21 نوفمبر 2024
30 سبتمبر 2024
يمن فريدم-الشرق الأوسط


شَكَت مصر مجدداً من تراجع عائدات قناة السويس، إثر استمرار التوترات في منطقة البحر الأحمر، مما أثار تساؤلات بشأن قدرة القاهرة على تعويض نزيف الخسائر الدولارية مع ازدياد الاضطرابات الإقليمية.

وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من أكاديمية الشرطة، الأحد، إن بلاده "فقدت ما بين 50 و60%، من دخل قناة السويس، بما قيمته أكثر من 6 مليارات دولار خلال الأشهر الثمانية الماضية".

ووفق خبراء تحدثوا لـ"الشرق الأوسط" فإنه "لا بديل عن إنهاء الصراع في المنطقة لتعويض خسائر قناة السويس"، كما اقترحوا "استطلاع آراء الشركات الكبرى بشأن سد تخفيف مخاطر الملاحة المحتملة، لا سيما مع توقعات بامتداد أمد الحرب".

وتصاعدت التوترات في منطقة البحر الأحمر، نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مع استهداف جماعة الحوثي اليمنية، السفن المارة في الممر الملاحي، "رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة". ودفعت تلك الهجمات شركات شحن عالمية إلى تغيير مسارها متجنبةً المرور في البحر الأحمر، مما كان له تداعيات على الاقتصاد وحركة التجارة العالمية.

وسبق أن أشارت القاهرة مراراً، وفي أكثر من مناسبة، إلى تراجع عائدات قناة السويس. وقال رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، في يوليو/ تموز الماضي، إن «بلاده تخسر ما بين 500 و550 مليون دولار شهرياً، بسبب توترات البحر الأحمر".

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وبلغت إيراداتها العام الماضي 10.3 مليار دولار، حسب الإحصائيات الرسمية. لكنَّ هذه العائدات شهدت تراجعاً في الشهور الأخيرة، بسبب توترات البحر الأحمر، حيث انخفضت حصيلة رسوم المرور في قناة السويس بمعدل 7.4%، لتسجل 5.8 مليار دولار، مقابل 6.2 مليار دولار في الفترة بين يوليو/ تموز الماضي ومارس/ آذار من العام الحالي.

يؤكد الأمين العام لاتحاد الموانئ البحرية العربية، اللواء عصام الدين بدوي، لـ"الشرق الأوسط"، أنه "لا بديل عن استعادة الاستقرار الإقليمي ووقف الحرب في غزة لاستعادة حركة الملاحة في قناة السويس"، مشيراً إلى أن "شركات الشحن لديها مخاوف من التعرض لهجمات حال مرورها في البحر الأحمر، وبالتالي يتجه معظمها لتحويل المسار حتى وإن كانت التكلفة أكبر".

واتفق معه الخبير الاقتصادي الدكتور مدحت نافع، وقال لـ"الشرق الأوسط" إنه "منذ بدء حرب غزة كان متوقعاً أن تتأثر الملاحة في قناة السويس، لا سيما مع بدء هجمات الحوثي ضد السفن المارة في البحر الأحمر"، مشيراً إلى أنه "كان يجب توقع الأزمة، ووضع سيناريوهات للتعامل معها من بينها تخفيض الرسوم لتشجيع بعض الشركات على العبور في القناة، في ضوء حسابات المخاطر والتكلفة".

لكنَّ نافع أكد في الوقت نفسه أن "التخفيضات قد تؤتي نتيجة مع بعض شركات الشحن التي تضع التكلفة في المقدمة، لكنَّ الأمور المتعلقة بالسلامة والأمن والتي تهم شركات الشحن الكبرى لن تفلح سياسة التخفيضات في مجابهتها".

وشهدت الفترة الماضية اتصالات مصرية مكثفة، مع شركات الشحن، أو قادة المجتمع الدولي لوضع حد لتوترات البحر الأحمر، كما أعلنت هيئة قناة السويس حوافز تسويقية وتخفيضات، لتنشيط حركة الملاحة وتجاوز تداعيات تراجع الإيرادات.

وتحدَّث رئيس الهيئة الفريق أسامة ربيع، عن "اعتماد الهيئة استراتيجية مرنة وخطة تسويقية للحد من التداعيات"، كما أعلنت القناة "توفير حزمة من الخدمات البحرية والملاحية الخاصة مثل خدمات الإنقاذ البحري وخدمات صيانة وإصلاح السفن".

ويرى نافع أن "اللقاءات الفردية والخطط التسويقية لن تضع حداً لنزيف الخسائر ما دامت الاضطرابات الإقليمية مستمرة". لكن في الوقت نفسه يقترح "استطلاع آراء شركات الشحن الكبرى بشكل علمي لوضع تصور لمصفوفة المخاطر التي تواجههم، وسبل طمأنتهم، لا سيما مع اجتماعات زيادة سخونة الصراع في المنطقة".

وقال نافع: "قد يتطلب الأمر فرض تخفيضات في رسوم عبور القناة، أو التأمين على سفن الشحن، أو حتى التأمين المادي لعبور الحاويات في البحر الأحمر"، مضيفاً أن "كل ما سبق أمور تنبغي دراساتها بعناية وتقييمها وفق المكاسب والخسائر، لوضع تدابير قد تسهم في الحد من التداعيات وإن لم تقضِ عليها بشكل كامل".

وسبق وتوقع البنك الدولي، في أبريل/ نيسان الماضي، أن "يتسبب استمرار الأزمة في خسائر بنحو 3.5 مليار دولار في العائدات الدولارية لمصر، أي ما يعادل 10 في المائة من صافي الاحتياطيات الدولية في البلاد".

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI