22 ديسمبر 2024
12 ديسمبر 2024
يمن فريدم-DWعربية


تراقب إسرائيل عن كثب تطورات الوضع في سوريا عقب سقوط نظام الرئيس بشار الأسد لمعرفة ما سيحدث في الجوار السوري. ويقول مراقبون إن التغييرات في سوريا تفرض فرصا جديدة ربما تصب في صالح إسرائيل، لكنها في الوقت نفسه تثير مخاطر.

وقالت مجموعات المراقبة إن طائرات مقاتلة إسرائيلية هاجمت خلال عطلة نهاية الأسبوع أكثر من 100 هدف في سوريا. واستهدفت الهجمات الإسرائيلية البنية التحتية العسكرية السورية، بما في ذلك القواعد الجوية والمواقع التي يُزعم أن أبحاث الصواريخ أجريت فيها وحيث يُفترض تخزين الأسلحة الكيميائية. وكان من بين الأهداف موقع في العاصمة السورية دمشق.

وفي هذا السياق، قال الجيش الإسرائيلي الثلاثاء (10 ديسمبر/كانون الأول) إنه قصف معظم مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا خلال اليومين الماضيين، وإن سفنه استهدفت منشأتين للبحرية السورية.

وسبق ذلك تصريح صدر عن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قال فيه إنه جرى استهداف مواقع أسلحة كيماوية وصواريخ طويلة المدى مشتبه بها في سوريا من أجل منع وقوعها في أيدي أطراف عدائية.

وأشارت تقارير صحافية إلى أن القوات الإسرائيلية قد تحركت أكثر بما يتجاوز المنطقة العازلة بين سوريا وهضبة الجولان التي تقع على بعد 40 كيلومترا عن العاصمة دمشق، ما يعني أن التوغل الإسرائيلي في سوريا تزايد أكثر من أي وقت منذ توقيع اتفاقية فك الاشتباك بين إسرائيل وسوريا عام 1974.

ونقلت رويترز عن ثلاثة مصادر قولها الثلاثاء 11 ديسمبر/ كانون الأول إن الجيش الإسرائيلي توغل عسكريا في سوريا لمسافة تصل إلى نحو 25 كيلومترًا جنوب غرب دمشق، لكن متحدث باسم الجيش نفى أن تكون القوات الإسرائيلية قد توغلت في الأراضي السورية خارج المنطقة العازلة مع هضبة الجولان.

قوات إسرائيلية داخل سوريا؟

احتلت إسرائيل مرتفعات الجولان عام 1967 وضمتها عام 1981. ويعتبر الجُل الأكبر من المجتمع الدولي، باستثناء الولايات المتحدة، هضبة الجولان جزءًا من سوريا مع اعتبار احتلال إسرائيل لها غير قانوني.

وفي تعليقه على سقوط نظام الأسد، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، "انهيار" اتفاق فض الاشتباك الموقع عام 1974 بين إسرائيل وسوريا.

وقال نتنياهو إن خطوة الجيش الإسرائيلي في المنطقة العازلة مؤقتة "إلى أن يتم التوصل إلى ترتيب مناسب". وأضاف في مؤتمر صحفي في القدس: "نرغب في إقامة علاقات حسن جوار وعلاقات تتسم بالسلمية (مع قادة سوريا الجدد).. سنراقب التطورات من كثب ونتخذ الخطوات اللازمة للدفاع عن دولة إسرائيل وحدودها، لكن الجولان سيكون جزءًا من دولة إسرائيل إلى الأبد".

تزايد الانتقادات ـ "المزاج السوري ليس ضد إسرائيل"

وتعرضت الخطوة التي قام بها الجيش الإسرائيلي لانتقادات متزايدة؛ إذ قالت الأمم المتحدة إن أي خطوة من هذا القبيل تنتهك اتفاق 1974. ودعت الولايات المتحدة إلى أن تكون الخطوة مؤقتة. في المقابل، أدانت الخارجية الأردنية الخطوة، فيما قالت الرياض إن تحركات القوات الإسرائيلية تظهر أن إسرائيل تبدو عازمة على "تخريب فرص استعادة سوريا لأمنها واستقرارها ووحدة أراضيها".

وفي مقابلة مع DW، تساءل البروفيسور إيال زيسر، خبير شؤون الشرق الأوسط وأفريقيا ونائب رئيس جامعة تل أبيب، عن سبب تحركات الجيش الإسرائيلي.

وأضاف: "أستطيع أن أفهم سبب قصف ومهاجمة الأسلحة الكيماوية في سوريا التي تركها النظام، لكن ماذا عن تحركات القوات؟ المزاج السوري ليس ضد إسرائيل على الإطلاق. لم يذكر أحد إسرائيل. فلماذا يقحم (نتنياهو) نفسه في المشهد؟"

إيران فقدت حلقة الوصل مع حزب الله

وفي مقال بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، وصف المحلل السياسي، نداف إيال، سقوط الأسد بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط بأنه يشبه "سقوط جدار برلين. وهذا ليس مرجعه كونه دكتاتورا ضعيفا فاشلا، وإنما لما يرمز إليه".

وأضاف "ألحقت إسرائيل خسائر كبيرة بحزب الله وتعرض الإيرانيون أيضًا لضربات قاضية، لذا فهم كانوا خائفين من تعرضهم لهزيمة مهينة في سوريا".

وأشار إلى أن معظم أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، بما في ذلك الاستخبارات العسكرية، تفاجأت بالسرعة التي سقط فيها النظام السوري.

ويتفق في هذا الرأي البروفيسور إيال زيسر، قائلا: "مثل الأمر مفاجأة للجميع خاصة لبشار الأسد وإيران وروسيا وحزب الله. أود التأكيد على نقطة هامة ألا وهي أن الأمر لم يكن ثورة أو احتجاجًا أو انتفاضة، بل كان تحركا قام به جيش أنشأه [رئيس هيئة تحرير الشام] الجولاني تحت رعاية تركيا".

وأضاف أن "الجانب الإيجابي بالنسبة لإسرائيل يتمثل في أن بشار الأسد كان حلقة وصل مهمة بين إيران وحزب الله. والآن لم يعد لدى إيران أي دعم سوري، لذا فهذا تطور كبير".

هل ساهمت إسرائيل في إسقاط الأسد؟

ويذهب الرأي العام الإسرائيلي إلى ترجيح أن هجوم فصائل المعارضة بقيادة "هيئة تحرير الشام" المباغت وتقدمها حتى وصولها دمشق، لم يكن ليحدث لولا إسرائيل.

وقال نتنياهو إنه منذ هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، كانت إسرائيل تعمل "بطريقة منهجية ومدروسة ومنظمة" لتفكيك حلفاء حماس داخل المحور الإيراني.

واعتبر أن سقوط الأسد كان "نتيجة مباشرة للضربات القوية التي وجهناها لحماس وحزب الله وإيران... إسرائيل تغير وجه الشرق الأوسط".

وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، قال المحلل عاموس هرئيل: "لم يكن ليحدث ذلك، لولا فشل إيران وحزب الله في لبنان. تمكن الثوار السوريون من الوقوف على نقاط الضعف والارتباك داخل المحور الإيراني حيث سارعوا إلى ضرب الحلقة الضعيفة في هذا المحور".

"غموض وقلق" بشأن المستقبل

في المقابل، يرى خبراء أن سقوط الأسد المفاجئ لم يكن بسبب إضعاف إسرائيل للجماعات الموالية لإيران فحسب، مشيرين إلى أن أمورا أخرى منها انخراط روسيا، الحليف القوي لنظام الأسد، في الحرب الأوكرانية.

وقالوا إن موسكو لم تكن راغبة في التدخل مرة أخرى في سوريا، مضيفين أنه على الرغم من تراجع خطر إيران وحزب الله في الوقت الراهن، إلا أن طبيعة الحكومة السورية المقبلة قد تشكل تحديات طويلة الأجل لإسرائيل في ضوء صعوبة التنبؤ بما قد تقدم عليه "هيئة تحرير الشام" في المستقبل.

وفي ذلك، قال زيسر إنه "كان يمكن التنبؤ بما يمكن أن يقدم عليه بشار الأسد على الأمد البعيد على الأقل فيما يتعلق بهضبة الجولان، لكن الآن أصبح الأمر يتسم بالغموض. الإسرائيليون في حالة قلق كما هو الحال في الأردن وبلدان الجوار السوري."

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI