رشّح قادة الاتحاد الأوروبي الألمانية المنتمية ليمين الوسط أورزولا فون دير لاين لرئاسة المفوضية الأوروبية لولاية ثانية مدتها خمس سنوات.
واختاروا الاشتراكي البرتغالي أنطونيو كوستا ليصبح الرئيس المقبل لقمم الاتحاد الأوروبي. كما اختاروا الاستونية كايا كالاس لتكون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد، لتخلف الإسباني المنتهية ولايته جوزيب بوريل.
ولا يزال يتعين تثبيت المسؤولين الثلاثة في مناصبهم خلال تصويت في البرلمان الأوروبي.
وقالت كالاس إنها "تتشرف" بـ"المسؤولية الكبيرة" الموكلة إليها. وأضافت عبر منصة إكس "يشرفني دعم المجلس الأوروبي، إنها مسؤولية جسيمة"، مشيرة إلى أن "الحرب في أوروبا، وعدم الاستقرار المتزايد في جوارنا وفي العالم، هي التحديات الرئيسية للسياسة الخارجية الأوروبية".
وهنأ المستشار الألماني أولاف شولتس الثلاثي الجديد المرشح لقيادة الاتحاد الأوروبي. وكتب شولتس على منصة "إكس" في ساعة متأخرة من مساء الخميس: "إشارة مهمة. معهم يمكننا المضي قدما بسرعة وبشكل جيد".
واجتمع قادة دول الاتحاد في بروكسل، الخميس (27 يونيو/حزيران 2024)، سعيا إلى حسم اتفاق على توزيع المناصب العليا في التكتل قبل أيام قليلة من الانتخابات الفرنسية التي قد تحدث صدمة يتردد صداها في أنحاء أوروبا.
ولم تكن الأسماء تحمل مفاجآت، بعد أن اتفق عدد من قادة الاتحاد الذين يمثّلون المجموعات السياسية الثلاث الرئيسية في التكتّل على ثلاثة أسماء، وعلى تولّي فون دير لايين ولاية ثانية من خمس سنوات.
وقال رئيس الوزراء الايرلندي سايمون هاريس لصحافيين لدى وصوله "لا شك إطلاقا في أن هناك إجماعا واضحا على أن فون دير لايين" ستتولى قيادة المفوضية الأوروبية.
وبذل عدد من الزعماء جهودا حثيثة لتهدئة زعيمة اليمين المتطرف في إيطاليا جورجيا ميلوني، التي أعربت عن غضبها من عدم استشارتها.
وأعرب رئيس الوزراء القومي المجري فيكتور أوربان أيضا لدى وصوله عن استيائه، مؤكدا أنه يرفض الصفقة "المعيبة".
وعشية القمة التي تستمر يومين لخّص دبلوماسي أوروبي الأجواء في بروكسل قائلا إن "الطريق سهل" أمام التوصل إلى اتفاق.
ويعود ذلك إلى أن الاتفاق يوزع المناصب على الائتلاف المهيمن على برلمان الاتحاد الأوروبي، أي حزب الشعب الأوروبي (يمين الوسط) وحلفائه الرئيسيين مجموعة الاشتراكيين والديموقراطيين وحزب تجديد أوروبا (رينيو) الوسطي.
وبينما يبدأ الفرنسيون التصويت الأحد في الدورة الأولى لانتخابات مبكرة، يبدو حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف الأوفر حظا للفوز بها وقيادة الحكومة، بدت حماسة ملموسة لتسوية مسألة توزيع المناصب في الاتحاد الأوروبي.
وقال دبلوماسي إن على القادة حسم قرارهم نظرا لحالة "الإرباك" قبيل الانتخابات الفرنسية.
وفضلا عن توزيع المناصب ستتناول القمة التحديات الجيوسياسية التي تواجه التكتل، أبرزها الغزو الروسي لأوكرانيا التي سينضم رئيسها فولوديمير زيلينسكي إلى نظرائه الأوروبيين في بروكسل لتوقيع اتفاق على التزامات أمنية بعيدة المدى لكييف.
ويُتوقع أن يتفق القادة أيضا على "أجندة استراتيجية" تحدد أولويات التكتل ناقشها المسؤولون لأسابيع، يُفترض أن تكون بمثابة خريطة طريق للقيادة المقبلة.
ورأى دبلوماسيون أن توسيع التوجيهات بهدف استيعاب رغبات ميلوني الرئيسية، مثل الحد من الهجرة، قد يكون أحد السبل لتهدئة غضبها إزاء تهميشها في مناقشة المناصب العليا.
وكانت ميلوني أكثر الأصوات المنتقدة إذ اعتبرت أنّ الفوز الذي حقّقته مجموعة "المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين" التي تنتمي إليها والتي حلت مكان تكتل "تجديد أوروبا" (رينيو) كقوة ثالثة في البرلمان الأوروبي، ينبغي أن ينعكس ضمن قيادة التكتّل.
وعبرت الأربعاء مجددا عن غضبها في كلمة أمام البرلمان متهمة زعماء لم تسمهم بالتصرف مثل "الأوليغارشيين" وخيانة إرادة الأوروبي.
وأوضحت ميلوني أنها تريد دوراً مؤثراً لإيطاليا، بدءاً بمنصب نائب الرئيس في المفوضية الأوروبية المقبلة والمشاركة في صنع القرارات المتعلقة بالصناعة والزراعة.
بدوره انتقد رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي لا ينتمي حزبه فيدس إلى البرلمان الأوروبي، الاتفاق الوسطي قائلاً إنه "بدلاً من الدمج، فإنه يزرع بذور انقسام".
ورفض مسؤول في الرئاسة الفرنسية هذا الرأي وشدد على أن "لا أحد يُستبعد" من صنع القرار في المناصب العليا وأن "اتصالات تجري بشكل طبيعي مع رئيسة الوزراء الإيطالية".
وبدا رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك عازما على تهدئة الأمور مع إيطاليا. وقال للصحافة "لا أوروبا من دون إيطاليا، ولا قرار من دون رئيسة الوزراء ميلوني. هذا واضح".
كما أصر زعيم يمين الوسط في النمسا كارل نيهامر على أهمية إشراك إيطاليا - في إشارة إلى "مبادرات ميلوني العديدة الجيدة من أجل الاتحاد الأوروبي والأمن على حدودنا الخارجية".
وأرسلت فون دير لايين ايضا إشارة إلى ميلوني في رسالة مفتوحة إلى الزعماء الـ 27 عشية القمة، قائلة إنها منفتحة على درس الدعوات المطالبة بمعالجة ملفات المهاجرين في دول ثالثة - كما تفعل إيطاليا.