21 نوفمبر 2024
26 مايو 2023
يمن فريدم-وكالة الأنباء الألمانية
البنك المركزي الأوروبي

 

خلال 25 عاماً مرت على تأسيسه، واجه البنك المركزي الأوروبي عدداً كبيراً من المشكلات، نجح في تجاوزها بالفعل لكنه لا يزال في صراع من أجل تحقيق الهدف الأكثر أهمية: استقرار اليورو. فكيف هو حال البنك في ذكرى يوبيله الفضي؟

 

أثبت البنك المركزي الأوروبي في الأعوام الماضية قدرته على التصرف حيث تمكن من اجتياز أزمات مثل الأزمة المالية وأزمة الديون وأزمة كورونا، ولا يزال البنك بعد مضي 25 عاماً على تأسيسه يصارع من أجل تحقيق هدفه المحوري ألا وهو تحقيق استقرار اليورو، العملة الأوروبية الموحدة.

 

"أبطال الأزمة"

 

قبل تسعة أعوام أشادت كريستين لاغارد الرئيس الحالي للبنك المركزي الأوروبي والمدير السابق لصندوق النقد الدولي بمسؤولي البنك المركزي الأوروبي ووصفتهم بأنهم "أبطال الأزمة". وبحكم منصبها الحالي على رأس المركزي الأوروبي أصبحت السياسية الفرنسية نفسها مديرة للأزمات.

 

وتحل في مطلع حزيران/يونيو المقبل الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لتأسيس البنك المركزي الأوروبي وهو يصارع حالياً التضخم المرتفع باستمرار من أجل تحقيق هدفه شديد الخصوصية وهو استقرار اليورو لملايين المواطنين في 20 دولة تطبق العملة الأوروبية الموحدة.

 

بدأ تاريخ البنك المركزي الأوروبي في صيف عام 1998 بالتوصل إلى حل توافقي أوروبي نموذجي وهو عدم إسناد رئاسة البنك المركزي المشترك الجديد والذي يقع مقره في مدينة فرانكفورت الألمانية إلى شخصية من ألمانيا أو فرنسا، وهما أكبر اقتصادين في منطقة اليورو بل تم إسناد هذا المنصب إلى الهولندي فيم دويزنبرغ.

 

وبغض النظر عن الصراع الذي دار على المناصب الكبرى في المصرف، فإن الأوروبيين تمكنوا من خلال تأسيسه من تنفيذ واحد من أهم المشاريع في تاريخهم الاقتصادي بأسلوب عقلاني للغاية.

 

العمل على استقرار اليورو

 

وفي الخامس والعشرين من أيار/مايو 1998 عينت حكومات الدول الإحدى عشرة الأعضاء في منطقة اليورو رئيس البنك المركزي الأوروبي ونائبه والأعضاء الأربعة الآخرين في المجلس التنفيذي للبنك. ودخل تعيينهم حيز التنفيذ بحلول أول حزيران/يونيو 1998 إيذاناً بقيام البنك.

 

وبدوره لم يترك الرئيس التأسيسي للبنك المركزي الأوروبي، دويزنبرغ، مجالاً للشك حول المقصد الذي يعني المؤسسة الوليدة في المقام الأول ألا وهو نيل ثقة المواطنين في أن العملة الموحدة ستكون على نفس درجة الاستقرار التي كان يتمتع بها قبلها المارك الألماني، والفرنك الفرنسي، والغولدن والخولده الهولندية، وغيرها.

 

وكتب دويزنبرغ لمحافظي البنوك المركزية المستقلين في كتب الضيوف لرؤساء البنوك المركزية في دول اليورو:" اليورو عملتكم، وبمقدوركم أن تثقوا في أنه سيحافظ على قيمته".

 

مهمة صعبة جديدة

 

وفي الماضي القريب كان البنك المركزي الأوروبي على موعد مع مهمة صعبة جديدة، وذلك عندما أخذ معدل التضخم في تشرين الأول/أكتوبر 2022 في التسارع ليصل إلى قيمة قياسية بـ 6ر10% وهي قيمة شديدة البعد عن هدف الـ 2% الذي يسعى البنك المركزي الأوروبي إلى تحقيقه على المدى المتوسط من أجل استقرار اليورو. وواجه البنك هذا التطور بسلسلة من رفع لأسعار الفائدة.

 

 ومع ذلك استمر ارتفاع معدل التضخم مدفوعا بالدرجة الأولى بارتفاعات أسعار الطاقة والمواد الغذائية في أعقاب وقوع الحرب الروسية على أوكرانيا، الأمر الذي جعل مسؤولي البنك المركزي يسألون أنفسهم مراراً بشكل نقدي حول ما إذا كانوا تمسكوا لفترة أطول من اللازم بسياسة الأموال الرخيصة التي شملت شراء سندات حكومية بمليارات اليورو بعد الأزمة المالية في 2008/2007.

 

وعلى الصعيد الداخلي، واجه البنك صعوبات تمثلت في وجود خلل في التصميم في وحدة العملة، ويرجع ذلك الخلل إلى أن الأوروبيين طبقوا عملة مشتركة دون أن تكون لديهم سياسة مالية ونقدية مشتركة.

 

"مشكلة هائلة"

 

وكان كبير الاقتصاديين السابق في البنك المركزي الأوروبي أوتمار إيسينغ قال في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 إن عدم تجانس دول اليورو وبالتالي اختلاف مصالحها يمثل مشكلة هائلة بالنسبة للسياسة النقدية المشتركة.

 

ومع أنه لا يتعين على محافظي البنوك المركزية الوطنية أن يمثلوا المصالح الوطنية داخل مجلس البنك المركزي الأوروبي، فإن إيسينج يرى أنه " عندما يلعب شراء السندات الحكومية مثل هذا الدور المهيمن في سياسة البنك المركزي الأوروبي، عندئذ سيصبح من الصعب للغاية تنحية المصالح الوطنية جانباً".

 

وكثيراً ما تعرضت سياسة البنك المركزي الأوروبي لانتقادات ولاسيما من ألمانيا. فعلى سبيل المثال كان فرانك شيفلر المختص بالسياسة المالية في الحزب الديمقراطي الحر الشريك في الائتلاف الحاكم الحالي في ألمانيا قال في صيف :2011" إذا استمر البنك المركزي الأوروبي على هذا النحو، فإنه قريبا سيشتري دراجات قديمة أيضاً ويُصْدِر نظير ذلك أوراقاً نقدية جديدة".

 

وكانت المحكمة الدستورية الاتحادية في ألمانيا نظرت مراراً في قرارات للبنك المركزي الأوروبي، لكن إجراءات التقاضي هذه كانت دائماً ما تأتي بعد أن تكون هذه القرارات خلقت حقائق على الأرض منذ فترة طويلة.

 

وسائل مضادة في مواجهة الأزمات

 

وربما كان الإيطالي ماريو دراغي الذي سبق لاؤغارد في رئاسة البنك المركزي الأوروبي هو أكثر من أظهر على نحو معبر للغاية مدى التأثير الكبير الذي يتمتع به البنك، وكان دراغي وعد في السادس والعشرين من تموز/يوليو 2012 بأن " البنك سيفعل كل ما يلزم من أجل إنقاذ اليورو".

 

 وأضاف:" مهما كلف الأمر". وقد أدى هذا القرار الفوقي القاطع للرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي إلى استقرار منطقة اليورو في أعمق أزمة في التاريخ الحديث للبنك عندما فشلت الحكومات في اتخاذ قرارات سريعة، وهذا ما شهد به لدراغي حتى منتقدوه.

 

وسواء كانت الأزمة هي أزمة مالية، أو أزمة ديون، أو أزمة جائحة كورونا، فإن البنك المركزي الأوروبي الذي عمل كفريق إطفاء أزمات أظهر إبداعا في استخدام الوسائل المضادة في مواجهة مثل هذه الأزمات.

 

وتفنن مسؤولو البنك في إعداد برامج مختلفة لشراء السندات من برنامج (أو إم تي) - المعاملات النقدية الصريحة - وبرنامج (ايه بي بي) - شراء الأصول - وبرنامج (بي إي بي بي) - شراء الطوارئ الوبائية، وأمدوا البنوك بقروض رخيصة وخفضوا سعر الفائدة إلى مستوى قياسي بـ "صفر في المئة" وفرضوا فوائد سلبية على الودائع بالشكل الذي جعل المصارف تشكو من الفوائد العقابية وجعل المدخرين يشعرون بأن ودائعهم عرضة للمصادرة.

 

وها نحن الآن نشهد الصراع مع التضخم ومخاوف العديد من الناس من عدم كفاية ما لديهم من مال لنفقاتهم الضرورية. وأكدت ايزابيل شنابل عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي في الخريف الماضي أن " الناس بمقدورهم الاعتماد على البنك المركزي الأوروبي في عودة التضخم إلى الانخفاض مرة أخرى"، وقالت:" سنؤدي مهمتنا وسنعمل من أجل استقرار الأسعار".

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI