21 نوفمبر 2024
19 ديسمبر 2023
يمن فريدم-خاص
WFP

 

يشهد اليمن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة، نتيجة النزاع المستمر والصراعات المسلحة.

تعتمد المنظمات المحلية والدولية العاملة في المجال الإنساني والاغاثي على تمويل دولي لتقديم المساعدة والإغاثة للمدنيين المتضررين من الصراع.

إلا أن هذا يجعل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن تواجه نقصًا حادًا في التمويل، ما يثير تداعيات خطيرة على الوضع الإنساني في البلاد.

تأثير نقص التمويل على المتضررين

يؤدي نقص تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن إلى تقليل حجم المساعدات الأساسية مثل الغذاء والمياه والرعاية الصحية، وهو ما يعرض حياة ملايين اليمنيين للخطر ويفاقم من معاناتهم، كما سيزيد نقص التمويل من مستوى عدم الأمن الغذائي في اليمن، ما يجعل شريحة واسعة من سكان اليمن تواجه نقصًا في الغذاء وسوء التغذية.

ويضاف إلى ذلك أن اتساع فجوة التمويل التي تحذر منها المنظمات الدولية سيؤثر الوضع الصحي وسيساعد على انتشار الأمراض المعدية مثل الكوليرا وفيروس كورونا، وغيرها من الأوبئة، وكذا سيلقي بضلاله على العملية التعليمية وسيحرم الأطفال من الوصول إلى فرص التعليم الأساسية.

وفي شأن النازحين سيجبر التمويل آلاف من الأسر على النزوح من مخيماتهم بحثًا عن أماكن آمنة، وهو ما سيضاف من تبعات وأعباء النزوح ويجعل الوضع أكثر تعقيدًا.

الدعوات الدولية مزيد من الدعم من الجهات المناحة

تمثل الدعوات الدولية التي تحذر من تداعيات تراجع التمويل لخطة الاستجابة الإنسانية خطوة مهمة في استنهاض المانحين لتقديم المزيد من الدعم المطلوب لضمان تقديم المساعدات الإنسانية والاغاثية للمحتاجين في اليمن.

ويقول مهتمون بالجانب الإنساني والاغاثي إنه يجب على المجتمع الدولي زيادة التمويل المخصص لليمن لضمان توجيه المساعدات بفعالية إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها بشكل مُلح.

إلا أن هناك مخاوف من تراجع عدم التصدي لنقص التمويل، وهو ما سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن وزيادة المعاناة التي يواجهها المدنيون خاصة في المناطق التي شهدت معارك طاحنة منذ بدء الحرب.

أرقام واحصائيات

 

استضافت مدينة جنيف السويسرية، مؤتمر مانحي اليمن برعاية الأمم المتحدة في ظل ازمة إنسانية هي الأسوأ على مستوى العالم بحسب توصيف الأمم المتحدة.

وعلًق الكثير الآمال على المؤتمر الدولي إلا أنه لم ينجح سوى في جمع 1.4 مليار دولار بنسبة 33% ضمن خطة أممية تقدر بـ 4.3 مليار يحتاجها اليمن في 2023.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، حينها "إن هناك 31 تعهدا في المجمل، وإذا تمكنا من الوصول إلى ملياري دولار بحلول نهاية الأسبوع، فسيكون ذلك رائعا".

وتشكل الأرقام التي أوردتها الأمم المتحدة مخاوف وهواجس للكثير من المنظمات الدولية العامل في المجال الاغاثي والإنساني في اليمن، وهو الشغل الشاغل للأمم المتحدة والمتضررين من الحرب معًا.

وتشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن 21.6 مليون الأشخاص بحاجة إلى مساعدات إنسانية واغاثية، منهم 13.4 مليون شخص من المحتاجين بشدة إلى جانب 4.5 مليون الأشخاص الذين نزحوا داخل اليمن.

 

مؤشرات لحدوث كارثة إنسانية

 

أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أنه سيضطر لإجراء تخفيض إضافي في مساعداته لملايين الأشخاص في أنحاء اليمن بدءا من نهاية سبتمبر/أيلول المقبل بسبب "أزمة تمويل حادة" لعملياته الإنسانية.

البرنامج الأممي أكد في بيان صحفي، إن هذا التقليص سيؤثر على جميع البرامج الرئيسية التي يقوم بتنفيذها على مستوى اليمن.

وحذر البرنامج من تأثر قرابة 3 ملايين شخص في المناطق الواقعة شمال البلاد الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ونحو 1.4 مليون شخص في المناطق الجنوبية في حال عدم الحصول على تمويل جديد

وشدد برنامج الأغذية العالمي في دعواته المتكررة للمانحين على ضرورة حاجته إلى 1.05 مليار دولار خلال الأشهر الستة المقبلة لدعم عملياته الإنسانية في اليمن، وقال إنه لم يتم تأمين سوى 28% من هذه الموارد المطلوبة حتى الآن.

ممثل برنامج الأغذية العالمي في اليمن ريتشارد ريغان قال في تصريح "نواجه وضعا صعبا للغاية، إذ يتعين علينا اتخاذ قرارات بشأن أخذ الطعام من الجياع لإطعام الأكثر جوعا".

سوء إدارة أموال المانحين لليمن

يعاني اليمن بشدة ويحتاج بشكل ملح إلى المساعدة والدعم. لهذا الغرض، تم التبرع بمبلغ ضخم يتجاوز 20 مليار دولار لليمن منذ عام 2015.

ومع ذلك، لوحظت سوء إدارة وتوجيه غير فعال لهذه المساعدات، حيث انحرفت جزء كبير منها لأغراض لا تخدم الغرض الإنساني، بل واتجهت إلى تكاليف إدارية مرتفعة، وتم تحويل المساعدات الغذائية المخصصة للمحتاجين إلى دعم الخطوط الامامية للحوثيين، هذا فضلا عن توزيع مواد منتهية الصلاحية، ودعم الجماعات المسلحة، وعدم وصول المساعدات إلى المستحقين بسبب سوء الإدارة والفساد، وفقا لما قاله الباحث الاقتصادي والمهتم بالشؤون الإنسانية عبدالواحد العوبلي في تصريح لـ " يمن فريدم".

وأشار في كلامه إلى سوء استخدام المساعدات الغذائية، بعد التصريحات الأممية بشأن سرقة المساعدات الغذائية في ظل حالة الجوع التي تضرب البلاد.

ولفت الباحث عبدالواحد إلى نقطة مهمة تتمحور على طرق سوء إدارة التمويلات التي تمر عبر المنظمات الأممية والمتعلقة باليمن، ومنها كما قال دعم الجماعات المسلحة من خلال قيام وكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، بتقديم الدعم المباشر لقوات الحوثيين بتوفير مركبات لمشاريع الالغام وسيارات إسعاف دفع رباعي لخطوط المواجهة مع الحوثيين.

وتشكل تكاليف الإدارة المبالغ فيها واحدة من أساليب سوء إدارة المنظمات الأممية للتمويل الخاصة باليمن، وذكر العوبلي في تصريحه لـ " يمن فريدم" موضوع الميزانية الإجمالية للمساعدات التي تذهب إلى تكاليف الإدارة والنفقات اللوجيستية، مما يعكس ضخامة هذه التكاليف في ظل وجود المنظمات الدولية غير الحكومية، ويشير هذا إلى ضرورة مراجعة هيكلية إدارة الأموال المتبرع بها، على حد قوله.

وأشار العوبلي في تصريحه، إلى أنه من الضروري تجنب ما وصفه بـ "العبث بالتمويلات" من خلال تقليص دور الجمعيات الدولية غير الحكومية، وتحفيز تقليل الاعتماد على الجمعيات الدولية غير الحكومية، وزيادة التمويل المباشر للمشاريع المحلية، لتحقيق توجيه أفضل للأموال وتقليل التكاليف.

كما ركز على أهمية تعزيز الشفافية والمساءلة عبر نشر تقارير شفافة حول الأموال والمشاريع والتوزيعات، والعمل على ضمان مشاركة المستفيدين في عملية التخطيط والتنفيذ لضمان تحقيق النتائج المأمولة، وتوجيه الأموال المتبرع بها إلى البنك المركزي لتسهيل الصرف ودعم قيمة العملة المحلية، إلى جانب ضرورة تعزيز الجهود لمكافحة الفساد وتحسين الإدارة لضمان وصول المساعدات بشكل فعال ومؤثر إلى المستحقين.

وختم الباحث العوبلي حديثه بالدعوة إلى إصلاح وتحسين نظام توزيع المساعدات والتبرعات، وتطبيق التوصيات المقدمة لضمان أن تساهم المساعدات المالية الكبيرة بشكل أفضل في تلبية الاحتياجات الإنسانية ودعم التنمية في اليمن.

لمحاولات لتفادي الكارثة

تحاول الأمم المتحدة تفادي وقوع كارثة إنسانية وانهيار للوضع العام في اليمن، فقد خصص صندوق الأمم المتحدة المركزي للاستجابة الطارئة 18 مليون دولار لتلبية الاحتياجات العاجلة للمتضررين من الأزمة الإنسانية، بهدف المساهمة في منع المجاعة ومعالجة المستويات المتزايدة من انعدام الأمن الغذائي التي تسبب بها الصراع والصدمات الاقتصادية وتغير المناخ.

وجاءت هذه الخطوة بعد أن أشارت الأدلة المستمدة من تحليل وضع الأمن الغذائي الذي أجري في آذار/مارس للمديريات الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية إلى أن بعض المناطق لا تزال تعاني من شدة انعدام الأمن الغذائي بينما ارتفعت مستويات سوء التغذية الحاد بشكل عام.

وتفيد البيانات بأن أكثر من ثلثي الأطفال الرضع والصغار تحت عمر السنتين لا تتم تغذيتهم ورعايتهم على النحو المناسب، مما يعزز عوامل ارتفاع حالات سوء التغذية الحاد والمزمن بين الأطفال دون الخامسة من العمر.

 

الحرب الاقتصادية المتبادلة بين الحكومة والحوثيين

 

ألقت الحرب الاقتصادية بين الحكومة اليمنية المعترف بها، والحوثيين بضلالها على سكان اليمن، ومثلت هذه الحرب ضربة قاسمة للسواد الأعظم من اليمنيين الذين دخلوا مرحلة خطيرة من المجاعة والحاجة الشديد للمساعدة.

سألنا الصحفي المتخصص في الجانب الاقتصادي، وفيق صالح عن تداعيات الحرب الاقتصادية بين الحكومة والحوثيين وقال لـ " يمن فريدم": "في الحقيقة أن استخدام الاقتصاد كورقة حرب من قبل الحوثيين أدى إلى تفاقم الوضع المعيشي للمواطنين، وضاعف من حجم التحديات المعضلات التي تواجه الاقتصاد الكلي للبلاد، إضافة إلى أن استمرار الحرب الاقتصادية التي تشنها مليشيا الحوثي ضد الحكومة وضد المواطنين في مختلف المحافظات يرفع من فاتورة الكلفة الباهظة التي يتكبدها الاقتصاد من موارده وقطاعاته الإنتاجية والحيوية".

وتحدث الصحفي وثيق عن ممارسات الحوثيين خصوصا في الانقسام النقدي وفرض واقع جديد في مناطق سيطرة الجماعة، وهو ما فاقم من الوضع الاقتصادي والمعيشي، وقال " في البداية عمدت مليشيا الحوثي إلى حظر الأوراق الجديدة من العملة المحلية، ومنعت تداولها بشكل نهائي في مناطق سيطرتها، أدى هذا الأمر إلى تكريس الانقسام النقدي والمصرفي، وكان لهذه الخطوة تداعيات سلبية على الوضع الاقتصادي والمصرفي، كما أثرت بشكل بالغ على تدهور قيمة العملة الوطنية". 

وأشار إلى استحداث الحوثيين لمراكز جمركية التي عملت على تشظي المؤسسات الاقتصادية، مرورا بما حدث قبل عام من ضرب المنشآت النفطية في حضرموت وشبوة وتوقيف تصدير النفط الخام، والذي كان له تأثير ملحوظ في تدهور الموازنة العام للدولة وتضاعف التحديات امام المالية العامة، على حد قوله.

كل ذلك ساهم في تدهور الوضع الإنساني والاقتصادي في ظل تراجع التدخلات الدولية الناتجة عن اتساع فجوة التمويل، وتوقع عدد من الدول المانحة من تمويل خطة الاستجابة الإنسانية للعام 2023.

 

دعم خطة إنعاش اقتصادية لتحقيق الاستقرار في اليمن

دعت منظمات محلية ودولية غير حكومية أطراف النزاع في اليمن إلى التعاون للاستجابة للاحتياجات جميع اليمنيين، بما في ذلك دفع رواتب القطاع العام بشكل منتظم على الصعيد الوطني، وتوفير السلع الأساسية بأسعار معقولة، واستئناف الصادرات، وتقديم نظام مصرفي فعال، وتسهيل النشاط التجاري.

بيان مشترك لـ 48 منظمة يمنية ودولية قال "يجب على المجتمع الدولي دعم خطة إنعاش اقتصادي ممولة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي ومنع المزيد من الارتفاع في أسعار المواد الغذائية، فضلا عن توفير الاحتياطيات الأجنبية لدعم الاقتصاد".

وطالبت المنظمات من الحكومة اليمنية، المعترف بها دوليا، "بدعم من المجتمع الدولي، اتخاذ تدابير ملموسة لحل أزمة الطاقة وضمان الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية والصرف الصحي والمياه والتعليم، بالتنسيق مع الجهات المحلية. ويجب أن يشمل ذلك تمويل ودعم أنظمة الحماية الاجتماعية، بما في ذلك دعم فوري لأولئك المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي". 

وحث بيان المنظمات الجهات المانحة سد فجوة التمويل الإنساني والبالغة 70% للقطاعات الحيوية بما في ذلك الحماية والصحة والتعليم والإيفاء بالتعهدات الحالية، وتفعيل نهج الترابط بين العمل الإنساني والتنمية ودعم الحلول الدائمة لتعزيز القدرة على الصمود والاكتفاء الذاتي.

 ودعت المنظمات، أطراف النزاع إلى مواصلة التفاوض من أجل التوصل إلى سالم شامل ومستدام لمنع المزيد من التدهور في الاقتصاد.

وقال البيان" إن اليمن يمر بمرحلة حرجة مما يتطلب ت ضافر من جانب الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي لدعم الاستقرار والسلام والإزدهار".

 

مخاوف من استمرار الصراع على العمل الإنساني

 

يبدي المجتمع الدولي مخاوف كثيرة من استمرار الصراع في اليمن وبقاء الوضع على ما هو عليه، هذه المخاوف تبعث رسائل مختلف تظهر حجم الكارثة الإنسانية الكبيرة والمحتمل تفاقمها إذا ما تحرك الإقليم والعالم لإيجاد حلول ناجعة لإنجاح خطة تمويل كافية لمواجهة الوضع المتدهور.

ويرى مراقبون للشأن اليمني، أن استمرار الصراع في اليمن سيمنع نجاح خطة تمويل دولية لمواجهة الازمة الإنسانية الأسوأ في العالم، فمع بقاء الوضع على ما هو عليه فإن معوقات وتحديات كثيرة ستقف في وجه المانحين الذين بيدهم انقاذ اليمن وانتشالها من مستنقع المجاعة انعدام الأمن الغذائي والصحي.

فكثير من خطط التمويل يعيقها عدم استقرار الأوضاع الأمنية والعسكرية في كافة مناطق البلاد، خاصة العاملين في المجال الإنساني والاغاثي وتزايد القيود المفروضة عليهم، إلى جانب الحصول على التمويلات الكافية لمواجهة الأزمة والتخفيف من معاناة المتضررين من الحرب.

تطلعات اليمنيين

يأمل الشعب اليمني، أن يكون هناك معالجات جذرية تحد من تدهور الوضع المعيشي الذي يعيشونه منذ بدء الحرب، والذي ألقى بضلاله على الحياة العامة، وعطّل مصالح السواد الأعظم من اليمنيين.

ويتطلع سكان البلاد إلى أن تحدث التمويلات الدولية لمواجهة الوضع الإنساني المتدهور فرقا إيجابيا وملموسا يعكس حالة من التحسن في الوضع الاقتصادي والمعيشي على حد سوا، إلا أن لدى الكثير مخاوف من أي يؤدي تراجع التمويل لخطط الاستجابة الإنسانية إلى تفاقم الوضع إلى درجة لا يمكن تفاديها على المدى القريب على أقل تقدير.

ولعل التصعيد العسكري للحوثيين الأخير في البحر الأحمر سيضاعف من كلفة الحرب وتداعياتها على الوضع الإنساني في البلد، ما يعني أن ثمة عقبات كبيرة سيواجهها اليمن في الاستجابة  للأعمال الإنسانية والإغاثية خلال العام القادم، وهذ ما لا يريده اليمنيون في المرحلة  الراهنة على أقل تقدير.

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI