بحسب تقارير البنك الدولي فإن الاقتصاد اليمني استمر في الانكماش في عام 2021، متأثراً بعدم استقرار الاقتصاد الكلي، وتصاعد الأعمال العدائية، والأمطار الغزيرة والفيضانات، التي ألحقت أضراراً بأماكن الإيواء والبنية التحتية، ودمرت سبل كسب العيش، وسهلت انتشار أمراض مثل الكوليرا. وظل حجم إنتاج النفط أقل كثيراً من مستويات ما قبل الصراع، وهو ما تعتمد عليه البلاد إلى جانب المساعدات الإنسانية والتحويلات المالية من خارج البلاد.
على الرغم من التحسينات الطفيفة التي شهدتها السنوات الأخيرة، وظل النشاط الاقتصادي يعاني من الأعمال العدائية، وتوقف الخدمات الأساسية (الكهرباء والاتصالات)، والنقص الحاد في المدخلات، وهو ما تفاقم بسبب الازدواج الضريبي والتشوهات الناجمة عن قرارات السياسة غير المنسقة من قبل السلطتين.
تسببت الحرب في أوكرانيا في زيادة أسعار السلع الأساسية، مما زاد من التهديدات التي تواجه اليمنيين في الوصول إلى الغذاء في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتردية بالفعل.
من المتوقع أن يتباطأ النمو العالمي إلى ثالث أضعف وتيرة له في نحو ثلاثة عقود، وهو ما لا يفوقه سوى الركود العالمي الذي حدث في عامي 2009 و2020.
ومن المتوقع أن يظل نمو الاستثمار في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية أقل من متوسط معدله في العقدين الماضيين.
في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من المتوقع أن يتباطأ معدل النمو إلى 3.5% في عام 2023 وإلى 2.7% في عام 2024.
ووفقا لأحدث تقرير للبنك الدولي عن الآفاق الاقتصادية العالمية فإن معدلات النمو العالمي تتباطأ بشدة في مواجهة ارتفاع معدلات التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة، وانخفاض الاستثمارات، والاضطرابات الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
أما في اليمن لا تزال الأوضاع الاقتصادية في تدهور مستمر، ولا تزال الأزمة الإنسانية الحادة قائمة. ويشكل انقسام القرارات بين الدولتين، وتغيرات الظروف المناخية تهديدا خطيرا للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية بالفعل.
تجربة مستثمر
إلا أن الشاب نجيب الحجي ضرب كل تلك التهديدات عرض الحائط وترك أجمل مدن العالم وعاد إلى صنعاء للاستثمار!
يتحدث نجيب لموقع " يمن فريدم" عن سبب عودته إلى اليمن: "السوق اليمني خام جدا ويحتاج إلى الأفكار التجارية العصرية التي تحل مشاكل المستهلك وتلبي رغباته، وهذا هو أنسب وقت للاستثمار بخلاف ما يتوقعه كثيرون".
قبل عامين ترك نجيب مدينة برن السويسرية بعد اغتراب فيها طيلة 17 عاما، عاد بأفكار تجارية يرغب في تنفيذها داخل صنعاء وبالفعل بدأ، يقول نجيب: "نفذت مطعم يوتيرن وهو مطعم عصري يقدم وجبة البرجر على الطريقة السويسرية وبجودة فاخرة حيث أن الفكرة لاقت قبولا واسعا خصوصا من قبل الأشخاص المهتمين بجودة الأطعمة ونظافة المكان الذي يقدم الوجبة واستطعنا في فترة زمنية قياسية بناء علامة تجارية واعدة. ونسير وفق خطة مدروسة بعناية ويفترض أن تتم عملية التوسع إلى فرع جديد خلال الأشهر القليلة القادمة".
التحديات
أي مشروع يتعرض للمخاطر والتهديدات، إلا أن خبرة سنوات الاغتراب وتخصص نجيب في ريادة الأعمال ساعداه كثيراً في تجاوزها يقول نجيب عن المخاطر: كانت هناك تحديات كثيرة ومازالت مستمرة هنا وهناك ولكننا دائما ما نضع دارسة للمخاطر والتحديات وكيفية التعامل معها. من التحديات الحصول على مواد أولية بجودة عالية تتماشى مع الجودة التي وعدنا بها الزبون. كذلك تدريب العمالة للوصول إلى مستوى يرضي شريحة الزبائن التي نستهدفها وهي شريحة تهتم بأدق التفاصيل وسقف توقعاتها عال جدا.
ويضيف نجيب: "لننجح في مشروع مطعم يوتيرن كان يتوجب علينا الاهتمام بأدق التفاصيل والعمل بكثير من الاحترافية والتركيز على القيم المضافة والميزات التنافسية التي نقدمها وكذا استخدام أدوات التسويق العصرية. واستطعنا تجهيز فريق على مستوى عال يمكن الاعتماد عليه لتسيير العمل وفق معايير عالية وكذا أنظمة رقابية داخلية تساعدنا على الحفاظ على جودة المنتجات التي نقدمها والخدمات في العموم".
بعد مضي أكثر من عام على افتتاح مشروعه يؤكد نجيب لموقع يمن "فريدم" انكماش العوائق مقابل الإصرار على النجاح يقول: لا توجد عوائق محبطة وإنما يمكن وصفها بأنها عقبات لحظية كالأزمات الداخلية في اليمن وأحيانا والركود الاقتصادي العام ولدينا دائما خطط للتعامل معها وأفكار تنشيطية للاستمرار بنفس الزخم.
بلده طيبة
من بين ركام الحرب وسلبية الأرقام التي دائما ما تضع البلاد في أسفل القوائم يوضح الخبير الاقتصادي أحمد شماخ الجوانب الإيجابية في اقتصاد اليمن يتحدث قائلاً: "اليمن تمتلك العديد من الثروات سوى كانت في باطن الأرض أو في ظاهرها أو كانت في البحار على امتداد السواحل اليمنية من غربها وحتى جنوبها".
ويشير شماخ إلى ضرورة اجراء إصلاحات في البنى التحتية قبل الذهاب لهذه الثروات، يقول: "من أجل استغلال هذه الموارد لابد أن نبدأ من البنى التحتية ابتداء من مؤشرات التعليم، مؤشرات الصحة، مؤشرات الخدمات، الكهرباء والماء وإصلاح الطرقات، وكذا مكافحة الفساد الإداري في القطاعات الحكومية لتسهيل إجراءات الاستثمار، وأيضا إيجاد تشريعات تؤمن لهؤلاء المستثمرين أموالهم".
الاهتمام بالإنسان
ويشدد شماخ على ضرورة تقديم رؤى لمختلف القطاعات سوى للقطاع الزراعي أو الصناعي أو الصناعات الاستخراجية والمنجمية، بغرض تنويع الموارد الاقتصادية، بدلا من الاعتماد على النفط فقط، مشيرا إلى أهمية الاستثمار في الموارد الاستخراجية والتي لن تتم إلا من خلال الانسان عبر تأهيله تعليميا والاهتمام بالمبدعين والمبتكرين فسر انطلاق الدول هو التعليم والتي بدأت في تحسين والاهتمام بالتعليم (الفني- المهني- التقني) ما نتج عنه الاهتمام بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة.
ويرى شماخ تبنى مشاريع مختلفة القطاعات من أجل التمكن من اخفاض حجم البطالة في البلاد: عندنا سلع تمتلك نسبية وتنافسية نستطيع تصديرها للعالم في الجهة المقابلة لدينا بطالة وفقر، كيف نبدأ في هذه المشاريع التي يمكنها امتصاص البطالة التي وصلت إلى أكثر من 85% من خلال انشاء مشاريع ذات كثافة عمالية مثل مصانع الاسمنت الالمونيوم وكذلك الاستثمار في الزراعة عن طريق استزراع مناطق كبيرة مثل سهل تهامة، الجوف، القيعان، اب وغيرها.