تعيش العاصمة المؤقتة عدن على وقع صيف ساخن وسط استياء كبير يسود الشارع العدني جراء تردي خدمة الكهرباء لساعات طويلة مع ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة في ظل العجز طيلة سنوات الحرب الأخيرة عن ايجاد حل ناجع ينهي معاناة مئات الآلاف من سكان المدينة الساحلية.
المعاناة تتفاقم
يعد الاستاذ الجامعي أيوب السروري الساعات انتظارا لبدء إجازته منتصف الأسبوع القادم للسفر من مدينة المنصورة وسط عدن نحو قريته الريفية في محافظة لحج بحثًا عن الجو البارد وغير الحارق كما يصفه في عدن.
يقول السروري إنه عاش مع أطفاله أيام صعبة في الأيام الماضية، حيث وصل انقطاع الكهرباء لما يزيد عن 15 ساعة في اليوم في ظل رطوبة كبيرة وارتفاع الحرارة، وهو ما تسبب بظهور (الدمامل) جراء الحرارة المرتفعة فالبقاء داخل المنزل كان مرهقا له في ظل ارتفاع درجة الحرارة التي قاربت الاربعين في الايام الماضية وتزداد الوضعية أكثر عند الخروج إلى الشارع.
من جانبها قالت الإعلامية، نوال محمد، إن الكثير من كبار السن والأطفال يعانون كثيرا جراء هذه المتاعب التي تحصل بفعل ارتفاع الحرارة والرطوبة العالية وانعدام وجود الحلول الحقيقية لمشكلة الكهرباء في عدن، كان آخرها وفاة شخصين جراء الضغط العالي الذي عانت منه عدن في الأسبوع الماضي.
وأضافت في سياق حديثها "حتى اجهزة الطاقة الشمسية لم تعد تعطي شيئًا في الليل لضعف خزنها، فبعض الأوقات يقتصر تشغيل الكهرباء لساعه ونصف، وهذا غير كافي للحصول على وضوء من المنظومة الشمسية في المساء، رغم أن المنظومة لا تلبي الاحتياج مع حرارة الجو في المدينة".
أماكن بديلة
غادرت البعض من الأسر في الأسابيع الماضية في ظل ارتفاع الحرارة وتزايد الانقطاعات الكهربائية مدينة عدن نحو المناطق الريفية مع سقوط الأمطار في العديد من المحافظات اليمنية، واختيارها كأماكن بديلة تخفف عنهم لظى الصيف الحار وارتفاع درجات الحرارة التي تستمر معها تزايد ساعات انطفاء الكهرباء على مدينة عدن.
إلى مدينة الضالع غادر المواطن محمد الحسني هربًا من الحر المرتفع حيث يقول: "مع كل مرة في الصيف أغادر إلى قريتي للاستمتاع بجمال الطبيعة، فتردي الكهرباء والأوضاع المعيشية الصعبة لم تعد عاملًا مشجعًا للبقاء خلال هذه الفترة في عدن خاصة في ظل توقف التعليم، لهذا نعمل على ترفيه الأولاد في القرى، حيث الأجواء المعتدلة تناسب للاستمتاع بالعطلة الصيفية بخلاف عدن في هذا الوضع الصعب".
كهرباء غير كافية
يرجع نوار أبكر المسؤول الإعلامي لمؤسسة كهرباء عدن المشكلة لعدم وجود توليد كافي يغطي حجم الطلب المتزايد على الخدمة فحاليا طلب الاحمال بلغ650ميجا فيما التوليد لا يتعدى الـ 320.
وأشار أبكر إلى أن المشكلة ليست وليدة اللحظة بل منذ أكثر من 13 عامًا يعاني منها المواطن في عدن والمحافظات المحررة نتيجة غياب مشاريع التأهيل وادخال محطات توليد للكهرباء تعمل بالغاز أو الطاقة المتجددة ووجود شبكة توزيع ونقل للتيار مهترئة لم تشهد أي تطوير إلى جانب الاعتماد على محطات تعمل بوقود أكثر استهلاك وتكلفة وهو وقود الديزل مما استنزف خزينة وموارد الدولة بشكل مضاعف الأمر الذي فاقم من معاناة المواطنين.
وعزى أبكر أسباب عدم تحسين الخدمة بالصيف الراهن إلى عدم وجود إرادة حقيقية من الرئاسة والحكومة وتنصل رئاسة الحكومة عن القيام بالحد الأدنى من واجباتها تجاه ملف الكهرباء.
تكاليف لشراء الثلج
التبريد واحدة من أبرز المشاغل التي باتت تهم شرائح المجتمع في عدن في ظل ارتفاع الحرارة وأزمة الكهرباء، وهو الأمر الذي يدفع الأهالي إلى رصد موازنة خاصة من أجل شراء مادة الثلج لاستخدامها في التبريد في ظل الحاجة للمياه ولحفظ بعض المواد لقلة ساعات تشغيل الكهرباء.
يقول المواطن حسين عبدو إن الثلج بات من أهم الاساسيات والمتطلبات التي تسعى الأسر في عدن بكل ما أوتيت من قوة من أجل توفير الثلج في المنزل ولو اضطر الامر للاستدانة من اي جهة للحاجة لإطفاء الحر المرتفع من خلال الثلج.
ويضيف حسن البعض من سكان منطقة (القلوعة) خسر البعض من معدات وادوات الكهرباء جراء الراجع وتردي الخدمة الكهربائية وزاد من الطين بله الربط العشوائي من الكثير من المواطنين لغياب الرقابة من قبل الجهات المعنية والمختصة في متابعة هذه الجوانب..
واستغرب عبدو من عدم قدرة الحكومة والتحالف في حل عمل لمشكلة الكهرباء في عدن على الرغم من الامكانيات الكبيرة للتحالف أو الموارد التي تتمتع بها عدن محملا الجميع المسؤولية فيما يحصل من عقاب لأبناء مدينة عدن.
وتبقى مشكلة الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن، هي التحدي الأكبر للسكان وللجهات الحكومية المعنية بتوفير الطاقة لمدينة تعيش صيفًا حارقًا يكاد يفتك بفئات من الناس خاصة الذين يعانون من أمراض مزمنة ولا يتحملون تحمل هذا الطقس الحار.
ويأمل سكان مدينة عدن أن تجد الحكومة وكل الجهات المعنية حلًا سريعًا لمشكلة الكهرباء، حتى يتمكنوا من مواجهة الصيف الذي يفاقم معاناة الكثير بشكل كبير جراء تردي خدمات الكهرباء وما ينتج عنها من تداعيات.