هجرة اليمنيين إلى بريطانيا تعود إلى ما يزيد على 150 عاماً، فبدأت بعد افتتاح قناة السويس المصرية عام 1870، وازدادت بوضوح في ثلاثينيات وخمسينيات القرن الماضي حين كان اليمن جزءاً من "إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس"، لم تكن البدايات سهلة بالنسبة إليهم لأنهم جاءوا إلى بلاد تختلف في لغتها وثقافتها ومناخها وكل شيء آخر، ولكل واحد منهم قصته الخاصة مع الحياة فيما وراء البحار عندما كان يافعاً لكن يملأه الأمل.
يقول رئيس الجالية اليمنية في "ليفربول" شوقي عبدالرحمن عبدالوارث، إن اليمنيين الأوائل جاءوا إلى المملكة المتحدة بحَّارة أسهموا ببناء وتحريك أساطيلها، فسكنوا مدناً ساحلية أبرزها "ليفربول" في شمال غربي البلاد، وأوضح عبدالوارث في حديث مع "اندبندنت عربية" أن الاندماج مع المجتمع "الليفربولي" لم يكن أمراً صعباً لأنه كان مرحباً وغير عنصري، والناس فيه يحبون التعرف إلى الثقافات المختلفة والمهاجرين الأجانب.
تلت تلك الحقبة موجة هجرة أثارتها معارك دولتي الشمال والجنوب نهاية السبعينيات وأخيراً حرب 2014، ولكن المهاجرين الجدد وجدوا أجداداً وآباء انتظموا في المجتمع البريطاني وبات بجعبتهم ما ينصحون به لجعل رحلة الاندماج أسهل.
حين حطوا على اليابسة بشكل دائم خاضوا غمار الصناعة واستقروا في مناطق صناعية مثل "برمنغهام" التي تجمع اليوم على أكبر جالية يمنية، وفي حديث مع "اندبندنت عربية" يقول رئيس الجالية أحمد البكري إن العمل في الصناعات الثقيلة والأعمال اليدوية لم يكن سهلاً، فالإنسان اليمني الذي كان يعمل في الزراعة وصيد الأسماك وأعمال مختلفة وجد نفسه أمام أنشطة تتطلب ساعات طويلة من الجهد تحت وطأة حرارة شديدة لصهر الحديد والصلب وإنتاج سيارات وأسلحة ومنتجات أخرى اشتهرت بها بريطانيا حينها.
مع مرور الوقت اتسع حضور الجالية وخاض أفرادها في جميع قطاعات العمل ومجالات الدراسة، ووفقاً لتقديرات مختلفة قارب تعداد المهاجرين من أصل يميني 80 ألفاً بداية الألفية، فقدموا لبريطانيا الرياضي والشاعر والأكاديمي والتاجر والصناعي ووصلت منهم أول امرأة لأب وأم عربيين إلى برلمان لندن في الرابع من يوليو/ تموز 2024.
وفق رئيس "النادي العربي" في ليفربول نجيب الحكيمي، فإن المهاجرين حرصوا على زرع الهوية اليمنية بأولادهم، ولفت في حديث مع "اندبندنت عربية" إلى أنه وغيره من أبناء الجالية دأبوا على إشراك أولادهم وأحفادهم في الأعراس والاحتفالات والمناسبات اليمنية في المدينة، وسعوا إلى تعزيز الروابط بينهم من جهة وبين الوطن الأم من جهة أخرى.
اليمنيون هم أقدم الجاليات العربية في بريطانيا، واليوم سواء في العاصمة لندن أو مدن عدة غيرها في المملكة المتحدة يمكن بكل بساطة أن تلحظ حضورهم، ولن يصعب عليك أن تجد مكاناً تتذوق فيه وجبة يمنية أو تستمتع بأنغام أغنية شعبية حملوها في حقائبهم.
(اندبندنت عربية)