16 يونيو 2024
22 مايو 2024


في هذه اللحظة، هل كان أحد العليين يضمر شرًا للآخر؟ دعكم من الشعب، فإنه يسبق القيادات في القرارات الحاسمة للمصير.

الشعب وحدوي للغاية، وكان الشعب في الجنوب أكثر تواقًا وإخلاصًا للوحدة كونه اكتوى بنار السلطنات والتشرذم وعاش وحدة حقيقية. بخلاف الشعب في الشمال، لم يعرف التشرذم وظل يكتوي بنار العنصرية الإمامية الكهنوتية، ليأتي إعلان قيام الجمهورية اليمنية بهجة لقلوب شعبين يعدان من أهم شعوب المنطقة التواقة لغد أجمل.

ظلت هذه الصورة خالدة في مخيلة أجيال طارت مع الآمال الكبيرة لوطن كبير. السلطات الدينية والسلطات القبلية التفت حول السلطة الماكرة التي فضلت الاستحواذ على الثروة والنفوذ، سولت لها نفسها كثيرًا لتدهس أحلام الشعب الذي كان يفصل بينهم برميل حديد تم دهسه بكل محبة، ليحول دون ذلك براميل الاستحواذ والهيمنة، وتعرض الشعب لخديعة لا يعرف مصدرها.

قامت حرب ظالمة أقصت أحلام الشعب جانبًا ودهست على الشراكة في بناء وطن واحد، وتاه اليمنيون في جمهوريتي اليمن العربية واليمن الديمقراطية بين طموح قيادات لا تدري ماذا تريد بالضبط.

هل كان من الصواب إقصاء الشركاء؟ ولماذا جاء هذا الإقصاء؟ بل تعدى الأمر إلى التصفيات يا قوم، فمن كانوا قيادات في دولة قضت على حكم السلطنات أصبحوا هدفًا إما للاغتيالات والتصفيات أو الهروب والغدر أو الإقصاء جراء حرب ظالمة بكل المقاييس.

تداخلت الآراء وتاه الشعب طويلًا، وعلت الرايات بين من يفكر بعقلية المنتصر ومن يفكر بعقلية المنتقم، وتضاربت الآراء وارتفعت أصوات لم يعد الشعب يصدقها، وظل متمسكًا بوحدة الأرض والإنسان، وهو الأمر الذي كان غائبًا لدى مراكز النفوذ.

تطورت الأحداث ووصل الشعبان إلى ثورات ومسيرات ومظاهرات وأعمال شغب نتجت عنها مؤتمر الحوار الوطني. وأترك هنا الحديث للدكتور عبدالله لملس، الذي أكثر ما لفت انتباهي هو صراحته، إذ قال بوضوح أن مشكلتنا مع مراكز النفوذ يا قوم.

نعم، مراكز النفوذ في الشمال والجنوب، هي من تحول دون طموحات هذا الشعب العظيم. شعب في الشمال وشعب في الجنوب لا ينوي إلا مزيدًا من التلاحم بخلاف مراكز الغل والاستغلال. يخبرنا الدكتور لملس الذي فضل عدم الحديث عن كارثة صيف 94، ليقول لكم إن نفس المشكلة التي واجهت الشعبين في 94 هي نفسها التي واجهتهم بعد 2013، وانقلبت على مؤتمر الحوار الوطني كما انقلبت على اتفاقية الوحدة الاندماجية.

يخبرنا أنه لا يجب أن نذهب بعيدًا، وأنه يتوجب علينا أولاً القضاء على مراكز النفوذ المعنية كي تزول آثار الظلم الذي وقع، ويكون هناك اعتذار شامل لأخطاء وكوارث القادة الذين ركضوا وراء العواطف بعيدًا عن بناء وحدة حقيقية بين شعب محمي بقوة تمنع مراكز النفوذ من استغلال طموحات الشعوب لصالح طموحات القيادات الانتهازية.

الكلام التالي بين قوسين للدكتور عبدالله لملس، أجدني متفقًا عليه كما لو أنه كلام مقدس ودستور حياة:
(‏بمناسبة الذكرى 34 للوحدة اليمنية: الوحدة الاندماجية عام 1990 صححناها في مؤتمر الحوار الوطني الشامل عام 2013 وحولناها إلى وحدة اتحادية (وحدة وكل وحدة). إلا أن مراكز النفوذ شمالًا وجنوبًا التي تعودت السيطرة على السلطة والثروة لم يعجبها ما تم التوافق عليه وطنيًا وعطلوا ما بنيناه).

خلاصة الكلام، توجب على الشعب الوقوف بوجه هذه المراكز بكل قوة إذا لا يزال يفكر بوحدة الشعب والإنسان، وإلا فإن كل الحلول المؤقتة لا تفضي إلى حل، بينما هذه المراكز تعيش على الانتهازية وحب النفوذ، رامية بطموحات الشعب تحت الأقدام.

(من صفحة الكاتب عبر فيس بوك)


 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI