7 يوليو 2024

مساعٍ حثيثة رغم التحديات لتثبيت وقف إطلاق النار وتمديد الهدنة

الحرب في اليمن.. هل أصبح السلام قريبًا؟
13 إبريل 2023
يمن فريدم-خاص-عدنان الراجحي

 

مع التحركات التي تشهدها الساحة اليمنية تلوح في الافق بوادر لاتفاق سياسي مرحلي يبقي الوضع الحالي في اليمن على ما هو عليه ولو لفترة وجيزة تجنبا لعدم التصعيد بين الحكومة اليمنية، المعترف بها دوليا، والحوثيين.

 

هذا الاتفاق رُسمت ملامحه في الرياض ومسقط وباطلاع الأطراف اليمنية(الحكومة-الحوثيون) والجهود التي تبذلها الأمم المتحدة عبر مبعوثها السويدي، هانس غروندبرغ ويدعمه في ذلك المبعوث الأمريكي والاتحاد الأوروبي.

 

لعل الاتفاق السعودي الإيراني حرّك المياه الراكدة في الملف اليمني، وربما هذا الاتفاق جعل الأطراف اليمنية تحت دائرة الضغوط للتوصل لحل سياسي بأي شكل كان ليترجم فاعلية الاتفاق بين الرياض وطهران التي جاءت في ذروة الحرب الأوكرانية- الروسية.

 

جهود دولية

 

كثف المجتمع الدولي جهوده لتعزيز خطوة تجديد الهدنة الإنسانية تمهيدا لجولة مفاوضات سياسية، فهذه المرة أطلق المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينع تصريحات من بوابة إيران التي تعد الداعم الرئيس للحوثيين، حيث قال في حديث بمعهد الشرق الأوسط يوم الأربعاء (5 أبريل): "إذا أراد الإيرانيون أن يظهروا حقاً أنهم يحدثون تحولاً إيجابياً في النزاع، عندها لن يكون هناك تهريب أسلحة للحوثيين بعد الآن في انتهاك لقرارات مجلس الأمن الدولي".

 

ليندر كينيغ شدد على في حديثه على إيران وأمله في دعم طهران للعملية السياسية في اليمن، وتابع في تصريحه: "نود أيضاً أن نرى الإيرانيين يظهرون دعمهم للعملية السياسية التي نأمل أن تأتي".

 

الاتحاد الأوروبي هو الآخر شدد في بياناته الأخيرة على وجوب القبول بتمديد الهدنة والبت في ملف الأسرى والمحتجزين الذي بدأت حلحلته من خلال جولة المفاوضات الأخيرة في العاصمة السويسرية بيرن التي انطلقت في الـ 10 من مارس الماضي.

 

أما المبعوث الأممي الذي يقود الجهود الدولية لحلحلة الملف اليمني أشار إلى خطورة الوضع في البلاد مالم تتوصل الأطراف الى تمديد الهدنة والدخول في جولة مفاوضات تنهي الحرب.

 

غروندبرغ حذّر من أن اليمن يواجه "وقتا حرجا"، داعيا إلى إنهاء النزاع بشكل دائم، وأعقب ذلك تصريح أخير للمبعوث الأممي الذي قال إن المفاوضات بين السعودية والحوثيين مشجعة.

 

السعودية وعُمان في صنعاء

 

بالنظر إلى زيارة الوفدين السعودي والعماني لصنعاء فإن ذلك يعطي صورة واضحة أن المفاوضات تجرى بمعزل عن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، وهو ما حذرت منه مراكز بحثية دولية وكذا الأمم المتحدة نفسها التي دعت إلى مشاركة كافة الأطراف في هذه المفاوضات لضمان مشاركة الجميع دون استثناء بما في ذلك النساء ومنظمات المجتمع المدني.

 

لم تعد زيارة صنعاء هي الأولى بل هي الأعلى من بين الزيارات السابقة لوفود سعودية وعمانية، وهذه المرة كان فيها السفير السعودي محمد آل جابر، اللاعب الأول في الملف اليمني، إلا أن الزيارة أُعطت زخما إعلاميا وردودا واسعة لإيصال رسالة أن التقارب السعودي الإيراني القى بضلاله سريعا على الحرب في اليمن.

 

وما تزاف المباحثات بين السعوديين والحوثيين قائمة بوساطة عمانية، حيث تعكرت الأجواء بسبب التصريحات الأخيرة للسفير آل جابر الذي غرّد عبر حسابه في تويتر، عن زيارته لصنعاء، وفهمتها قيادات حوثية على أنه مخالفة لطبيعة الزيارة وترفض أن تكون الرياض وسيطة في المحادثات بل طرفا رئيسيا وهو ما راهنت عليه الجماعة منذ بدء الحرب.

 

وبحسب مراقبين فإن أجواء النقاشات عادت من جديد في محاولة لوضع لمسات أخيرة على الاتفاق لإعلانه والبدء بتنفيذ بنوده كما تم يُخطط له.

 

ملامح الاتفاق

 

وفقا التسريبات لوسائل الإعلام تسلم المجلس الرئاسي والحكومة اليمنية مسودة تتضمن التفاهمات التي تم التوصل إليها خلال المفاوضات التي جرت في مسقط بين السعوديين والحوثيين خلال الأشهر الماضية. وأبرز نقاط مسودة الاتفاق:

 

- وقف إطلاق النار وتمديد الهدنة لمدة ستة أشهر

 

-تشكيل فرق تفاوض سياسي بين الحكومة والحوثيين

 

-سرعة البت بالملفات الإنسانية وخاصة ملف الأسرى والمعتقلين وفتح الموانئ والمطارات والطرقات

 

- دفع مرتبات موظفي القطاع الحكومي عسكري ومدني

 

-إعادة تصدير النفط

 

-إيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي بالحديدة

 

-بدء مشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي برعاية أممية

 

موقف الحكومة

 

يرى الكثير أن موقف الحكومة اليمنية من التحركات الأخيرة غير موجود، وأن هناك ما يشبه التهميش على عكس البعض الآخر الذي رأى أن مجلس القيادة الرئاسي الحكومة طرف فاعل وموجود في الجهة الأخرى من هذه التحركات، وأن زيارة الوفد العماني السعودي لصنعاء سبقه اطلاع الحكومة بما جرى التوصل اليه مع الحوثيين خلال الجولات الماضية في مسقط.

 

في هذه الجزئية يقول الباحث إبراهيم جلال، باحث غير مقيم في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، في تصريح لـ " يمن فريدم": " أطلع وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان مجلس القيادة على خارطة خفض التصعيد مطلع الشهر، ويبدو أن المجلس يدعم جهود إعادة إحياء محادثات السلام الشامل في إطار تقييمه للمتغيرات الإقليمية والدولية، خصوصًا رغبة المملكة في طوي صفحة الحرب في اليمن في أعقاب الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية"

 

ومع هذه التحركات على المستوى الداخلي في اليمن وعلى مستوى الإقليم يظل الوضع قائم وقابل لأي تصعيد عسكري بين الطرفين وهو ما أشار إليه الباحث إبراهيم في حديثه: " على الصعيد الداخلي، لا يبدو أبدًا أن الحرب انتهت حتى لو تم تطبيع الوضع الراهن مؤقتًا. مأرب، درع شبوة، لا تزال هدفًا إستراتيجيًا اقتصاديا للحوثيين".

 

موقف الحوثيين

 

بعد ثمان سنوات من القتال وعدم التوصل لحل سياسي اتجه الحوثيون على مسار آخر في الحرب، وهو التفاوض على طريقته الخاصة، واستطاعوا تحقيق نتائج إيجابية وتجاوب الطرف الآخر معه بشأنها، ولعل الهدنة كان مؤشرا لتحركات الحوثيين منذ عام، ومن خلالها تمكن من تخفيف الضغط العسكري عليه وإعادة ترتيب جبهات القتال التي تعرضت للإنهاك خلال سنوات الحرب، وترتيب جبهته الداخلية.

 

ويرى الحوثيون أن أي اتفاق يجب أن يشمل الملف الإنساني ورفع ما يعتبره الحصار، وهو ما أشار إلية رئيس وفد الحوثيين محمد عبدالسلام خلال لقاءه الأخيرة بالمبعوث الاممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في العاصمة العمانية مسقط.

 

رئيس الوفد الحوثي كشف عن ترتيبات تتعلق بالملف الإنساني والسياسي للحل الشامل ومراحل ترتيبات الإفراج عن الأسرى في خطوات مستمرة لا تتوقف وصولا إلى الافراج الكامل على حد قوله، وأعرب عن أمله أن يتحقق ذلك وأن يُجبَر الضرر وتكلل الجهود باتفاق سلام يلبي مطالب الشعب.

 

وفي هذا الجانب يقول الباحث اليمني مصطفى ناجي الجبزي لـ " يمن فريدم" إن ما يحدث حاليا هو "هدنة تفرض لا حرب ولا سلام، لكنها تهدئة للتوترات". 

 

وأعتبر الباحث الجبزي أن تنفيذ بنود هذه الهدنة "ليس بالأمر اليسير"، وأضاف " واضح أن الحوثي يجيد انتزاع مصالح بالتفاوض أكثر من القتال".

 

ضمانات لإنجاح الاتفاق

 

لا ضمانات إقليمية ودولية واضحة لاتفاق السلام ومدى التزام الأطراف بالهدنة، لكن المواقف الدولية تمضي بخطوط متوازية في التصريحات والضغوط مع الأطراف اليمنية وهو تجديد الهدنة لتقليل الكلفة والتمهيد لدخول جولة مفاوضات سياسية لإنهاء الحرب واحلال السلام.

 

ويقول الباحث إبراهيم جلال تعلقا على الضمانات لأي اتفاق مرتقب: " لا توجد ضمانات حقيقية تدعم جهود اتفاق الهدنة الموسعة قيد النقاش. تحاول السعودية من خلال مفاوضات الهدنة الحالية الانتقال من طرف حرب إلى وسيط، وهي حالة رأيناها في 1965 و1970 بين الجمهوريين والملكيين في أعقاب الاتفاق المصري السعودي".

 

تداعيات الاتفاق على حقوق الانسان

 

هناك مخاوف كبيرة من أي اتفاق سياسي مرتقب، تتعلق بالملف الحقوقي وما يعتقده الكثير أن هنالك تخوفات من أن يبرم الاتفاق دون النظر لملف حقوق والإنسان والمساءلة والافلات من العقاب.

 

ويعد هذا تحديا حقيقيا أمام المنظمات والناشطين في مجال حقوق الإنسان ومعهم جانبهم الضحايا، ويقول رئيس منظمة (مسام) للحقوق والحريات، توفيق الحميدي في حديثه لـ " يمن فريدم": " نحن كمنظمات لحقوق الإنسان نرحب بأي اتفاقيات أو وقف إطلاق النار تخفف من معاناة اليمنيين ويعيد تطبيع الحياة المدنية بدرجة أساسية، لكن نحن ما زلنا نؤكد على أن أي اتفاق يجب ألا يؤسس لسياسة الإفلات من العقاب".

 

ويؤكد على ضرورة "تمثيل الضحايا بدرجة أساسية يجب أن تكون هنالك عدالة انتقالية واضحة المعالم تعمل على إنصاف الضحايا وجبر الضرر والتأسيس لآليات داخلية من أجل ضمان عدم الإفلات من العقاب".

 

وقال الحميدي:" يجب أن يكون هنالك تمثيل للضحايا أو من يمثلهم ومنظمات المجتمع المدني ونعتقد أن هذه أحد الضمانات التي يمكن أن تساهم بصورة كبيرة في ضمان عدم الإفلات من العقاب لأن هنالك قضايا من المهم أن تكون عاجلة واضحة حتى يطمئن الناس لاي سلام".

 

ويعتقد الحميدي أنه إذا اُستبعدت المنظمات الحقوقية والضحايا فإن هذا السلام سيضمن فقط مصالح الأطراف السياسية القوية.

 

وقال رئيس منظمة (سام) إن أي تجاوز لهذه النقطة سيؤسس لدورة عنف قادمة، مشددا على أهمية سد جميع المنافذ التي قد تفتح مستقبلا لأجل هذا العنف.

 

تطلعات الشارع اليمني

 

للشارع اليمني تطلعات أن تنتهي الحرب، إلا أن الحسابات السياسية للقوى المتحاربة قد تصدم بتلك الآمال التي تدعو إلى إيجاد صيغة سلام حقيقة تضمن وقف الحرب لا تأجيلها، وازدادت تلك الآمال مع زيارة الوفدين السعودي العماني لصنعاء.

 

وتعليقا على ذلك يقول الكاتب والصحفي اليمني، محمد عبدالمغني، " إن ما يمكن قراءته اليوم من تفاعل قطاع من المجتمع اليمني في حواراته العامة أو عبر صفحات التواصل الاجتماعي عن اللقاء العماني السعودي مع قيادة جماعة الحوثي في صنعاء، يمكن تلخيصه في أن الشارع بات يطالب أكثر اليوم بصيغة سلام واقعية لإيقاف القتال الذي أرهق الناس على كافة الاصعدة، غير أن التساؤلات التي يطرحها الشارع اليوم هي في شكل هذا السلام".

 

ويرى الكاتب عبدالمغني أن "السلام الذي ينشده الناس هو السلام الذي يكون عنوانه الحقيقي إيقاف المعاناة التي فرضت على كافة المواطنين في جميع محافظات البلاد بفعل الحرب التي قامت منذ العام 2014 بعد سيطرة جماعة الحوثي على الدولة بقوة السلاح، والتي تحولت بعد ذلك لحرب بالوكالة شاركت فيها العديد من دول الإقليم".

 

وينظر الكاتب محمد عبدالمغني للسلام الذي ينشده اليمنيون من زاوية أخرى وهو الذي يقوم على آليات واقعية تضمن الاستقرار في الداخل اليمني وتصون الحريات والكرامة الإنسانية وتعيد العملية السياسية والديمقراطية في البلاد، وليس مجرد صيغ آنية تعيد دائرة الصراع من جديد إلى نقطة الصفر من خلال التركيز فقط على تحقيق مصالح الاطراف السياسية المتصارعة محليا واقليميا.

 

ويعتقد الكاتب عبدالمغني أن أي صيغة للسلام لابد أن تقف على دراسة واقعية لمشكلة الحرب اليمنية وفقا لجذورها وابعادها الأولية لان إهمال ذلك يعني الحكم على اليمنيين بمزيد من المعاناة والأزمات والصراعات المستمرة في المستقبل.

 

ومع هذا التصاعد المتسارع لهذه المؤشرات تبقي كل الاحتمالات واردة لفشل الاتفاق أو إنجاحه بهدف بوقف إطلاق النار والتسريع في الملف الإنساني وانجاح صفقات تبادل الاسرى والمحتجزين التي ستبدأ غدا الجمعة كخطوة أولى لإثبات جدية الأطراف على الذهاب نحو سلام شامل وعادل وبضمانات حقيقة تضمن عدم عودة العنف على المدى القريب على أقل تقدير.

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI