حذرت تقارير أممية وأخرى دولية من أوضاع أكثر مأساوية على جميع المستويات قد تُهدد خلال الأشهر المقبلة ملايين اليمنيين في عموم المناطق تحت سيطرة الجماعة الحوثية.
في هذا السياق، كشف تقرير دولي مشترك عن انتشار واسع لحالات سوء التغذية الحاد الوخيم بين الأطفال في اليمن، مع تسجيل نحو 90 ألف حالة جديدة خلال الثلث الأول من العام الجاري.
وأوضح التقرير الصادر عن 6 وكالات أممية ودولية لشهر يونيو/ حزيران الجاري، هي: "يونيسف"، والأغذية والزراعة (فاو)، وبرنامج الأغذية العالمي، والصحة العالمية، والبنك الدولي، ومنظمة مشروع تقييم القدرات، أن أكثر من 88.6 ألف طفل دون سن الخامسة في اليمن، جرى إدخالهم إلى المستشفيات نتيجة سوء التغذية الحاد الوخيم، بالفترة ما بين يناير/ كانون الثاني وأبريل/ نيسان من العام الجاري.
ووفق التقرير المشترك، فقد تصدر يناير قائمة الأشهر من حيث عدد الحالات التي جرى إدخالها خلال تلك الفترة إلى المستشفيات للعلاج من سوء التغذية بعدد 32.9 ألف طفل، يليه فبراير (شباط) بالترتيب الثاني بواقع 29.7 ألف طفل، ثم مارس/ آذار الماضي، بنحو 14.2 ألف طفل، وجاء أبريل في ذيل القائمة بنحو 11.8 ألف طفل.
وذكر التقرير أنه ورغم الاتجاه التنازلي في معدلات إدخال الحالات إلى المستشفيات بسبب انخفاض التغطية نتيجة نقص التمويل، فإن مرض سوء التغذية في اليمن لا يزال عند مستويات تُنذر بالخطر.
مناطق الحوثيين هي الأسوأ
وجرى تسجيل أغلب حالات سوء التغذية الوخيم بين الأطفال اليمنيين خلال أبريل الماضي، في المحافظات الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين. وجاءت محافظة الحديدة الساحلية في المقدمة بإدخال نحو 3.5 ألف طفل إلى المستشفيات، تليها محافظة حجة بنحو 1.9 ألف طفل، ثم محافظة إب بنحو 1.3 ألف طفل.
وحسب التقديرات الأممية، فإن نحو 2.3 مليون طفل، أي نحو نصف الأطفال دون سن الخامسة في البلاد، يعانون من سوء التغذية الحاد، بينهم 540 ألف طفل من سوء التغذية الوخيم، و1.8 مليون من سوء التغذية المتوسط، إضافةً إلى نحو 1.4 مليون امرأة حامل ومرضعة يعانين من سوء التغذية، مما يُسهم بدوره في سوء الصحة وانتقال المعاناة من جيل إلى آخر.
ويعيش كثير من هؤلاء الأطفال في مناطق نائية يصعب الوصول إليها، مثل المناطق الجبلية والوديان العميقة في شمال البلاد، حيث يكون الوصول إلى العلاج محدوداً للغاية.
ويؤكد التقرير أنه ومن دون الرعاية المناسبة يُضعِف سوء التغذية جهاز المناعة لدى الأطفال اليمنيين ويعوق نموهم ويحد من إمكاناتهم المستقبلية.
ويُعد تقرير الرصد المشترك تحديثاً يصدر كل شهرين لمراقبة مخاطر أزمة الأمن الغذائي والتغذوي في اليمن، من فريق مشترك يضم أعضاء من 6 وكالات أممية ومنظمات دولية.
تهديد متزايد
في سياق هذه المخاطر التي تهدد اليمنيين أفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بأن اليمن سجَّل أعلى معدلات سوء التغذية على مستوى العالم، خصوصاً لدى الأطفال، مما يشكِّل تهديداً متزايداً لحياة مئات الآلاف منهم.
وذكرت المنظمة أنه لا يزال الوصول إلى الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية في اليمن غير كافٍ بشكل حرج نتيجة الصراع والأزمة الاقتصادية المستمرين، وقد أدى ذلك إلى تفاقم أزمة سوء التغذية بشكل كبير، حيث سجلت أعلى المعدلات على مستوى العالم.
وقالت المنظمة إن الارتفاع الحاد في سوء التغذية يُعزى بشكل رئيسي إلى تفشي الكوليرا والحصبة وأمراض أخرى، فضلاً عن ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي بشكل مستمر، الأمر الذي يؤثر على أكثر من 600 ألف طفل، بمن فيهم 120 ألفاً يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم.
من جهته أفاد برنامج الغذاء العالمي بأن انعدام الأمن الغذائي في اليمن شهِد تدهوراً إضافياً خلال الشهر الماضي، مع إبلاغ نحو ثلثي الأسر عن عدم تمكنها من تلبية احتياجاتها الغذائية، بسبب التحديات الاقتصادية، ونقص التمويل، واستمرار الصراع.
ولفت التقرير إلى ارتفاع معدل استهلاك الغذاء غير الكافي بشكل حاد لدى الأسر اليمنية في عموم البلاد، متجاوزاً مستويات ما قبل شهر رمضان الذي شهد تحسناً نسبياً.
وأوضح البرنامج الأممي أن 65 % من الأسر لم تتمكن من تلبية الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية في جميع أنحاء اليمن في الشهر المنصرم، وبزيادة قدرها 8% عن الشهر السابق له الذي كانت فيه بنسبة 57%.
ويعود تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي بشكل أساسي إلى عدة عوامل رئيسية، من بينها التحديات الاقتصادية المستمرة، وفجوات المساعدات الإنسانية الحرجة الناجمة عن نقص التمويل، ومحدودية أنشطة سبل العيش، والصراع المحلي.