة بواسطة كيان غير شرعي وغير قانوني وإنزالها للتداول".

ونتيجة ذلك، قال إن "تلك الانتهاكات جعلت تدخل البنك المركزي حتمياً، عبر وضع حل لهذه الانتهاكات الصارخة، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه".

وأكد المعبقي أن قرار البنك المركزي لاقى تفهماً ودعماً إقليمياً ودولياً، وفي المقدمة دعم كل المنظمات المالية الدولية، ومنظمات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

ونهاية مارس/ آذار الماضي، سك الحوثيون عملة معدنية جديدة فئة 100 ريال، قالوا إنها تأتي لمواجهة نقص السيولة النقدية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، في أول إجراء من نوعه منذ سيطرتهم على العاصمة اليمنية خلال عام 2014، واعتبرتها الحكومة اليمنية "عملة مزورة".

معركة الاقتصاد

ويأتي مجمل هذه التطورات في سياق المعركة التي تنتهجها "الشرعية" لتجفيف منابع اقتصاد الحوثي، وجهود تحرير الجهاز المصرفي في البلاد من استغلال الجماعة، التي تتهم بالسيطرة عليه لتمويل مشروعها الإيراني الطائفي في اليمن.

وتعد هذه المستجدات مؤشراً على اتخاذ الصراع في اليمن بعداً يتجاوز آلة الحرب إلى الاقتصاد وسباق السيطرة على مفاصله وروافده، الذي بات وفقاً لمراقبين ورقة ضغط سياسية، في ظل خشية جماهيرية من الانعكاسات التي يكابدونها، جراء الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية والضروريات، مع الانهيارات المتتابعة لقيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية وتسبب حال الازدواج المالي بين بنكي وسلطتي عدن ممثلة بالحكومة المعترف بها دولياً، وصنعاء التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثي غير المعترف بها، بانهيار تاريخي للريال اليمني أمام العملات الأجنبية.

وكان "المركزي" التابع للشرعية منح المصارف في مناطق سيطرة الحوثيين مهلة 60 يوماً لنقل مقارها الرئيسة إلى عدن، وربط نظامها المالي به، كونه الجهاز المعترف به، وتوعد بمعاقبة من يتخلف بموجب قانون مكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال.

وتشهد العاصمة الموقتة عدن والمناطق التابعة لسيطرة الحكومة الشرعية منذ أيام انهياراً جديداً للعملة المحلية، مسجلة 1733 ريالاً أمام الدولار الواحد، فيما سجلت 457 ريالاً في مقابل الريال السعودي، والأخيرة تعد العملة الثانية الأكثر انتشاراً بعد العملة المحلية.

ووفقاً لمصادر مصرفية مطلعة، يأتي الانهيار الجديد على وقع سلسلة من الأزمات والخلافات داخل الحكومة المعترف بها دولياً، ضاعفه حال الركود الاقتصادي الذي تواجهه خزانة الشرعية، وعدم تمكنها من تصدير الكميات المستخرجة من النفط بسبب تهديد الحوثيين موانئ التصدير، التي سبق وقصفوها في أكتوبر/ تشرين الأول 2022 بالصواريخ والطائرات المفخخة، مما تسبب في إخراجها من الخدمة، إضافة إلى تكبد الحكومة مبالغ طائلة من الدولار وصلت إلى استهلاك ثلث موازنتها، لشراء المشتقات النفطية وتغطية حاجات السوق ومحطات توليد الطاقة الكهربائية، وفقاً لحديث رئيس الوزراء أحمد بن مبارك مع "قناة اليمن" الرسمية أخيراً، وغيرها من العوامل التي يأتي منها تراجع الدعم الدولي في ظل أزمة التمويل.

العدو الإسرائيلي يستهدفنا

الرد الحوثي جاء على لسان زعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، الذي قال إن "العدو الإسرائيلي" يستهدف البنوك في صنعاء الواقعة تحت سيطرة ميليشيات الانقلاب. وحذر في خطاب تلفزيوني طويل مما وصفه بـ"اللعب بالنار".

وكما جرت العادة، تتبرأ الميليشيات من التهم وترميها على غيرها، وتصور نفسها مستهدفة من الولايات المتحدة وإسرائيل. ولهذا أضاف الحوثي أن "إشعال الحرب على البنوك اليمنية العاملة في العاصمة صنعاء خطوة خطرة يقف خلفها الأميركي، ويسعى إلى توريط دول أخرى".

وجاء حديث الحوثي محملاً بالخوف والغضب من عواقب قرارات الشرعية، ومنها قرار بنك عدن البدء في سحب العملة الورقية القديمة، التي حصرت الميليشيات التعامل بها في مناطق سيطرتها، ومنعت تداول النسخ الجديدة التي طبعتها الحكومة المعترف بها خلال الأعوام الماضية، وهو إجراء سيجبره على إفشال القرار، كونه يستهدف هيمنته الاقتصادية بصورة مباشرة.

وعليه، دعا البنك المركزي اليمني "جميع الأفراد والمحال التجارية والشركات والجهات الأخرى والمؤسسات المالية والمصرفية، ممن يحتفظون بنقود ورقية من الطبعة القديمة ما قبل عام 2016 ومن مختلف الفئات، سرعة إيداعها خلال مدة أقصاها 60 يوماً من تاريخ هذا الإعلان".

(اندبندنت عربية)


 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI