23 يونيو 2025
22 يونيو 2025
يمن فريدم-اندبندنت عربية


مع تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران إثر استهداف واشنطن ثلاثة مواقع نووية إيرانية في فوردو وأصفهان ونطنز، تباينت المواقف الخليجية بين الإدانة والدعوة إلى التهدئة، مقابل تحركات احترازية لرفع مستوى الجاهزية في عدد من العواصم الخليجية. وتتقاطع هذه المواقف عند هدف مشترك، الحؤول دون انزلاق المنطقة نحو مواجهة واسعة النطاق قد تفضي إلى فوضى أمنية غير مسبوقة.

وأصبحت دول الخليج التي تستضيف قواعد عسكرية أمريكية عدة في حال تأهب قصوى اليوم الأحد، مع تنامي المخاوف من اتساع رقعة الصراع بعد الضربات الأمريكية.

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إن القوات الأمريكية "دمرت" المواقع النووية الإيرانية الرئيسة باستخدام قنابل خارقة للتحصينات في الساعات الأولى من صباح اليوم، محذراً طهران من مزيد من الهجمات "الأشد تدميراً" إذا لم تدخل في عملية سلام.

وكانت طهران هددت في وقت سابق باستهداف الأصول الأمريكية في المنطقة، بما فيها القواعد العسكرية، في حال تعرضها لهجوم مباشر.

السعودية بين الإدانة والاحتواء

أعلنت الرياض موقفها الرسمي سريعاً، إذ عبرت وزارة الخارجية عبر بيان عن "إدانة واستنكار" المملكة لانتهاك سيادة إيران، محذرة من انعكاسات الضربة على أمن الإقليم واستقراره.

وجاء في البيان، "تتابع المملكة بقلق بالغ تطورات الأحداث في الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشقيقة، وتدعو إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد، وتؤكد أهمية التوصل إلى حل سياسي يضع حداً للأزمة ويفتح صفحة جديدة لتحقيق الأمن في المنطقة".

بالتوازي، أصدرت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية في السعودية بياناً أكدت خلاله أن "شبكة الرصد الإشعاعي والإنذار المبكر" لم تسجل أية مؤشرات على تسرب إشعاعي في أجواء المملكة أو في دول الخليج، عقب الضربات الأمريكية على منشآت نووية تحت الأرض.

ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدرين مطلعين أن السعودية، وهي أكبر مصدر للنفط في العالم، رفعت مستوى تأهبها الأمني تحسباً لأية تطورات لاحقة.

خطة كويتية لمواجهة التصعيد

وفي الكويت، أعلنت وزارة المالية تفعيل "خطة طوارئ متكاملة" لضمان استمرارية العمليات الحيوية في مؤسسات الدولة، شملت تجهيز الملاجئ في مجمع الوزارات لاستيعاب ما يصل إلى 900 شخص، وتصنيفها بدرجة "سي 4" (C4)، إضافة إلى تأمين مخازن لوجستية للطوارئ.

كما فعّلت الوزارة الأنظمة المالية الرقمية إلى جانب تفعيل خيار العمل عن بعد ضمن بيئة إلكترونية مؤمنة، وتزامن ذلك مع اجتماعات مكثفة بين وزارة المالية والدفاع المدني بهدف رفع مستوى التنسيق وتعزيز الجاهزية العامة تحسباً لأية تداعيات إقليمية.

من جهته أعلن مجلس الدفاع الكويتي استمرار انعقاده في ظل التصعيد الإقليمي.

البحرين تبعد موظفيها من التصعيد

بدورها فعّلت البحرين نظام العمل عن بعد في مؤسسات الدولة بنسبة 70% كإجراء وقائي، مع استثناء الجهات التي تتطلب طبيعة عملها الحضور المباشر.

وأكد جهاز الخدمة المدنية أن القرار يضمن استمرار تقديم الخدمات العامة بأعلى معايير السلامة.

جاء ذلك عقب ساعات من إعلان ترمب تنفيذ ضربات جوية دقيقة استهدفت منشآت نووية إيرانية، في خطوة وصفها مراقبون بأنها قد تفتح الباب أمام رد إيراني مباشر أو عبر الحلفاء الإقليميين.

وأعربت البحرين ضمن بيان رسمي عن "قلقها البالغ" من تطورات الأوضاع في المنطقة عقب الضربات، مؤكدة أهمية ضبط النفس وتغليب الحوار السياسي وداعية إلى وقف فوري للتصعيد واستئناف المسار التفاوضي للحفاظ على الأمن والاستقرار.

من جانبها دعت وزارة الداخلية البحرينية المواطنين والمقيمين إلى عدم إشغال الطرق الرئيسة إلا للضرورة، حفاظاً على سلامة الجميع وإفساحاً للمجال أمام تحركات الفرق الأمنية.

وأوضح جهاز الخدمة المدنية أن القرار يشمل معظم الجهات الحكومية، وتُستثنى منه القطاعات التي تفرض طبيعتها الحضور الشخصي، أو تلك التي لديها إجراءات خاصة في حالات الطوارئ، ويستمر تطبيقه حتى إشعار آخر.

وكانت السلطات البحرينية فعّلت قبل أيام الخطة الوطنية للطوارئ المدنية والمركز الوطني لإدارة الطوارئ، وشرعت في اختبار صفارات الإنذار. كما أقامت 33 مركز إيواء في أنحاء البلاد.

وتعد البحرين مقراً للأسطول الخامس الأمريكي وتستضيف قواعد عسكرية أميركية إلى جانب السعودية والكويت وقطر والإمارات.

الخليج يحذر من الانفجار الكبير

وعلى المستوى الخليجي المشترك، حذر الأمين العام لمجلس التعاون جاسم محمد البديوي من أن استهداف منشآت نووية في إيران يشكل "تهديداً مباشراً لاستقرار المنطقة"، مشيراً إلى أن التصعيد الراهن قد يؤدي إلى نتائج لا يمكن احتواؤها.

ودعا البديوي إلى التمسك بالمسار السياسي وتفعيل القنوات الدبلوماسية، مؤكداً على مخرجات الاجتماع الوزاري الطارئ الذي عُقد في الرياض أخيراً والذي طالب بـ"الوقف الفوري لإطلاق النار وتغليب لغة الحوار على منطق القوة".

الخليج يراقب الإشعاع.. ولا قلق حتى الآن

وفي خطوة لطمأنة الرأي العام، أكدت الأمانة العامة لمجلس التعاون أن "مركز إدارة الطوارئ" التابع لها يواصل مراقبة المؤشرات الإشعاعية في دول المجلس بصورة دقيقة، بالتنسيق مع الجهات الوطنية المختصة.

وأوضح المركز أن القراءات البيئية الحالية "لا تشير إلى مستويات إشعاعية مقلقة" وأن البيانات المتوافرة حتى الآن تقع ضمن النطاق الآمن.

وشددت الأمانة على استمرار المراقبة اليومية والتنسيق مع الجهات المعنية، استعداداً لأية تطورات مفاجئة قد تطرأ على الوضع الإشعاعي.

سياق إقليمي محفوف بالأخطار

ويأتي هذا التصعيد في وقت إقليمي معقد، إذ لم تعُد المواجهة محصورة في التوتر الأميركي – الإيراني، بل تشابكت مع نزاع نشط بين إيران وإسرائيل، يتخذ طابع الهجمات المتبادلة داخل العمق وعلى الحدود.

وعلى رغم تفاوت أدوات الاستجابة الخليجية، فإن المواقف الرسمية تتوحد عند نقطة أساسية، الدعوة إلى التهدئة وتفادي الانزلاق إلى حرب شاملة والتركيز على حماية الاستقرار الإقليمي.

وقال الباحث في شؤون الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية حسن الحسن إن "التدخل الأميركي المباشر يعد نقطة تحول خطرة، وقد يجرّ دول الخليج، ولا سيما البحرين والكويت وقطر التي تستضيف منشآت أميركية، إلى قلب المواجهة".

وأضاف أن خطر اندلاع نزاع مفتوح بين واشنطن وطهران بات واقعاً ملموساً، مع ما يحمله من احتمال لانفجار إقليمي واسع النطاق يصعب احتواؤه.
 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI