لم يشهد العالم منذ الحرب العالمية الثانية مثل الدمار غير المسبوق للمباني السكنية في غزة، وسوف يستغرق الأمر حتى عام 2040 على الأقل لاستعادة المنازل التي دمرها القصف الإسرائيلي والهجوم البري إذا انتهى الصراع اليوم، حسبما أفادت الأمم المتحدة، أمس الخميس.
وذكر تقييم الأمم المتحدة أن الأثر الاجتماعي والاقتصادي للحرب التي بدأت بعد الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين أول يتزايد "بمعدل هائل".
"غير مسبوق"
وصف التقييم مستوى الخسائر البشرية -5% من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة - بأنه "غير مسبوق" في مثل هذا الوقت القصير. بحلول منتصف أبريل/ نيسان، قتل أكثر من 33 ألف فلسطيني وأصيب أكثر من 80 ألفا. ولا يزال نحو 7000 آخرين في عداد المفقودين، ويعتقد أن معظمهم مدفونون تحت الأنقاض.
وقال مدير (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي) أخيم شتاينر: "كل يوم إضافي تستمر فيه هذه الحرب يكلف سكان غزة وجميع الفلسطينيين تكاليف باهظة".
تقرير (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي) و(اللجنة الاقتصادية لغرب آسيا) التابعة للأمم المتحدة يرسم صورة قاتمة للنضال من أجل البقاء في غزة حيث فقدت 201 ألف وظيفة منذ بدء الحرب وانكمش الاقتصاد بنسبة 81% في الربع الأخير من عام 2023.
وقال عبد الله الدردري، مدير المكتب الإقليمي للدول العربية لـ(برنامج الأمم المتحدة الإنمائي)، في مؤتمر صحافي عقدته الأمم المتحدة بمناسبة إطلاق التقرير، إن التقديرات تشير إلى أن ما يقرب من 50 مليار دولار من الاستثمارات في غزة تم القضاء عليها في الصراع، وأن 1.8 مليون فلسطيني وقعوا في براثن الفقر.
وتخضع غزة لحصار من قبل إسرائيل منذ سيطرة حماس على السلطة عام 2007، مما فرض رقابة مشددة على ما يدخل ويخرج من القطاع. وحتى قبل الحرب، كان القطاع يواجه "بطالة مفرطة" بنسبة 45%، لتصل إلى ما يقرب من 63% بين العمال الأصغر سنا.
ووفقا للتقرير، فإن (مؤشر التنمية البشرية) التابع للأمم المتحدة - والذي يقيس القضايا الأساسية لحياة مديدة وصحية واكتساب المعرفة وتحقيق مستوى معيشي لائق- قد تم تأجيله لأكثر من 20 عاما في غزة.
وقال التقرير "تم تدمير الأساس الإنتاجي للاقتصاد"، حيث شهدت القطاعات خسائر تزيد عن 90%. وتشير التقديرات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لغزة قد ينخفض بنسبة 51% في عام 2024.
وأضاف أن "نطاق وحجم الأضرار لم يسبق لهما مثيل وما زالا يتصاعدان مع استمرار الحرب".
وقال التقرير إن ما لا يقل عن 370 ألف وحدة سكنية في غزة تضررت، بما في ذلك 79 ألفا دمرت بالكامل، إلى جانب المباني التجارية، وحتى لو سمحت إسرائيل بدخول مواد البناء إلى غزة بمقدار خمسة أضعاف، فسوف يستغرق الأمر حتى عام 2040 لإعادة بناء المنازل المدمرة، من دون إصلاح المنازل المتضررة.
وقال الدردري إنه بعد 51 يوما من القتال بين إسرائيل وحماس في عام 2014، كان هناك 2.4 مليون طن من الحطام في غزة، وفي الحرب الحالية، هناك بالفعل 37 طنا من الحطام التي يجب إزالتها لإفساح المجال أمام الملاجئ المؤقتة وغيرها من الإنشاءات التي تعتبر ضرورية لإعادة نوع من الحياة الطبيعية للفلسطينيين في غزة.
وتابع: "لم نشهد شيئا كهذا منذ عام 1945، منذ الحرب العالمية الثانية".
مليارات لإعادة الإعمار
وذكر الدردري أن التقدير الأولي لتكلفة برنامج التعافي المبكر لمدة ثلاث سنوات، والذي سيعيد مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى ملاجئ مؤقتة في مواقعهم الأصلية بدعم مجتمعي، يتراوح بين ملياري دولار و3 مليارات دولار.
وأضاف أن التقديرات التقريبية لإعادة إعمار غزة بشكل عام تتراوح بين 40 و50 مليار دولار، لكن الدردري أكد أن التركيز الفوري الآن ينصب على التخطيط للتعافي المبكر.
وقال إن كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، سيغريد كاغ، ومسؤولين آخرين التقوا في وقت سابق من يوم الخميس مع 22 وكالة تابعة للأمم المتحدة وناقشوا خطط كل وكالة للسنوات الأولى بعد انتهاء الحرب.
وقال الدردري: "نحن على وشك تطوير ووضع اللمسات النهائية على رؤية موحدة وإطار للتعافي المبكر يكون محوره الفلسطيني ويقوده الفلسطينيون ويملكه الشعب الفلسطيني".