23 نوفمبر 2024
6 مارس 2024
يمن فريدم-DWعربية


يشكك خبراء في مصداقية المعطيات الاقتصادية للحكومة الصينية سيما ما يتعلق بنسبة النمو السنوي، فيما يرى آخرون أن الرئيس الصيني شي جينبينغ يواجه تحديا كبيرا في تحقيق التوازن بين أولوية الأمن القومي وتعزيز الاقتصاد.

يحتل الاقتصاد مكانة بارزة في المناقشات خلال اجتماع البرلمان الصيني في دورته السنوية (بداءً من الاثنين 4 مارس / آذار)، وهو الاجتماع السياسي الرئيسي لهذا العام. وفرضت السلطات الصينية إجراءات أمنية مشددة في شوارع بكين استعدادا لوصول آلاف البرلمانيين المشاركين في "الدورتين" - دورة البرلمان ودورة المجلس الاستشاري - وسط توقعات أن يكشف الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال الاجتماع الخطط السياسية الرئيسية بما في ذلك هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام.

وقبل انطلاق الاجتماعات، توقع محللون أن تحدد القيادة الصينية هدف لنمو إجمالي ناتجها المحلي لعام 2024 عند مستوى 5 % في تكرار لمعدل العام الماضي في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وكانت بيانات رسمية قد كشفت في منتصف يناير / كانون الثاني الماضي عن أن الاقتصاد الصيني نما بنسبة 5.2 بالمئة في الربع الرابع من 2023 فيما قال البنك المركزي الصيني إن "هناك توقعات مفعمة بالأمل بشأن تعزيز تحسن وانتعاش اقتصاد البلاد عام 2024".

بيد أنه على أرض الواقع، يرى خبراء أن 2024 سيكون عاما أكثر صعوبة بالنسبة للصين من العام الماضي خاصة فيما يتعلق بتحقيق نسبة النمو المستهدفة.

وفي مقابلة مع DW، قال ماكس جيه زينجلين، كبير الاقتصاديين في معهد مركاتور للدراسات الصينية البحثي ومقره برلين، إن النمو الاقتصادي الذي حققته الصين العام الماضي كان منخفضا نسبيا مقارنة بعام 2022.

وأضاف أن هدف العام الحالي "أعلى قليلا ما يعني أن تحقيق هذا المعدل من النمو سيكون أكثر صعوبة".

الجدير بالذكر أنه في نهاية عام 2022، قررت الحكومة الصينية رفع قيود كورونا الصارمة، حيث أعادت فتح أسواقها أمام الدول الأجنبية مع بدء العالم حقبة ما بعد الجائحة.

وفي ذلك، قال وانغ جو تشن، الباحث من معهد "تشونغ هوا" للبحوث الاقتصادية في تايوان، إنه في ضوء ارتفاع معدل الاستهلاك العام الماضي بعد انتهاء قيود كورونا، فإن هذا المعدل قد "ينخفض" عام 2024.

وتتوقع المنظمات الدولية أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين لعام 2024 ربما ينخفض إلى ما بين 4.5% و4.9% فيما جاءت تقديرات الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية أعلى بما يتراوح ما بين 4.8% إلى 5%.

توقعات اقتصادية متشائمة

ورغم تجاوز نمو الناتج المحلي الإجمالي نسبة 5 بالمئة العام الماضي، إلا أن الصين تواجه تحديات جمة بداية من السوق العقاري المثقل بالديون وحتى نُذر حدوث انكماش بسبب ضعف الطلب المحلي ما يعني صعوبة الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي.

وفي مقابلة مع DW، قال كبير الباحثين في مركز جامعة ستانفورد للاقتصاد والمؤسسات الصينية، شو تشينغ غانغ، إن الأرقام الرسمية الصادرة عن الحزب الشيوعي الصيني عادة ما "تخفق في أن تعكس الواقع"، مضيفا "الصورة الحقيقة تشير إلى أن النمو عام 2022 كان سلبيا، والنمو عام 2023 كان أقل من 1%".

واستند شو في ذلك على واقع الصناعات الرئيسية في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، قائلا إنه رغم الإيرادات القوية في قطاعات مثل السيارات الكهربائية وبطاريات الليثيوم والألواح الشمسية، إلا أنه مساهمتها إجمالا في الناتج المحلي الإجمالي لا يتجاوز نسبة 8 بالمئة.

لكن في المقابل، فإن غالبية القطاعات بما في ذلك سوق العقارات والتي تمثل حوالي ثلث الناتج المحلي الإجمالي، قد شهدت انخفاضا، وفقا لما أشار إليه شو.

وساد أداء اقتصادي ضعيف المقاطعات الرئيسية في الصين إذ أفادت رويترز أن 15 مقاطعة من أصل 31 أخفقت في تحقيق أهداف نمو عام 2023. وأضافت رويترز أنه فيما يتعلق بنمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024، فإن خمس المقاطعات تأمل في تحقيق معدل نمو أكبر من معدل العام الماضي.

ونظرا لأن الأرقام والبيانات الصينية الرسمية تنقصها المصداقية، يتوقع كثيرون أن يكون هدف النمو بنسبة 5% لعام 2024 يحمل في طياته "بعدا رمزيا".

وفي ذلك، قال ليو وان هسين، الباحث البارز في معهد كيل الألماني للاقتصاد العالمي، إن الأمر يرمي إلى "بعث إشارة رمزية إلى أن الاقتصاد الصيني ليس بهذا السوء وأن الحكومة الصينية قادرة على التعامل مع التحديات الاقتصادية".

شي جينبينغ والتوازن الصعب

ويُتوقع أن يفضي اجتماع البرلمانيين مبدئياً إلى الإعلان عن خطة إنعاش واسعة مع مناقشة السياسة الخارجية للصين رغم أن الواقع يشير إلى أن ثلاثة آلاف نائب في مجلس الشعب - أعلى هيئة تشريعية في البلاد - لا يتمتعون إلا بسلطات محدودةـ، إذ اتُخذت كل القرارات المهمة مسبقاً في اجتماعات للحزب الشيوعي عقدت خلف أبواب مغلقة.

ورغم ذلك فإن الأنظار تتجه إلى ملامح السياسات الرئيسية التي قد تخرج عن اجتماعات آلاف البرلمانيين المشاركين في دورتي البرلمان والمجلس الاستشاري.

وفي تعليقه، قال شيوي "لا تمثل الدورتان أي أهمية كبيرة على الإطلاق لأن القرارات الرئيسية قد حددتها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني.

بيد أن وانغ جو تشن، الباحث من معهد "تشونغ هوا" للبحوث الاقتصادية في تايوان، حذر من أنه بدون تدخل حكومي في قطاع العقارات، فإن تراكم الديون إلى جانب تكبد كبرى الشركات العقارية خسائر شبه يومية، قد يؤدي إلى سلسلة كبيرة من حالات التخلف عن سداد الديون فيما قد يصل الأمر إلى الإعلان عن حالات إفلاس في عام 2024.

تزامن هذا مع انخفاض المعدلات الجديدة في الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين العام الماضي إلى أدنى مستوى له خلال السنوات الثلاث في ضوء احتدام التنافس الاقتصادي بين واشنطن وبكين.

وعلى وقع ذلك، يُتوقع خبراء أن تقدم الحكومة الصينية على سياسات اقتصادية أكثر انفتاحا رغم أن عددا من الخبراء يرون أن الرئيس الصيني يفضل حماية الأمن القومي على تعزيز الاقتصاد ما يمثل تحديا كبيرا على عاتق شي جينبينغ الذي يسعى إلى تحقيق التوازن بين الأمرين.

ومع دخول قانون مكافحة التجسس الصيني الموسع حيز التنفيذ العام الماضي، قامت السلطات بشن حملة مداهمات كبيرة استهدفت شركات استشارية أجنبية مما ألقى بظلاله سلبا على ثقة المستثمرين في التوقعات المستقبلية لثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقال وانغ إن الرئيس الصيني يبدو أنه يناور بين "الهيكل الاجتماعي طويل المدى والتعزيز الاقتصادي على المدى القصير".

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي ليو لقد "بات من الضروري أن يتوصل شي والصين بشكل عام إلى طريقة لحماية الأمن القومي، لكن بالتزامن مع الانفتاح المشروط على الشركات الخاصة والمستثمرين الأجانب بدرجات مقبولة إلى حد ما".

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI