29 سبتمبر 2024
11 سبتمبر 2024
يمن فريدم-اندبتدنت عربية- سعيد طانيوس


لا توجد حقيقة تضاهي حقيقة أن الحرب الدائرة في أوكرانيا وطوفان النار الذي تمارسه إسرائيل في غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان منذ أكثر من 11 شهراً، استهلك من الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية أكثر مما استهلكته كل جيوش العالم منذ مطلع الألفية الثانية وحتى عام 2022.

وقال نائب قائد الـ "بنتاغون" السابق ستيفن بريان في مقالة لمجلة الأسلحة والإستراتيجية نشر في الخامس من سبتمبر/ أيلول الجاري، إن أوكرانيا وإسرائيل أضعفتا مخزونات الدول الغربية من الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية، بما في ذلك المخزونات الإستراتيجية للولايات المتحدة، من خلال استخدامهما الموتور للأسلحة على نحو لم يسبق له مثيل منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.

وأضاف بريان أن "الحرب في أوكرانيا أضعفت الولايات المتحدة من خلال استنزاف مخزوناتها وترساناتها، وقد قوضت بالفعل مصالح الولايات المتحدة في دول أخرى، وبخاصة في منطقة المحيط الهادئ".

ووفقاً للخبير فقد استنفدت كثير من الدول الأوروبية احتياطاتها من الموارد لدعم أوكرانيا وإسرائيل، إذ أرسلت إلى هناك الطائرات والدبابات والعربات المدرعة والصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي والمدفعية والذخيرة وكثيراً من الأسلحة الأخرى التي يصعب استبدالها، وكل هذا يؤدي إلى نتيجة غريبة وهي أنه من دون الولايات المتحدة لن يتمكن أعضاء الـ "ناتو" الأوروبيين من الدفاع عن أراضيهم، وفق بريان الذي خلص إلى أن هذا يضع واشنطن أيضاً في وضع غير مؤات جيوسياسياً.

وتعتبر روسيا أن إمدادات الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا بمثابة اللعب بالنار، وتعتقد أنها تتعارض مع التسوية وتشرك دول الـ "ناتو" مباشرة في الصراع.

وأشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مراراً إلى أن أية شحنة تحوي أسلحة لأوكرانيا فإنها ستصبح هدفاً مشروعاً، ووفقاً له فإن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي متورطان مباشرة في الصراع من خلال تدريب الأفراد في بريطانيا العظمى وألمانيا وإيطاليا ودول أخرى.

وصرح الكرملين أن تزويد الغرب أوكرانيا بالأسلحة لا يسهم في ولوج باب المفاوضات وسيكون له تأثير سلبي.

إن "الحرب حتى آخر أوكراني" التي تسهم فيها الولايات المتحدة وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي ضد روسيا تناسبهم من حيث المبدأ، ولولا ذلك لما فتحوا مخازن أسلحتهم وذخائرهم على غاربها من أجل تزويد كييف بالأسلحة بصورة مستمرة، ومع ذلك تراودهم أحياناً الشكوك حول ما إذا كان لديهم ما يكفي من القوة والموارد للتعامل معها، وما إذا كان ذلك سيرتد على سلامتهم.

جوهر النهج

إن إغداق مزيد من إمدادات الأسلحة الأميركية إلى أوكرانيا من شأنه أن يؤخر نصر فلاديمير بوتين في الحرب ولكن ليس منعه من تحقيق هذا النصر في نهاية المطاف، بخاصة إذا ما فاز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في الخامس من نوفمبر/ تشرين ثاني المقبل، فحينها لن يتمكن الاتحاد الأوروبي من التعويض عن النقص الذي سيخلفه امتناع الإدارة الأميركية من أمداد كييف بالأسلحة والذخائر، وعندها تبدأ الأشهر الصعبة بالنسبة إلى أوكرانيا، ولا سيما أن روسيا تملك الآن القوة الكافية لتحقيق اختراق كبير على الجبهة هذا العام، على رغم أنها قد تخطط لذلك في العام المقبل.

ومع تزايد الدعوات في أوروبا لتولي "القارة العجوز" مسؤولية دفاعها وأمنها بدلاً من واشنطن ترتعد بروكسل خوفاً في الاستجابة، لكن التحول في الكيفية التي ينظر بها كل من جانبي الأطلسي إلى موقف الآخر من شأنه أن يحول الاتحاد الأوروبي من مجرد تابع للولايات المتحدة إلى حليف أكثر قدرة واعتماداً على النفس.

إن احتمال فوز ترمب برئاسة ثانية وتعيين فانس نائباً للرئيس، يجعل زعماء الاتحاد الأوروبي يشعرون بالقلق إزاء أمن الكتلة الأمنية مرة أخرى، ومن الواضح أن المناقشات التي جرت بين عامي 2016 و2021 حول الاعتماد الكامل على حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة في الدفاع عن الاتحاد الأوروبي لم تصل إلى نتيجة مرضية.

وفي عام 2016 ارتفع الإنفاق الدفاعي للـ "ناتو" كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي للمرة الأولى منذ سبعة أعوام، وأعادت السويد وليتوانيا، جارتا روسيا، فرض الخدمة العسكرية الإلزامية أو زيادة مدتها، وفي بروكسل أدخلت مراجعة خطة العمل الدفاعية الأوروبية الحاجة إلى أن يهدف الاتحاد إلى "الاستقلال الإستراتيجي" لأوروبا، وزاد الاتحاد الأوروبي إنفاقه العسكري وأضفى الطابع الرسمي على هيكله للتعاون العسكري وفقاً لذلك.

وخلال الفترة ما بين عامي 2018 و2021 بادرت بروكسل أيضاً إلى إنشاء صناديق الدفاع الأوروبية مما مكّن الاتحاد الأوروبي من تمويل حمايته بصورة جماعية، وطالب الدول الأعضاء بتخصيص "ما لا يقل عن 20% من موازنتها الدفاعية للمعدات، واثنين في المئة للتطوير التكنولوجي"، وتخصيص 90 مليون يورو (99.3 مليون دولار) لتمويل أبحاث الدفاع على مستوى الاتحاد من عام 2016 إلى عام 2020 على وجه التحديد، و13 مليار يورو (14.4 مليار دولار) بين عامي 2021 و2027 لسياسة الدفاع الصناعي.

لقد شملت التغييرات التي طرأت على التعاون العسكري بين الدول الأعضاء جهوداً لتنسيق الإنفاق العسكري وتحديد مشاريع السياسة الأمنية المشتركة، وتشير مثل هذه الرغبة في التعاون وزيادة الإنفاق إلى استعداد الاتحاد الأوروبي لأن يصبح أكثر من مجرد "تابع أليف في يد أميركا"، في الأقل خلال الوقت الراهن.

وتسبب المناخ السياسي على حدود القارة بدفع الاتحاد الأوروبي نحو التفكير بإستراتيجية أمنية مستقلة، ولا سيما في أعقاب الحرب الروسية - الأوكرانية، وأسهمت تصريحات ترمب في وصف حلف شمال الأطلسي بأنه "عتيق" وغير قادر على تلبية أهدافه الإتفاقية بجعل التغيير في الترتيب الأمني ​​​​الذي يبلغ من العمر سبعة عقود أكثر احتمالاً.

إن هذا التغير في الاهتمام بالقدرات الدفاعية يشير إلى أن التقدم الأمني ​​الأوروبي يظل رد فعل على التهديدات التي تواجه أمن الاتحاد الأوروبي، ولم يمنع القارة العجوز من تطوير وسائل الحماية الذاتية سوى أيديولوجية قادتها التي تركز على الاعتماد على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي للحصول على ضمانات أمنية راسخة، وكثيراً ما كان النفوذ الأميركي في القارة يعتمد على اعتقاد الاتحاد الأوروبي بأنه يعيش تحت مظلة الحماية الأميركية، ولذلك لم يتحول إلى منافس كفء، ففي عام 2010 وصفت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون الأمن الأوروبي بأنه "أكثر من مجرد مصلحة إستراتيجية وتعبير عن قيمنا التي لا يمكن ولا ينبغي لنا أبداً أن نكسرها".

ولكن بعد أعوام من الوعود الشاملة بحماية أوروبا، والتي كانت في بعض الأحيان مثبطة للهمة عن بناء القدرات الأمنية، يبدو من غير المستغرب أن يكافح الزعماء الأوروبيون في مهمة تعزيز قدرة الاتحاد على حماية نفسه والاعتماد بصورة أقل على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.

إن التحول الحقيقي في عقلية واشنطن من الرغبة في إبقاء أوروبا تابعة لها نحو الدعم الحقيقي لأوروبا لتصبح نداً للولايات المتحدة وحليفاً أكثر قدرة، هو ما يحتاج إليه الاتحاد الأوروبي ليبدأ عملية الاعتماد على نفسه في الدفاع والأمن.

أوكرانيا لا تشبع من الأسلحة

منذ بدء روسيا عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا، أطلق الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي شهيته للأسلحة الغربية، فهو لم يلتق مرة الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ إلا وطالبه بضرورة حثّ دول الحلف الدول على تقدم مزيد من الدعم العسكري لأوكرانيا، بخاصة بعد الهجوم الأوكراني المضاد الذي فشل في تحقيق اختراق كبير، مما شجّع كييف على مواصلة طلب مزيد من إمدادات الأسلحة بحجة أن سبب فشل الهجوم هو الافتقاد إلى الأسلحة الهجومية الفتاكة.

وبحلول الوقت الذي وصل فيه زيلينسكي إلى مقر الناتو في الـ 11 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في أول زيارة له لبروكسل منذ بدء الحرب، أصبحت المهمة المخطط لها أكثر إلحاحاً، إذ شن مسلحو "حماس" هجوم "طوفان الأقصى" على إسرائيل قبل ذلك بأربعة أيام مما جعل الأخيرة منافساً قوياً لأوكرانيا على طلب الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية الغربية، ولا سيما بعدما صار الصراع في الشرق الأوسط مركز الاهتمام العالمي.

وبعد شهر ونصف الشهر اجتمع حلفاء أوكرانيا من وزراء دفاع مجموعة "رامشتاين" التي توحد ما يصل إلى 50 دولة بصورة افتراضية وأكدوا مجدداً دعمهم أوكرانيا، لكن كان هناك مزاج أكثر قتامة بين المسؤولين سراً، فهم يعرفون في قرارة أنفسهم بأن شحنات الأسلحة تتباطأ وأن المساعدات المالية أصيبت بالشلل بسبب السياسة الداخلية في البلدان الحليفة.

وخلال الأشهر التي مرت منذ رحلة زيلينسكي إلى بروكسل زادت الضغوط على أوكرانيا لبناء طريق نحو النصر بطريقة أو بأخرى، مع الإقرار بأن الوضع في ساحة المعركة أصبح صعباً بصورة متزايد بالنسبة إلى أوكرانيا، سواء بسبب اقتراب بداية فصل الشتاء أو مشكلة نقص الذخيرة، وهناك مصدر قلق آخر يتمثل في حجم القوة البشرية التي تواصل روسيا إرسالها إلى الخطوط الأمامية على شكل موجات حتى على رغم خسائرها، في حين أن كييف مترددة في إرسال مزيد من الجنود إلى الجبهة.

خارج ساحة المعركة بدأت الولايات المتحدة وأوروبا التساؤل عما إذا كان بإمكانهما الاستمرار في إهدار الموارد المحدودة بالفعل، على ما يعترف القائد الأعلى السابق للقوات المسلحة الأوكرانية الجنرال فاليري زالوجني بأنه "وضع مسدود"، فكييف تدرك أنه لم يتبق سوى وقت قصير قبل الانتخابات الأمريكية وأن الوقت ينفد، وأن التقدم العسكري من شأنه أن يسهل على شركاء أوكرانيا زيادة المساعدة، ومع ذلك فحتى قبل هجوم "حماس" والغزو الإسرائيلي اللاحق لغزة، سجل المسؤولون الأوكرانيون انخفاضاً في الاهتمام بأوكرانيا.

وبينما يمضى زيلينسكي جلّ وقته في طمأنة الحلفاء بأن القوات المسلحة الأوكرانية تستعد للقتال، ويقول "أركز الآن على الحصول على المساعدة من الغرب، فالتركيز يتحول بسبب الشرق الأوسط وأسباب أخرى، ومن دون الدعم سنتراجع".

لقد تعثر الأوروبيون في جهودهم ووعودهم بتزويد كييف بذخيرة المدفعية التي تحتاجها بشدة، في حين ظهرت علامات متزايدة على الإرهاق السياسي في الدول الغربية، وبخاصة في الولايات المتحدة التي تظل الداعم الأكثر أهمية لأوكرانيا، والمقلق هو أن المساعدات غير الكافية أو الضعيفة يمكن أن تجبر زيلينسكي قبل الأوان على بدء محادثات سلام من موقف ضعيف، أو حدوث الأسوأ من ذلك وهو تمكن روسيا من اختراق الدفاعات الأوكرانية وتخلص بوتين من أي حافز للتفاوض.

هذه الاحتمالات تخيف بعض الزعماء في أوروبا الشرقية الذين كثفوا خلال الأعوام الأخيرة تحذيراتهم في شأن نيات فلاديمير بوتين، ويقولون علناً إن "روسيا لن تتوقف عند حدود أوكرانيا، ولا يزال الغرب لا يفهم تماماً ما هو على المحك".

التسليح الأميركي لأوكرانيا وإسرائيل

تحاول الإدارة الأميركية الديمقراطية الحالية، بما في ذلك وزير الدفاع لويد أوستن، طمأنة كييف في شأن استمرار الدعم التسليحي الأمريكي، ومع ذلك فإن الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة تجعل أوكرانيا تحبس أنفاسها بانتظار نتائجها، لأنه في حال فوز ترمب بالرئاسة فسيصبح كل شيء بثمن، ولن تعود هبات الأسلحة توزع مجاناً لا على إسرائيل ولا على أوكرانيا، وخير شاهد على ذلك ما قام به مجلس النواب بقيادة الجناح المحافظ من الجمهوريين، إذ واجه الرئيس الأمرdكي جو بايدن صعوبات في مواصلة التمويل لأوكرانيا، وصحيح أن الـ "بنتاغون" أعلن أنه اضطر بالفعل إلى تقييد تدفق الأسلحة إلى أوكرانيا بسبب الجمود في الكونغرس خلال النصف الأول من هذا العام، لكن الصحيح أيضاً أن هذا التقييد جاء بسبب نفاذ كثير من الأسلحة من المستودعات الأمريكية نفسها، ولا سيما صواريخ منظومة "باتريوت" التي اضطرت واشنطن إلى إعادة شرائها من كوريا الجنوبية من أجل تزويد كييف بها.

ومن شأن حملة الانتخابات الرئاسية الحالية أن تزيد الأمور تعقيداً بالنسبة إلى الديمقراطيين، بخاصة وأن ترمب انتقد المشرعين مراراً لتقديمهم المساعدة لكييف، وقال أحد كبار المسؤولين الأوروبيين إنه " من الناحية السياسية سيكون من الصعب على الديمقراطيين إقناع الناخبين في شأن الطريق المسدود في الحرب الروسية ضد أوكرانيا، بينما يعد خصومهم بإنهاء الحرب في يوم واحد"، فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "غالوب" أوائل نوفمبر 2023 أن 41% من الأمريكيين يعتقدون أن حكومتهم تفعل الكثير من أجل أوكرانيا، مقارنة بنحو 29% فقط من المشاركين في استطلاع أجري في يونيو/ حزيران الماضي.

وتذكر وكالة "بلومبيرغ" أن طلبات إسرائيل من المساعدات العسكرية للولايات المتحدة لا تتداخل في الواقع إلا قليلاً، أو لا تتداخل على الإطلاق، مع أنظمة الأسلحة التي تطلبها أوكرانيا باستثناء كمية صغيرة نسبياً من ذخيرة المدفعية، لكن هذا قد يتغير إذا أصبحت حرب إسرائيل ضد "حماس" أكثر انتشاراً مما قد يعرض إمدادات الأسلحة للخطر، بحسب ما قالت نقلاً عن مسؤول أوروبي آخر، واشتكى زيلينسكي مراراً من أن إمدادات القذائف المدفعية من عيار 155 ميليمتر إلى أوكرانيا توقفت بالفعل بعد أن طلبت إسرائيل ذلك.

العين بصيرة واليد قصيرة

يتفق الأميركيون والأوروبيون على أن عليهم مواصلة دعم القوات المسلحة الأوكرانية، ويجب عليهم العمل وفق نظام هيكلي وطويل الأجل لدعم أوكرانيا، مع إدراك أن روسيا بالتوازي تقوم أيضاً بتعبئة اقتصادها وقواتها وجيشها، لكنهم يتساءلون عن مصدر هذا الدعم التسليحي بعدما أصبحت كثير من مخازن الأسلحة الأميركية والأوروبية تشهد نقصاً متزايداً في احتياطاتها؟

وتضع المكائد السياسية في الولايات المتحدة عبئاً متزايداً على الاتحاد الأوروبي، ويقول دبلوماسيون أوروبيون إنهم يستعدون لسيناريو يمكن أن يتراجع فيه الدعم الأميركي، وعلى رغم أن الاتحاد الأوروبي يمكنه تقديم الدعم المالي لأوكرانيا إلا أنه لا يمكنه سوى تعويض جزء مما تقدمه الولايات المتحدة من أسلحة، بحسب ما نقلت "بلومبيرغ" عن ممثلة مجلس أوروبا للعلاقات الخارجية ليانا فيكس.

والآن يستخدم الأوكرانيون والروس كميات من الذخيرة تفوق ما يستطيعان توفيره، ومع ذلك فعلى عكس أوروبا أو الولايات المتحدة فإن اقتصاد موسكو يُكيف ليصبح اقتصاد حرب، مما يسمح للصناعة بإنتاج القذائف والطائرات من دون طيار والأسلحة الأخرى بصورة أكثر ثباتاً.

وتقول فيكس إنه "سيكون من المستحيل استبدال معظم الدعم العسكري الذي يقدمه الأمريكيون لأن الأوروبيين ببساطة لا يملكون مثل هذه الاحتياطات، ولهذا السبب فمن المهم جداً أن تجد الولايات المتحدة مرة أخرى التمويل لأوكرانيا."

وتتوقع روسيا إنتاج مليوني قذيفة العام المقبل، إضافة إلى المساعدات الخارجية لكوريا الشمالية البالغة أكثر من مليون قذيفة، بحسب ما صرح نائب كوري جنوبي لـ "بلومبيرغ".

وفي الوقت نفسه اعترف الاتحاد الأوروبي بأنه لم يحقق هدفه المتمثل في تزويد أوكرانيا بمليون قذيفة مدفعية حتى نهاية مارس/ آذار الماضي على رغم الجهود المبذولة لتوسيع قدرة الصناعة الدفاعية، والآن تعارض دول الاتحاد الأوروبي مثل المجر وسلوفاكيا بقوة دعم كييف.

وطالب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، زعيم الاتحاد الأوروبي الأقرب إلى بوتين، بإجراء "مناقشة عاجلة" في شأن أوكرانيا من جانب الكتلة، وقال في رسالة إلى رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل "بما أن الوضع في ساحة المعركة لم يتغير فإن هذا يلقي بظلال من الشك على فرص كييف في الفوز"، وتابع أوربان الذي انتقد أيضاً العقوبات ضد روسيا بأنه "لا ينبغي اتخاذ أية قرارات في شأن المساعدات أو الضمانات الأمنية لأوكرانيا من دون إجماع داخل الاتحاد الأوروبي، وهو على استعداد لعرقلته".

وحتى قبل صراع إسرائيل مع "حماس" أثار عدد من الأحداث ضجة زادت الشكوك حول التزام وقدرة أوروبا على دعم أوكرانيا، بحسب ما تذكر "بلومبيرغ"، وتصف الوكالة العامل الأول من هذا القبيل بأنه" نزاع مثير للاشمئزاز" حول صادرات الحبوب مع بولندا، الحليف الأوروبي الأكثر أهمية لأوكرانيا، مما أدى إلى تهديد وارسو بوقف إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا، وزادت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني الشعور بالانقسام في الاتحاد الأوروبي عندما كشفت عن الإرهاق لدى "جميع الأطراف" خلال محادثة هاتفية مع محتالين روس أوائل نوفمبر الماضي، وذكرت أيضاً أننا" اقتربنا من النقطة التي سيفهم فيها الجميع أننا بحاجة إلى مخرج".

كل هذا يعني بداية أشهراً صعبة بالنسبة إلى أوكرانيا، ووفق "بلومبيرغ" فإن التوقعات بقدرة القوات الأوكرانية على البقاء في مقاطعة كورسك الروسية تصل إلى الصفر تقريباً، وكذلك التوقعات بشن هجوم أوكراني مضاد في بداية الشتاء منخفضة لأن كييف ضحت بقواتها النخبوية في احتلال موقت لجزء من مقاطعة كورسك، كما من المرجح أن يؤدي تغير الطقس إلى زيادة عرقلة الحركة العسكرية الأوكرانية.

وتشعر كييف بالقلق من أن البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا ستتعرض مرة أخرى لضربة قوية خلال الشتاء، إذ تقوم القوات الروسية بتخزين الصواريخ وتنتظر حلول الطقس البارد لمهاجمة شبكات الكهرباء الأوكرانية، وهناك مخاوف من أن الهجمات الضخمة يمكن أن تخترق الدفاعات الجوية الأوكرانية حتى مع توفير الأنظمة الإضافية لها.

لكن روسيا في ظروف حرب طويلة ترى أن الزخم يتغير لمصلحتها، وتقول مصادر مطلعة في موسكو لـ "اندبندنت عربية" إن "أمام بوتين خياران: إما الاستمرار في اتباع خططه من أجل إنهاك خصمه وحلفائه، أو محاولة تنفيذ هجوم كبير جديد مطلع الربيع المقبل، ومع ذلك فإن الخيار الثاني من المرجح أن يتطلب منه الإعلان عن خطوة لا تحظى بشعبية ومنها التعبئة العامة لنحو 500 ألف شاب".

وربما لم يفكر زيلينسكي بعد في إستراتيجيته التفاوضية في ما يتعلق بمحادثات السلام، ومع ذلك تشير استطلاعات الرأي إلى أن أقلية صغيرة ولكن متزايدة من الأوكرانيين تعتقد أن التنازلات الإقليمية لروسيا قد تكون ثمناً لا مفر منه للسلام، فأوكرانيا تشعر بخيبة أمل لأن بعض الحلفاء لم يدركوا تماماً حجم القوات الروسية وقوة تسليحها، وقللوا من قوة الخطوط الدفاعية الروسية مما أدى إلى حدوث اختراقات غير قليلة في جبهة دونباس.

أوكرانيا تستجدي الأسلحة بالدماء

ضعف أوكرانيا العسكري يمكن تفسيره بصيغة بسيطة وهي "نقص المقاتلين إضافة إلى نقص الذخيرة"، ووفقاً للجنرالات الروس فإن هاتين الظاهرتين مرتبطتان بصورة قد لا تبدو واضحة للوهلة الأولى، وعندما علق الكونغرس الأمريكي مبيعات الأسلحة لمدة ستة أشهر بدءاً من أكتوبر 2023، اضطرت أوكرانيا إلى إلقاء الضوء على المشكلة، و"عندما لم تكن لديها قذائف استخدمت مزيداً من المشاة في الجبهة لوقف الاختراق" مما يعني خسارة كثير من الجنود ذوي الخبرة، وأدى فشل برنامج التعبئة في أوكرانيا إلى تفاقم هذه المشكلات، ويعتقد هؤلاء أن أوكرانيا فقدت بالفعل عدداً أكبر من الجنود خلال العام الحالي مقارنة بالأشهر الـ18 السابقة.

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI