تغرق الأسواق في مختلف مدن اليمن بعشرات الأصناف الدوائية قريبة انتهاء الصلاحية، وسط سخط متنام من قبل المستهلكين من غياب الرقابة الحكومية لضبط العشوائية والفوضى التي تجتاح مختلف القطاعات في البلاد.
ويرجع خبراء ومتعاملون في سوق الدواء أهم أسباب ذلك إلى الاستيراد العشوائي وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتراجع القوة الشرائية والإغراق الذي تتعرض له الأسواق التي تتكدس فيها عشرات الأصناف المستوردة بطريقة عشوائية غير مدروسة، إضافة إلى تعقيدات الاستيراد والشحن التي طرأت بسبب مستجدات الأوضاع في المنطقة بسبب العدوان الإسرائيلي عل غزة وتصاعد الأحداث في باب المندب والبحر الأحمر.
الخبير في قطاع الدواء نصر المعلمي، يؤكد لـ"العربي الجديد"، أن هناك توسعا للاختلالات والعشوائية التي يعاني منها سوق الدواء في اليمن في ظل الاستغلال الحاصل بسبب غياب الرقابة العامة مع انخفاض السيولة التي تكاد تكون منعدمة وتأثير ذلك على تراجع القدرات الشرائية، الأمر الذي أدى إلى اتباع كثير من التجار سياسة جديدة تتمثل بالدفع بكل الأصناف المكدسة في مخازنهم والتي تم استيرادها بصورة عشوائية غير منظمة لا ترتبط باحتياجات السوق.
ويعتمد اليمن بنسبة كبيرة على الاستيراد في توفير احتياجاته من الأدوية التي تغزو الأسواق المحلية بصورة عشوائية غير منظمة في ظل بروز التهريب والغش والتقليد، في حين يلاحظ خلال الفترة الماضية انتشار عشرات الأصناف من الأدوية قريبة انتهاء الصلاحية رغم خطط وتوجهات حكومية لتوطين صناعة الدواء.
ويستمر التفاعل الشعبي الواسع في اليمن مع حملات المقاطعة لمنتجات وسلع الدول الداعمة لإسرائيل مع وصول الأمر إلى سوق الأدوية بالرغم من الوضعية المتردية التي يعاني منها القطاع.
وكان تجار قد أكدوا لـ"العربي الجديد"، أن هناك تكدسا للأصناف الدوائية المستوردة من بعض الدول الداعمة لإسرائيل خصوصاً أميركا وأيضاً ألمانيا التي أغرقت الأسواق المحلية اليمنية خلال الفترة الماضية بعشرات الأصناف من الفيتامينات وغيرها من الأدوية.
من جانبه، يشير تاجر الأدوية فهمي الرعدي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى معاناة القطاع التجاري من الوضع الراهن لليمن والانقسام الحاصل في مؤسسات الدولة والصعوبات والتحديات التي يصفها بالجسيمة في عملية الاستيراد، لافتاً إلى الصعوبات والتعقيدات في الاستيراد وصعوبات شحن الأدوية وتأخيرها لفترات طويلة في المنافذ الجمركية.
في السياق، تدرس السلطة المحلية والجهات والمؤسسات الحكومية في عدن تنفيذ الآلية الرسمية لاستيراد الأدوية، والإجراءات اللازمة لمنع استيراد الأدوية بطرق مخالفة وغير قانونية، وأيضاً الأدوية المخالفة للمواصفات العالمية التي تعرض حياة المواطنين للخطر.
وتشدد الجهات والمؤسسات الحكومية على ضرورة الالتزام بالآلية والإجراءات الرسمية لاستيراد الأدوية المطابقة للمواصفات العالمية وعبر حاويات مبردة مستوفية كافة الشروط والتراخيص الرسمية المطلوبة.
بالمقابل، تسعى غرفة أمانة العاصمة صنعاء التجارية والصناعية لتطوير قطاع الأدوية والمستلزمات الطبية وتذليل العقبات التي يواجهها في سبيل تعزيز الإمداد الدوائي والمستلزمات الطبية اللازمة للسوق.
المحلل الاقتصادي فكري عبد الله، ينتقد في حديثه لـ"العربي الجديد"، ما فرضته التعقيدات الحاصلة في التوريد والشحن التجاري إلى اليمن، والاستغلال والتركيز على التربح وتحقيق المكاسب من تجارة الدواء الضخمة في اليمن.
وتقدر نسبة تغطية المنتجات الدوائية المصنعة محلياً بنحو 18% من احتياجات السوق الدوائية في اليمن، إذ ينتج القطاع الخاص 200 صنف من الأدوية إلى جانب إنتاج الأدوية المنقذة للحياة ذات الصلة بالأمراض المزمنة.
(صحيفة العربي الجديد)