19 إبريل 2025
24 ديسمبر 2023


قبل نهاية العام وأعياد الميلاد المجيدة زف المبعوث الأممي إلى اليمن بشراه.

سيذهب الآن هو وفريقه لقضاء إجازة فيها الكثير من التقدير للذات والامتنان.

الخبر بحد ذاته وفي مستواه الأول يبث السرور في نفوس الناس حتى أن البعض كتب عن خارطة طريق والآخر كتب عن خطوات سلام في اليمن.

من اين جاءوا بكل هذه المضامين وهي ليست أكثر من خيارات مرحّلة؟

بهذه الصيغة بدأ المبعوث بيانه بشأن مستجدات اليمن :

"بعد سلسلة اجتماعات مع الأطراف في الرياض ومسقط، بما في ذلك مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، وكبير مفاوضي أنصار الله محمد عبد السلام، رحّب المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن هانس غروندبرغ بتوصل الأطراف للالتزام بمجموعة من التدابير".

اريد التوقف عند هذه السطور قليلاً.

أولاً الحديث يتناول اطراف ورئيس مجلس القيادة طرف من أطراف وليس يحمل صفة تمثيلية للشرعية فمن هي بقية الأطراف؟

ثم أن رئيس مجلس القيادة يحضر بموازاة كبير المفاوضين أي أن الحصيلة من طرف الحوثي لم تأت من مستوى قيادي رفيع بل توقفت عند كبير المفاوضين وهذا لا يستطيع البت وسبق وأن عاد عدة مرات إلى صنعاء للتشاور كونه لا يملك تفويضاً باتخاذ القرار.

هذه الصيغة تضع اول محددات حصيلة المسارات.

ثانياً توصل الجميع إلى التزامات. اي لم يتم التوقيع على أي اتفاق. مجرد التزام شفاهي. كل طرف "شخط وجهه".

ماذا عن طبيعة الالتزامات وحدودها الزمانية والتقدم الذي أحرزته عن الهدنة السارية؟

لا أحد يملك التفاصيل. ما لدينا هي صيغة عامة.

لماذا إذن أعلن المبعوث هذا الخبر؟

لانه يريد تثبيت آخر مستوى من مستويات التفاهم ويضع الأطراف اليمنية عند مستوى اتفاقياتها. وعندما يستأنف المشاورات ينطلق من آخر نقطة.

أو ربما لانه عمليا لم يتم التوصل إلى توقيع اتفاق وحالت أسباب عديدة قد تكون على صلة بمستجدات الحرب في غزة وانخراط الحوثي فيها عبر تحركاته في المياه الدولية سبباً.

لذا غاية المشاورات كانت تثبيت الوضع السابق.

ظاهريا ما تزال الشرعية هي الشرعية وما يزال الحوثي هو الحوثي. وهناك هدنة تتفتت بشكل غير لافت وتتعاظم المكاسب الاقتصادية الحوثي وتغرق الشرعية في أزمة اقتصادية كبيرة.

رغبت السعودية فعلا في انجاز خطوة السلام هذه وبذلت جهودا كبيرا لإخراج وجهها من المشهد. السعوديون - ولهم كامل الحق - يرغبون في مواصلة مسيرتهم التنموية وتخفيض الكلفة السياسية لنفوذهم الإقليمي. ولا يريدون الانقياد وراء مغامرات أمريكا وحساباتها.

لكن أولًا الخروج من الملف ليس سهلا ولن يكون بهذه الصيغة لأسباب كثيرة منها حقيقة الجغرافيا والتاريخ وطبيعة السياسة السعودية في اليمن وتبعاتها منذ عقود.

ثانيًا يبدو أن اليمنيين قد تحصلوا على المهارات والمراء ما يكفي لامتصاص أي اندفاع دبلوماسي اقليمي أو دولي لا يلبي حاجتهم وتطلعاتهم. وما تزال النوايا لحسم الامر بالقوة أكثر حضورا مهما جاهدت البلاغة في الإخفاء.

أتعامل بذهنية ناقدة للأمور واجد أن تصريح المبعوث يهدف إلى إشاعة الأمل وتثبيت نتيجة الجهود التي يمكن أن ينسفها مزاج الأطراف اليمنية.

ثانيا انتقلنا إلى مرحلة خطيرة هي تعدد الأطراف اليمنية وهذه لها وجهان. الأول هو كسر قيد التمثيل المعيد للتقدم في السماوات والاستماع إلى فواعل آخرين سياسين واجتماعين.

قوى مدنية وشباب ومنشات وكتل سياسية واجتماعية في نبعض المحافظات على أمل أن الأطراف التي انخرطت كانت حقيقة وليست مصطنعة أو تقف على هامش الأحداث في اليمن.

والوجه الثاني يحمل كارثة دبلوماسية لأنها تعني تعقيد الملف اليمني أكثر والدخول في متاهة فتح الباب لتعدد الأطراف بالتالي تعقيد المشهد.

وكارثة لأننا وصلنا إلى مرحلة تعدد الرؤوس، ولكن على حساب مناطق الشرعية فقط.

ربما فكر احدهم وقال: لتجاوز تعنت الطرفين سننفتح الباب لأطراف كثيرة ونفكك المنظومة التفاوضية وننتزع توافقات جزئية قد تفضي إلى توافقات كلية.

لكن الكتلة القابلة للتفكيك هي الشرعية فقط وأي توافقات ستكون على حسابها. أي على حساب المركز القانون للجمهورية اليمنية.

سيواصل الحوثي السير في هذا المسار إلى نقطة يقول فيها : هذه جزر متناثرة من القوى لا استطيع التوافق معها.

إذهبوا وعالجوا انقسامكم. أو يقول باختصار شديد: أنتم لا تمثلون خيطا وطنيا وأنا الوحيد القادر على ذلك.

سننتظر العام الجديد وما يحمله من امل.

 

(من حساب الكاتب عبر منصة إكس)

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI