قال مصدر من الوساطة لرويترز إن المحادثات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مدينة جدة السعودية أحرزت تقدما وإن من المتوقع التوصل إلى اتفاق على وقف لإطلاق النار قريبا.
وفي الشأن الإنساني قال أحد سكان الخرطوم، قدم نفسه باسمه الأول "عمر"، إنه لم يغادر هو ووالده منزلهما منذ اندلاع القتال في السودان في 15 أبريل نيسان، مضيفا أنهما أصبحا يعتقدان أنهما المدنيان الوحيدان الباقيان في الحي.
ويتناول الابن ووالده وجبة واحدة في اليوم أملا في أن تكفيهما إمداداتهما الغذائية الآخذة في التضاؤل لفترة أطول. وقال عمر عبر الهاتف من العاصمة السودانية المحاصرة "بعد ذلك، لا نعرف ماذا سنفعل سوى أن نعيش على الماء والتمر".
وأضاف عمر الذي رفض الكشف عن اسمه بالكامل خوفا على سلامته، إنه بينما فر آخرون، مكث هو ووالده في الخرطوم لأنهما لم يرغبا في مغادرة منزلهما، في منطقة بالقرب من المطار دارت فيها معارك عنيفة.
وترسم روايته للأحداث صورة للوضع البائس الذي يعيشه ملايين ممن يُعتقد أنهم ما زالوا يقيمون في الخرطوم، بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.
صحيح أن عشرات الآلاف من الناس فروا من العاصمة التي كان عدد سكانها قبل الحرب نحو 10 ملايين، لكن معظم السكان قبعوا في منازلهم، إما بسبب خطورة الخروج أو الكلفة الباهظة للفرار من العاصمة، أو لأنهم يفضلون التحصن بمنازلهم.
ويعاني المقيمون من تناقص الإمدادات الغذائية وانقطاع الكهرباء ونقص المياه وضعف الاتصالات. وتقول الأمم المتحدة التي حذرت من وقوع كارثة إنسانية كبرى في السودان إنها تتفاوض من أجل الوصول الآمن للمساعدات إلى الخرطوم.
وقال برنامج الأغذية العالمي إن من المتوقع أن يسقط ما يصل إلى 2.5 مليون شخص في السودان في براثن الجوع. حتى قبل بدء أعمال العنف، كان الملايين في السودان والدول المجاورة يعتمدون على المساعدات بسبب الفقر والصراعات.
وتستهدف محادثات تجري في جدة بالمملكة العربية السعودية إلى ضمان وقف دائم لإطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية.
لكن القتال مستمر في الخرطوم حيث يمكن رؤية طوابير طويلة أمام عدد محدود من المخابز التي ما زالت تعمل.
وقال هاشم (35 عاما)، وهو صاحب نشاط تجاري سابق، إنه لم يتمكن من العثور على الأرز أو المعجنات منذ أسبوع وإن "هناك على الدوام عجزا في شيء ما". وكان سيغادر السودان لكنه لم يستطع لأنه فقد جواز سفره قبل بدء القتال.
ومضى يقول "هناك من لا يملكون المال وهؤلاء لجأوا إلى منازل جيرانهم المهجورة ليأخذوا منها أي طعام يجدونه. أعيش من مدخراتي الخاصة... لكنها ستنفد في النهاية".
ووجد أصحاب الأموال صعوبة في إنفاقها لأن النقد جفت ينابيعه وتوقف عمل التطبيقات المصرفية التي يعتمد عليها كثيرون من السودانيين.
ومع إغلاق معظم المستشفيات، انتشر مسعفون متطوعون في أحياء الخرطوم لمساعدة المحتاجين للرعاية الطبية، ونزل سكان محليون إلى الشوارع للمراقبة في محاولة لمنع النهب.
ويمكن سماع دوي الضربات الجوية وقذائف المدفعية وإطلاق النار حتى في أماكن بعيد عن الخطوط الأمامية مما يمثل عبئا نفسيا على السكان.
وقال أحمد خالد وهو طالب جامعي يبلغ من العمر 22 عاما وما زال مقيما بالخرطوم إن الحياة توقفت تماما، مضيفا "لا نقدر أن نحس حتى بمرور الأيام".