7 يوليو 2024
2 يونيو 2024
يمن فريدم-أحمد الأغبري
البنك المركزي اليمني- عدن


في الوقت الذي تتسارع فيه جهود الوساطة العُمانية لاستئناف المفاوضات من خلال عقد لقاء في مسقط يتم خلاله قطع خطوة متقدمة باتجاه ملف التسوية، صعّدت الحكومة المعترف بها دوليًا من قراراتها ضد القطاع المصرفي في مناطق سيطرة جماعة "أنصار الله"؛ وذلك من خلال إصدار قرارين زادا من تعقيد الوضع، وأسهما في تعميق الانقسام السياسي والاقتصادي القائم منذ قرار نقل إدارة البنك المركزي لمدينة عدن.

وقضى القراران، الخميس، بسحب العملة النقدية القديمة المطبوعة قبل عام 2016؛ وهي المتداولة في مناطق سيطرة الجماعة، وإيقاف التعامل مع ستة بنوك: بنك التضامن وبنك اليمن والكويت، وبنك اليمن الدولي، وبنك الكريمي، وبنك الأمل، وبنك اليمن البحرين الشامل، بعد انتهاء المهلة الممنوحة لها لنقل مراكزها الرئيسية إلى عدن؛ وهو ما رفضته البنوك وأصرت على البقاء في صنعاء.

وردًا تصعيديًا على قراري البنك المركزي في عدن أصدر البنك المركزي في صنعاء، مساء الجمعة، قرارًا قضى بحظر التعامل مع 13 بنكًا من البنوك المرخص لها في مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها.

ومن شأن هذه القرارات أن تُمعن في توسيع الفجوة السياسية بين الطرفين؛ لأنها تأتي في ظل موقف دولي متطرف ضد "أنصار الله" بسبب هجماتها البحرية، وفي مقدمة هذه المواقف يبرز موقف الولايات المتحدة الأمريكية، التي بلا شك تدعم القرارات الصادرة عن البنك في عدن، والتي جاءت بالتزامن مع تصريحات للسفير الأمريكي لدى اليمن، ستيفن فاغن، في معهد واشنطن للدراسات السياسية.

وقال السفير الأمريكي، إن "الحكومة اليمنية لن توقع اتفاقية سلام يكون للحوثيين الكعب الأعلى فيها، من خلال استمرار حصولهم على الأسلحة، والصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، هذا الأمر مستحيل، لن نستطيع تحقيق سلام حقيقي بهذه المعادلة" في إشارة إلى موقف واشنطن الواضح من عملية السلام وخريطة الطريق التي كان الطرفان على وشك التوقيع عليها مع بداية السنة الحالية.

وأضاف "خريطة السلام التي قدمتها المملكة العربية السعودية للأمم المتحدة ليست اتفاقية بما تعنيه الكلمة الأولى في طريق طويل للوصول للحل. هذه الخريطة إذا ما كنا واقعيين لن تكون قابلة للتطبيق على المدى القريب، بالنظر لنوايا الحوثي ودوافعه، وبالنظر أيضًا لتعقيدات هذا الصراع، لذلك يجب علينا عدم التسرع، وكذلك أن لا نبني احتمالات غير واقعية".

وذهب للقول "إننا بعيدون عن تحقيق ذلك الحل الجذري، ولكننا نعمل على بناء نوع من الترتيبات الانتقالية، من خلال خلق خطوات لتسيير عملية السلام".

وهنا يظهر الموقف الأمريكي واضحًا من عملية السلام في اليمن، والتي كانت واشنطن داعمة لها قبل تشرين الثاني/نوفمبر، أي قبل بدء الحوثيين هجماتهم على "السفن المرتبطة بإسرائيل أو المتجهة إلى موانئها" وذلك "تضامنًا مع غزة" التي تتعرض لعدوان إسرائيلي بدعم أمريكي منذ السابع من تشرين الأول/اكتوبر.

وأعلنت الولايات المتحدة في 17 كانون الثاني/ يناير إدراج جماعة "أنصار الله" في قائمة المنظمات الإرهابية، في محاولة لدفع الجماعة لوقف هجماتها في البحر الأحمر.

وبالإضافة إلى تشكيل تحالف "حارس الازدهار" لحماية الملاحة في البحر الأحمر تشنّ واشنطن ولندن منذ 12 كانون الثاني/ يناير الماضي هجمات صاروخية وغارات جوية على ما تقولان إنها أهدافًا للحوثيين في اليمن.

على صعيد لقاء مسقط المرتقب فهذه التطورات في حرب البنوك، بلاشك، ستقطع الطريق على التئامه؛ لأنها عمقت الانقسام الاقتصادي في واقع سياسي منقسم؛ ما يعني تأجيل استئناف التفاوض السياسي إلى أجل غير مسمى، بما فيها خريطة الطريق، في حال كانت مسقط قد حققت تقاربًا باتجاه انعقاد اللقاء في الأسابيع القليلة الماضية.

الصحافي الاقتصادي، عبدالحميد المساجدي، قال إنه لا يمكن اعتبار ما يجري من صراع اقتصادي في جانبه المصرفي بعيدًا عن الملفات السياسية والأمنية.

وقال لـ"القدس العربي"، "في الوقت الذي كان ينبغي المضي نحو خريطة طريق وتطبيق إجراءات بناء الثقة في شقيها الإنساني والاقتصادي، صعد الحوثيون في البحر الأحمر وتدخلت الولايات المتحدة وبريطانيا بتحالف ثنائي للقيام بعمليات عسكرية تسهم في تأزيم الأوضاع في المنطقة رغم فشلها في منع التصعيد بالإضافة إلى تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية".

وأضاف: "البنك المركزي (في عدن) يستند في قراراته إلى القرار الأمريكي بتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية من حيث خطورة استمرار عمل البنوك في منطقة تسيطر عليها الجماعة. وقد لقيت خطوة سك الحوثيين عملة معدنية ردة فعل سريعة من الولايات المتحدة".

وتابع: "يهدف البنك المركزي من قراراته السيطرة على السياسة النقدية في كامل مناطق الجمهورية اليمنية وحماية القطاع المصرفي حسب ما يعلن محافظ البنك، ولكن إذا استطاعت هذه القرارات إجبار الحوثيين على العودة لطاولة الحوار من جديد لتحييد الاقتصاد عن الصراع، فقد نجحت فيما عجز الساسة والمجتمع الدولي في تحقيقه".

وقال إن "هذه الخطوات ربما تقطع الطريق أمام خريطة السلام التي كانت توضع لمساتها الأخيرة قبل التصعيد في البحر الأحمر، والتي كانت تمضي عكس الإرادة الأمريكية".

واعتبر مراقبون أن المتضرر الأول من "حرب البنوك" هو المواطن، وقبل ذلك وبعده فالحرب العسكرية قد قسّمت اليمن سياسيًا، وأصبح البلد حاليًا مع استمرار التصعيد الاقتصادي منقسما مصرفيًا وبشكل رسمي؛ وبالتالي فهذه القرارات ستزيد من تعقيد الوضع السياسي؛ وأصبح من الصعوبة معها استئناف مفاوضات التسوية في القريب؛ وكأن هناك من يعمل، من خلال بيادق السلطات المتعددة هناك، على تعقيد مسار التسوية في هذا البلد القصي في جنوب جزيرة العرب.

والسؤال: ماذا بعد منع البنك المركزي في عدن التعامل مع بنوك صنعاء ومنع البنك المركزي في صنعاء التعامل مع بنوك عدن؟ لقد صار اليمن في وضع منقسم ماليًا ومصرفيا واقتصاديا بعد ما صار منقسما سياسيًا؛ فالبنوك صارت حاليًا منفصلة في بلد يوجد فيه بنكان مركزيان وعُملتان وسعرا صرف؛ بمعنى لم يبق إلا السير نحو تحلل البلد إلى أسوأ مراحل الصوملة.

(القدس العربي)

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI