تمركز جنود حفظ السلام التابعون لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، الأربعاء، بهدف الحراسة، أمام مبنى بلدية في شمال كوسوفو، حيث تجمع المئات من المتظاهرين الصرب مرة أخرى، بعد اشتباكات عنيفة، فيما دان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دور بريشتينا في الأزمة.
وقرر الـ"ناتو" إرسال تعزيزات تضم مئات الجنود إلى المنطقة لدعم القوات المنتشرة في إطار وحدة "كفور"، وهي القوة المتعددة الجنسيات التي يقودها الحلف في إقليم بلجراد السابق، بعد اشتباكات أصيب فيها 30 من جنود القوة.
وتجمع مئات المتظاهرين مرة أخرى، صباح الأربعاء، أمام مبنى بلدية زفيتشان، الذي نشرت قوة "كفور" تعزيزات أمنية مشددة في محيطه.
وأفادت مراسلة "فرانس برس"، بأن قوات "كفور" عززت الأمن في محيط مبنى البلدية، ونشرت الأسلاك الشائكة وحاجزاً معدنياً.
ونشر المتظاهرون الذين كانوا هادئين، علماً صربياً ضخماً يبلغ طوله أكثر من 200 متر بين وسط المدينة ومحيط مبنى البلدية. كما علّقوا أعلاماً صربية على الحاجز المعدني الذي أقامته "كفور".
توتر متصاعد
ومنذ أيام، يشهد الوضع توتراً متصاعداً في المنطقة، التي تتعاقب فيها الأزمات منذ سنوات. ولا يعترف العديد من أفراد الجالية الصربية ذات الأغلبية في أربع مدن شمالية، لا يعترفون بسلطة بريشتينا، وهم موالون لبلجراد.
وقاطع الصرب الانتخابات البلدية في أبريل في هذه المناطق تحدياً لبريشتينا. وأسفرت تلك الانتخابات عن انتخاب رؤساء بلديات ألبان بنسبة إقبال تقل عن 3،5%، أشعل تنصيبهم الأسبوع الماضي من قبل حكومة كوسوفو أزمة جديدة.
اشتباكات وإصابات
والأربعاء، تمركزت ثلاث آليات مدرعة تابعة للقوات الخاصة في شرطة كوسوفو، والتي ما زال وجودها يثير استياء العديد من الصرب، تمركزت أمام البلدية.
وطالب المتظاهرون برحيل رؤساء البلديات الألبان، الذين اعتبروا "غير شرعيين"، وكذلك رحيل شرطة كوسوفو.
وأصيب 30 جندياً من "كفور"، الاثنين، في اشتباكات مع متظاهرين صرب أُلقيت خلالها زجاجات حارقة وحجارة، فيما أعلنت بلجراد إصابة 52 شخصاً بين المحتجين.
ماكرون يدين كوسوفو
ودان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء، "مسؤولية" سلطات كوسوفو في تفاقم الأوضاع في هذا البلد.
وقال ماكرون خلال مؤتمر صحافي في براتيسلافا: "من الواضح جداً أن هناك مسؤولية تقع على عاتق سلطات كوسوفو في الوضع الحالي، لأنها فشلت في احترام اتفاق مع أنه كان مهماً وتم إبرامه قبل أسابيع فقط".
وأضاف ماكرون: "قلنا بشكل واضح جداً للسلطات الكوسوفية، إن تنظيم هذه الانتخابات خطأ".
وأعرب ماكرون عن أمله في لقاء المستشار الألماني أولاف شولتز، وزعماء كوسوفو وصربيا في وقت لاحق.
هجمات غير مقبولة
وندد الأمين العام لحلف الـ"ناتو" ينس ستولتنبرج، الثلاثاء، من أوسلو بما وصفه "الهجمات غير المقبولة" وأعلن إرسال تعزيزات إلى كوسوفو بناء على ذلك.
وقال: "قررنا نشر 700 جندي إضافي من قوة الاحتياط لغرب البلقان ووضعنا كتيبة أخرى من قوات الاحتياط في حالة تأهب قصوى".
ورأى ستولتنبرج في مؤتمر صحافي أن "العنف يعيد كوسوفو والمنطقة بأسرها إلى الوراء ويهدد التطلعات الأوروبية الأطلسية".
بدوره، دعا الاتحاد الأوروبي، الذي توسط بين الخصمين السابقين على مدى عقد، دعا الجانبين إلى "نزع فتيل التوترات فوراً ومن دون شروط".
واشنطن تلوم وتهدد
أميركياً، حمّلت الولايات المتحدة الحليف التاريخي لكوسوفو والمدافعة عن استقلالها، رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي مسؤولية الأزمة.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن قرار كورتي بشأن تنصيب رؤساء البلديات "أدى إلى زيادة التوتر بشكل كبير وغير ضروري".
كما استبعدت واشنطن كوسوفو من برنامج التدريبات العسكرية متعدد الجنسيات في أول عقوبة لها على بريشتينا.
وهددت الولايات المتحدة بطريقة غير مسبوقة بإنهاء الدعم الدبلوماسي للاعتراف الدولي بإقليم البلقان المعترف به حالياً من قبل 100 دولة.
حرب كوسوفو
لم تعترف صربيا بدعم من حلفائها الروس والصينيين أبداً بالاستقلال الذي أعلنه إقليمها السابق في عام 2008، بعد عقد من حرب دامية بين القوات الصربية والمتمردين الألبان الانفصاليين.
وانتهت الحرب في كوسوفو التي يقطنها 1.8 مليون نسمة غالبيتهم العظمى من الألبان، في عام 1999 بحملة قصف لحلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة.
ويبلغ عدد أعضاء الأقلية الصربية 120 ألف نسمة ثلثهم يتواجد في شمال كوسوفو. وتطالب بلجراد بتطبيق اتفاق عام 2013، الذي ينص على إنشاء اتحاد من عشر بلديات بأغلبية صربية. لكن العديد من ألبان كوسوفو يخشون تشكيل حكومة موازية تسيطر عليها صربيا.