يواصل المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ تحركاته بهدف تمديد الهدنة الإنسانية، والتمهيد لخريطة طريق ترسم ملامح الحل السياسي للأزمة عبر انخراط جميع الأطراف فيها، بهدف الشروع في عملية سياسية شاملة تحقق السلام والاستقرار في البلاد، فيما يواجه الحوثيون التحركات بالتهديد بالتصعيد العسكري.
وبحسب بيان لمكتب غروندبرغ، فإنه أجرى مناقشات واسعة النطاق خلال الأسابيع الماضية، ركزت على التحديات الاقتصادية والفجوات في توفير الخدمات الأساسية، وسُبل رفع مستوى الاستعداد لعملية سلام سياسية جامعة، والتخطيط لوقف إطلاق النار.
وأكد البيان أن غروندبرغ التقى هذا الأسبوع في عدن برئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، ونائبي الرئيس عيدروس الزبيدي وعبد الله العليمي، ورئيس الوزراء معين عبد الملك، وغيرهم من كبار المسؤولين.
وأضاف البيان أن غروندبرغ زار مأرب والتقى بالمحافظ وعضو مجلس القيادة الرئاسي سلطان العرادة وممثلين سياسيين وعسكريين محليين.
وبحثت الاجتماعات، كما جاء في البيان، الأولويات الاقتصادية العاجلة، لا سيما الحاجة إلى سداد الرواتب وإلى استئناف تصدير النفط، كما بحثت المناقشات "الخطوات التحضيرية للانخراط في عملية سياسية جامعة والحفاظ على بيئة مواتية للحوار البنّاء".
وعلى المسار العسكري، واصل مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن التشاور مع المسؤولين العسكريين والجهات الأمنية المحلية ومنظمات المجتمع المدني كجزء من التحضير لآلية يقودها الطرفان وتيسرها الأمم المتحدة للإشراف على تنفيذ وقف إطلاق النار بمجرد التوصل إلى اتفاق.
وقال البيان: "لقد أتاحت الاجتماعات التي عُقدت في الرياض وعدن وحضرموت ومأرب الفرصة لالتماس الرؤى وتبادل وجهات النظر حول الأدوار والمسؤوليات المحتملة لمختلف المعنيين لضمان وقف الأعمال العدائية بشكل مستدام".
بالمقابل، واجه الحوثيون حراك المبعوث الأممي بالتهديد بالتصعيد العسكري، في مؤشر إلى أن المفاوضات التي يجريها الحوثيون مع السعوديين بوساطة عُمانية لم تصل إلى أي نتيجة حتى الآن، وخاصة في ملف صرف رواتب الموظفين، حيث الاختلاف على مصادر التمويل وآليات الصرف.
في السياق، استهدفت جماعة الحوثيين، الليلة الماضية، تجمعات للنازحين في محافظة مأرب شرقي البلاد، تزامنا مع وجود المبعوث الأممي بالمحافظة.
وقالت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في المحافظة إن "مليشيا الحوثيين استهدفت مخيم المنين القبلي بواسطة صاروخ كاتيوشا بالتزامن مع وصول المبعوث الأممي إلى محافظة مأرب".
في سياق متصل، أعلن الحوثيون، أمس أيضاً، أن قواتهم منعت سفينتين من الوصول إلى ميناء عدن، متحدثين عن إحباط "محاولات لسفن أجنبية كانت قادمة إلى ميناء عدن لنهب الغاز اليمني"، على حد قولهم.
وقال رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين مهدي المشاط: "أبلغنا الشركات المالكة لسفينتي (سينمار جين) و(بوليفار) أننا سنضربهما إذا دخلتا لنهب الغاز من ميناء عدن وجاهزون لفعل ذلك".
وحول رواتب الموظفين، قال المشاط "لم ولن نتساهل، وجاهزون في سبيل توفير الرواتب لكل موظفي الجمهورية اليمنية أن ندخل في تصعيد عسكري لانتزاع هذا الراتب".
وفيما يتخوف الحوثيون من تصاعد الاحتجاجات الشعبية المطالبة بصرف الرواتب، زعم المشاط اطلاع الحوثيين على مخطط للسفارة الأميركية في اليمن لإثارة "مشاكل" في الأيام القادمة حول قمع الحريات، عدا عن نيتها "استقطاب شخصيات وعقد ندوات في الخارج العام المقبل، ضمن خطة لإنشاء منظمات مجتمع مدني يجندون من خلالها بعض الشخصيات".
يشار إلى أن السفارة الأميركية في اليمن لا تمارس عملها منذ بدء الحرب مطلع 2015، بينما يوجد سفير يمارس عمله من الرياض.
تهديد للتغطية على العجز
من جانبه، قال المحلل العسكري عبد العليم أبو طالب، لـ"العربي الجديد"، إن "الحوثيين لا يسعون للسلام الدائم، وإن كانوا يسعون لتمديد الهدنة مؤقتا من أجل التجهيز لجولات قادمة من الحرب، رغم أنهم غير مستعدين حاليا لجولات جديدة.. تهديداتهم بالتصعيد العسكري تأتي في إطار التغطية على العجز".
وأضاف أن جماعة الحوثي تعاني حاليا من أزمات داخلية تتمثل في صراع الأقطاب داخل الجماعة، بالإضافة إلى تخوف الجماعة من الحراك الشعبي المطالب بصرف رواتب الموظفين، وبالتالي يرى أبو طالب أن "الحوثيين يحاولون اختلاق صراعات مع أميركا وما يسموها بدول العدوان في سبيل الهروب من الأمر، كما أنهم يسعون لتعزيز نظرية المؤامرة للتهرب من التزاماتهم".
أوراق ضغط في المفاوضات
الناشط السياسي هيثم الفيصلي قال، لـ"العربي الجديد"، إن الحوثيين يريدون من خلال إطلاق التهديدات بالتصعيد العسكري الحصول على أوراق ضغط في المفاوضات الجارية مع السعوديين، للخروج بأفضل المكاسب، خاصة أنهم باتوا يجنون المليارات من ميناء الحديدة بعد التسهيلات التي حصلوا عليها، والذي يرفضون أن تكون إيراداته ضمن الموارد التي من خلالها ستُصرف رواتب الموظفين في حال الاتفاق على صرفها.
ويضيف أن "الحوثيين من خلال التهديدات بالتصعيد العسكري يهدفون إلى التهرب من مسؤولياتهم أمام الشعب الذي يطالبهم بصرف الرواتب المنقطعة منذ العام 2016، خاصة أن هناك احتقانا شعبيا غير مسبوق نتيجة تهرب الحوثيين من التزاماتهم واتهامهم ما يصفوه بالعدوان الأميركي بعرقلة صرف الرواتب.. الحوثيون يبحثون عن شماعة يرمون عليها إخفاقاتهم وفسادهم، والشعب ملَّ من الكلام الذي يكرره قادة الجماعة".
(صحيفة العربي الجديد)