يواجه "أوبك+" تحديات كبيرة في وقت يجتمع فيه التحالف يوم الأحد للنظر في سياسة إنتاج النفط حتى نهاية العام، حيث تشهد أسعار النفط تراجعات حادة منذ بداية مايو.
خلال تعاملات اليوم الأربعاء هبطت عقود خام برنت لشهر يوليو إلى مستوى 71.5 دولار تقريباً للبرميل فيما انزلق الخام الأميركي لمستوى 67 دولارا للبرميل، لتكون تلك المستويات هي الأدنى منذ بداية مايو الجاري تقريباً، والتي تمثل مستويات ما قبل الحرب الروسية الأوكرانية وتحديداً ديسمبر 2021.
عمل تحالف "أوبك+" على تحقيق استقرار سوق النفط عندما قرر في أكتوبر الماضي خفض الإنتاج بواقع مليوني برميل يومياً بدءً من نوفمبر 2022 وهو ما ساهم بارتفاع الأسعار مؤقتاً قبل أن تتراجع مرة أخرى ويقرر التحالف في نهاية مارس الماضي خفض طوعي إضافي يصل حجمه إلى 1.2 مليون برميل يومياً.
ورغم توقعات زيادة الطلب على النفط في النصف الثاني من العام تأتي البيانات الاقتصادية الضعيفة من الصين صاحبة المركز الأول في استيراد النفط لتلقي بظلالها على الأسعار مرة أخرى، لتضيف أعباء على الطلب الذي يعاني من مخاوف تعرض الاقتصاد الأميركي للركود بسبب معدلات الفائدة المرتفعة والجدل المرتبط برفع سقف الدين والذي تطلب تمريره مبدئياً خفض الإنفاق.
ما بين التحذير والتثبيت
في حين حذر وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان من رهان المضاربين على تراجع أسعار النفط وهو ما فسرته الأسواق باحتمالية خفض جديد للإنتاج، قال ألكسندر نوفاك نائب رئيس وزراء وممثل روسيا في المجموعة أنه لا حاجة للمزيد من خفض الإنتاج متوقعاً وصول أسعار النفط إلى 80 دولاراً للبرميل بحلول نهاية العام.
وفي ظل البيانات الاقتصادية القادمة من الصين اليوم والتي أظهرت ضعف النشاط الاقتصادي خلال مايو، حيث استمر نشاط التصنيع في التراجع مع انخفاض مؤشر مديري المشتريات الصناعي الرسمي إلى 48.8 نقطة، وهو أدنى قراءة منذ ديسمبر 2022، وكذلك توقعات الاقتصاديين في استطلاعات بلومبرغ أن خفض الإنفاق في اتفاق سقف الدين يرجح دخول الاقتصاد الأميركي في ركود، يكون التحالف أمام خيارات صعبة.
مراقبو شؤون "أوبك" يتوقعون أن المنظمة وحلفاءها سيكفّون عن مزيد من خفض الإنتاج الأسبوع المقبل، حتى بعد أن وجهت المملكة العربية السعودية تحذيراً لبائعي النفط على المكشوف، حيث رجّح 17 من بين 23 متداولاً ضمن استطلاع أجرته "بلومبرغ نيوز"، أن تختار السعودية وشركاؤها الإبقاء على مستويات الإنتاج دون تغيير في اجتماعهم المقرر انعقاده في فيينا يومي 3-4 يونيو المقبل. قائلين إن قيود العرض المُطبّقة بالفعل كافية لتشديد الأسواق العالمية وزيادة الأسعار.
ورغم تفاؤل منظمة "أوبك" بتوقعات الطلب على النفط في عام 2023 وحفاظها على توقعات الزيادة بنحو 2.3 مليون برميل يومياً، قد تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فالمتغيرات الاقتصادية العالمية يمكن أن تؤدي لتراجع الطلب، والمرتبطة بضعف النشاط الصناعي حول العالم وضغوط الإنفاق التي تتعرض لها الحكومات والأفراد على السواء.
إنتاج روسيا من النفط
تعهدت روسيا بخفض الإنتاج بنحو 500 ألف برميل يومياً اعتباراً من مارس الماضي قبل أن ينضم لقائمة الخفض الطوعي لاحقاً كبار منتجي "أوبك+"، ولكن يبدو أنها لم تفي بتلك الالتزامات حيث قالت وكالة الطاقة الدولية إن روسيا خفّضت إنتاج النفط في أبريل بنحو 200 ألف برميل يومياً فقط، وهو أقل من نصف مليون برميل يومياً تعهدت بخفضها.
ترى الوكالة بحسب تقريرها الشهري الأخير أن روسيا ستحتاج إلى خفض الإنتاج بواقع 300 ألف برميل يومياً حتى تفي بالتزاماتها ضمن تحالف "أوبك+" بخفض إنتاجها من الخام بواقع 500 ألف برميل اعتباراً من أول مايو الجاري.
ويبدو أن سقف الأسعار المفروض على النفط الروسي حفز الصين والهند على طلب المزيد منه خاصة مع الحصول على معدل خصم كبير، وهو ما يدعم إيجاد أسواق بديلة للنفط الروسي بعيداً على أوروبا.
هل يتحول الطوعي إلى إلزامي؟
بحسب قواعد التحالف فإن الخفض الطوعي لا يخضع لمراقبة معدل الالتزام وهو ما يعني أن التزام روسيا أو غيرها من الدول بمعدلات الخفض الطوعي لا يخضع لمتطلبات التعويض أو المراقبة، التي تقضي بزيادة الخفض في الشهور القادمة، لذا فقد يكون خيار تحويل الخفض الطوعي الذي أعلنت عنه بعض دول التحالف في نهاية مارس الماضي إلى قرار إلزامي أحد السيناريوهات التي قد يفكر فيها التحالف قبل اللجوء إلى أي خفض إضافي جديد لمستويات الإنتاج.