جرت سلسلة اجتماعات أولية حول أوكرانيا الخميس في باريس شارك فيها أميركيون وأوروبيون وأوكرانيون قبل اجتماع جديد في لندن، بينما تتعثر مفاوضات وقف إطلاق النار التي بادرت إليها واشنطن ويريد الأوروبيون فرض موقفهم فيها.
وقال وزير الخارجية الفرنسية جان نويل بارو "الجديد (…) هو أن الولايات المتحدة وأوكرانيا والأوروبيين اجتمعوا اليوم في باريس حول طاولة واحدة" للبحث في سبل تحقيق "سلام عادل ودائم"، فيما يخشى الأوروبيون منذ أسابيع تهميشهم في المفاوضات.
وأكد في ختام يوم من المفاوضات المكثفة أن "هذه المباحثات المفتوحة والصريحة جدا أتاحت تحفيز تفكير الأوروبيين والأوكرانيين والأميركيين الذين اتفقوا على الاجتماع الأسبوع المقبل في لندن لمواصلة المباحثات" بهدف وقف إطلاق النار "الذي نأمل بأن توافق عليه روسيا بدورها".
ورحبت الرئاسة الفرنسية بـ"التبادل الممتاز" بشأن ملف أوكرانيا والذي "سمح بالاتفاق" على هدف تحقيق "سلام متين" بين كييف وموسكو بعد أكثر من ثلاث سنوات من الغزو الروسي لأوكرانيا.
ورأى قصر الإليزيه أن وقف النار يجب أن "يستند إلى الوضع كما هو" على أن تؤخَذ في الاعتبار الأراضي الأوكرانية "التي تحتلها روسيا".
وكان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو كتب في تغريدة "جئنا إلى باريس بهدف واحد: إيجاد حلول ملموسة لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا. ووقف حمام الدم العبثي".
ومن كييف، اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف الموجود في باريس مع روبيو، بـ"تبني الاستراتيجية الروسية".
وبينما كان مساعده أندري يرماك ووزيران حاضرين في العاصمة الفرنسية، دعا الرئيس الأوكراني إلى "الضغط" على الكرملين "لإنهاء الحرب وضمان سلام دائم".
ونددت موسكو على لسان المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف برغبة الأوروبيين في "مواصلة الحرب". واتهم مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "العديد من الدول" بمحاولة تعطيل الحوار الثنائي المتجدد بين موسكو وواشنطن.
في هذا المناخ المتوتر، وبينما لا تزال الحرب مستعرة على الأرض، مع مقتل 12 شخصا في الضربات الروسية في أوكرانيا الخميس، تُعقد الاجتماعات في باريس.
وإضافة إلى الأمريكيين شارك أيضا وفد أوكراني ضم وزير الخارجية أندري سيبيغا ومستشارين أمنيين بريطانيين وألمان، في اجتماعات عدة في باريس.
وتحدث الرئيس إيمانويل ماكرون مع زيلينسكي بعد الاجتماعات.
وأجرى روبيو اتصالا هاتفيا بنظيره الروسي سيرغي لافروف الخميس لإبلاغه بفحوى مناقشات باريس، مؤكدا أن "السلام ممكن" إذا أبدى كل الأطراف التزاما بالتوصل إلى اتفاق.
من جهتها شددت الرئاسة الأوكرانية على "أهمية الجانب الإنساني، ولا سيما عودة الأطفال الأوكرانيين المهجرين الى روسيا قسرا وإطلاق سراح أسرى الحرب والرهائن المدنيين".
لدى وصولهما صباح الخميس إلى باريس، تم استقبال روبيو وستيف ويتكوف، محاور الرئيس فلاديمير بوتين في مفاوضات وقف إطلاق النار، في قصر الإليزيه حول "غداء عمل" مع ماكرون ووزير الخارجية جان نويل بارو "للبحث في مفاوضات السلام الرامية إلى وضع حد للعدوان الروسي على أوكرانيا" بحسب الرئاسة الفرنسية.
وقال المصدر نفسه إن الرئيس الفرنسي تحادث هاتفيا في وقت سابق مع زيلينسكي.
ومن المقرر أيضا أن يجتمع المسؤولان الأميركيان بعد الظهر مع يرماك ومستشارين في الأمن البريطاني والألماني لم يعلن مسبقا عن وصولهم.
ويلتقي روبيو بعد ذلك نظيريه الفرنسي والبريطاني ديفيد لامي.
"خط أحمر"
تأتي الرحلة الثالثة لروبيو إلى أوروبا في وقت تُراوح المفاوضات التي أطلقتها إدارة ترامب توصلا إلى هدنة في الصراع الأوكراني مكانها.
وبضغط من واشنطن التي أجرت تقاربا مع موسكو، وافقت كييف على وقف غير مشروط للمعارك لمدة 30 يوما، وهو ما تجاهلته روسيا.
التقى ستيف ويتكوف الرئيس الروسي للمرة الثالثة مطلع الشهر الجاري. وقال الاثنين إن المباحثات كانت على وشك إحراز تقدم.
وفي موازاة تقارب إدارة ترامب مع موسكو، شكلت باريس ولندن "تحالف متطوعين" يضم حوالى ثلاثين دولة حليفة لأوكرانيا لإنشاء “قوة طمأنة” تهدف إلى ضمان وقف محتمل لإطلاق النار ومنع أي هجمات جديدة روسية.
لكن وجود كتيبة عسكرية متعددة الجنسيات في حال تحقيق السلام الذي ترغب فيه كييف، خط أحمر بالنسبة إلى موسكو.
وفي أوكرانيا، لا يزال القتال مستمرا. وأدى قصف روسي الأحد على مدينة سومي الأوكرانية (شمال شرق البلاد) إلى مقتل 35 مدنيا على الأقل.
وليل الأربعاء الخميس أدى “هجوم ضخم بمسيرة روسية” إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 30 آخرين في دنيبرو (شرق)، بحسب الحاكم المحلي.
وفي اليوم نفسه، قُتل 12 شخصا في هجمات نفذتها موسكو في العديد من المواقع في أوكرانيا، بحسب مصادر إقليمية أوكرانية.
وقال بارو الأربعاء إنه مع قصف سومي "أظهر فلاديمير بوتين مرة أخرى أن وحشيته لا حدود لها، وأنه لا ينوي وقف إطلاق النار رغم موافقة أوكرانيا عليه منذ أكثر من شهر، وبالتالي علينا إرغامه على ذلك".
وسط هذه التطورات أعلنت كييف الخميس أن الولايات المتحدة وأوكرانيا وقّعتا "إعلان نوايا" للمضي قدما نحو اتفاق يتيح لواشنطن استخدام موارد طبيعية أوكرانية ومعادن نادرة.
وفيما يزور روبيو باريس، يجري وزير الجيوش الفرنسي سيبستيان لوكورنو مباحثات الخميس في واشنطن مع وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث.