مع كل تهدئة ينظر إليها كفرصة من أجل حل الأزمة اليمنية التي طال أمدها، تستمر إيران في تزويد المتمردين الحوثيين بالأسلحة كذراع متقدمة لمشروعها العابر للحدود والهويات.
وتزامناً مع عودة الجهود الإقليمية والأممية للدفع قدماً بمشاورات السلام المنتظر في اليمن، قال الجيش الأمريكي اليوم الجمعة إنه دمر طائرات مسيرة وصاروخين كروز مضادين للسفن تابعين لجماعة الحوثي في كل من اليمن والبحر الأحمر، بعد أن تبين له أنها تمثل تهديداً وشيكاً للسفن التجارية وسفن البحرية الأمريكية.
وقالت القيادة المركزية الأمريكية إن الضربات أصابت أربع طائرات مسيرة وصاروخين كروز كانت معدة للانطلاق من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن باتجاه البحر الأحمر.
وأضافت القيادة المركزية أن الجيش أسقط أيضاً ثلاث طائرات مسيرة هجومية بالقرب من سفن تجارية بالبحر الأحمر، لافتة إلى أن الضربات نفذت يومي الخميس والجمعة وأن السفن لم تصب بأضرار.
ترسانة كبيرة
أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، أمس الخميس، أن الحوثيين "لا يزال لديهم ترسانة كبيرة من الأسلحة المتطورة"، مع استمرار هجمات الجماعة المتمردة المدعومة من إيران على سفن النقل الدولي العابرة لمياه البحر الأحمر، إذ تدعي الجماعة المتشددة أن تلك الهجمات تأتي مناصرة للشعب الفلسطيني ضد إسرائيل في وقت يتهمها فيه اليمنيون بممارسة دعاية اعتادت الجماعة ترديدها بهدف التكسب من ورائها، خصوصاً وهي تحاصر عدداً من المدن اليمنية، ومن بينها مدينة تعز (جنوب غرب) المكتظة بنحو ستة ملايين نسمة.
وقالت نائبة المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية سابرينا سينغ في مؤتمر صحافي "نعلم احتفاظ الحوثيين بترسانة كبيرة ولديهم أسلحة متطورة، وذلك لأنهم مستمرون في الحصول عليها من إيران". وأضافت أن وزارة الدفاع "لم تشهد قدراً كبيراً من تكيف الحوثيين مع الضربات الأميركية ضد أسلحتهم مع استثناء ملحوظ لاستخدام طائرة من دون طيار تحت الماء قبل أيام عدة".
إسقاط 6 طائرات
وأمس الخميس، قالت القيادة المركزية الأميركية (سينتكوم) إنها أسقطت 6 طائرات من دون طيار أطلقتها ميليشيات الحوثي كانت تستهدف على الأرجح السفن الحربية الأمريكية وقوات التحالف في البحر الأحمر.
وبعد ساعات، أطلقت الجماعة التي تسيطر على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات المجاورة لها، صاروخين باليستيين مضادين للسفن في خليج عدن أصابا سفينة الشحن "إم - في آيلاندر"، وهي سفينة شحن مملوكة للمملكة المتحدة وترفع علم بالاو.
وتتهم الميليشيات الموالية لإيران بتنفيذ أجنداتها الطائفية وحشد مقاتلين من الأطفال والمراهقين والمغرر بهم إلى جبهات القتال بحجة نصرة غزة استغلالاً لعواطفهم مع الأحداث الجارية بفلسطين، فيما تقوم بالاستعداد لتنفيذ حربها على اليمنيين في مأرب وتعز.
غير أن الشارع اليمني يقابل التهديدات الحوثية بالتهكم والسخرية، من منطلق معرفة مسبقة بأبعادها التي اعتادوها، فراحوا خلال الفترة الماضية يطالبونها بتوفير ما عليها من التزامات تجاه ملايين السكان الواقعين بالمناطق الخاضعة لسيطرتهم، وفي مقدمها المرتبات التي ترفض بصورة قطعية صرفها.
مزيد من الصواريخ
وعن الهجوم الحوثي الذي يعد أحدث عملية عسكرية لهم في البحر الأحمر، قالت القيادة المركزية إن الصواريخ تسببت في إصابة طفيفة وألحقت أضراراً بالسفينة.
وفي أول إجراء قضائي ضد شخصيات مرتبطة بالعمليات الأخيرة في البحر الأحمر، أعلنت وزارة العدل الأمريكية اتهام أربعة أشخاص "لصلتهم بمركب ضبطت البحرية الأمريكية على متنه أسلحة إيرانية كانت متجهة إلى جماعة الحوثي في اليمن"، في عملية تسببت في مقتل جنديين أميركيين من قوات النخبة في البحرية.
وأوضحت الوزارة في بيان أن أربعة من أفراد طاقم المركب يحملون بطاقات هوية باكستانية احتجزوا خلال العملية التي نفذت في الـ11 من يناير/ كانون الثاني الماضي، وصعد خلالها جنود من القوات الخاصة في البحرية الأميركية على متن مركب شراعي قبالة سواحل الصومال، حيث صادروا مكونات صواريخ إيرانية الصنع.
رأس حربي
وأشارت الوزارة إلى أن الأسلحة التي عثر عليها على متن المركب "يزعم توافقها مع الأسلحة التي استخدمها المتمردون الحوثيون في هجماتهم الأخيرة التي استهدفت سفناً تجارية وأخرى عسكرية أميركية في البحر الأحمر وخليج عدن".
وفعلياً، مثل الرجال الأربعة وهم محمد بهلوان ومحمد مظهر وغفران الله وإزهار محمد، للمرة الأولى الخميس أمام قاض بمحكمة في ريتشموند بولاية فرجينيا ووجهت المحكمة إلى بهلوان تهمة نقل رأس حربي بصورة غير قانونية والإدلاء بأقوال كاذبة، أما الثلاثة الآخرون فقد اتهموا بتقديم معلومات كاذبة لجنود خفر السواحل الأميركي حول طاقم السفينة وحمولتها.
ويواجه المتهمون عقوبة السجن لمدة تصل إلى خمس سنوات في حال إدانتهم بالإدلاء بأقوال كاذبة، أما محمد بهلوان فيواجه أيضاً عقوبة السجن لمدة 20 عاماً، إذا دين بتهمة نقل رأس حربي (صواريخ إيرانية) بطريقة غير مشروعة.
تجارة الغضب
وقال وزير العدل الأميركي ميريك غارلاند إن وزارته "ستستخدم كل سلطة قانونية لمحاسبة أولئك الذين يسهلون تدفق الأسلحة من إيران إلى الحوثيين و(حماس) والفصائل الأخرى التي تعرض أمن الولايات المتحدة وحلفائها للخطر".
وكانت جماعة الحوثي قد أعلنت أكثر من مرة منذ بداية الحرب في غزة، تنفيذ هجمات بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة على مواقع إسرائيلية، لكن جيش تل أبيب لم يعلن عن تأثير فعلي جراءها، وهو ما اعتبره قطاع واسع من اليمنيين دعاية حوثية معتادة تحاول التكسب السياسي من ورائها داخلياً وخارجياً مستغلة حالة الغضب والتعاطف الدولي مع مأساة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وسبق لزعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي أن قال إن قواته ستواصل الهجوم على إسرائيل، وقد تستهدف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
(اندبندنت عربية)