15 مارس 2025
14 مارس 2025
يمن فريدم-متابعات


قالت منظمة "سام للحقوق والحريات"، إنها تتابع بقلق بالغ تصاعد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها قيادة اللواء الرابع مشاة جبلي في محافظة لحج، حيث استمرت عمليات الاعتقال التعسفي، الإخفاء القسري، التعذيب الممنهج، وحرمان المعتقلين من حقوقهم الأساسية، وسط غياب أي رقابة قانونية أو مساءلة قضائية فعلية.

وأوضحت المنظمة في بيان، إن هذه الممارسات غير القانونية تعد انتهاكًا صارخًا للدستور اليمني، والقوانين الوطنية، والاتفاقيات الدولية التي وقّعت عليها الجمهورية اليمنية، مما يعكس نهجًا مستمرًا في الإفلات من العقاب، وتعميق أزمة العدالة في البلاد.

الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري

وبحسب المنظمة، نفذت قوات اللواء الرابع مشاة جبلي، منذ أكثر من عام ونصف، حملة اعتقالات عشوائية استهدفت 25 مدنيًا من أبناء مديريات المقاطرة والشمايتين، بينهم ثلاثة أطفال قُصّر.

وتابعت "ولم تقتصر الانتهاكات على الاعتقالات، بل شملت احتجازهم في سجون غير قانونية، ومنعهم من الاتصال بذويهم، ورفض تنفيذ الأوامر القضائية التي تطالب بالإفراج عنهم أو إحالتهم إلى الجهات المختصة، بحسب مركز مسارات للاستراتيجيا والإعلام".

وتحصلت "سام" على ملف شكاوى رسمي يضم سلسلة من الرسائل والمراسلات الموجهة إلى النيابة العامة العسكرية في اليمن، والتي تتعلق بالاحتجاز غير القانوني لعشرات المعتقلين، بمن فيهم أطفال قُصّر، على يد قوات اللواء الرابع مشاة جبلي، بقيادة العميد أبوبكر الجبولي.

ووفق المنظمة، تضمنت هذه الوثائق مطالبات رسمية من قبل أهالي المعتقلين بفتح تحقيق عاجل في هذه الانتهاكات، وإحالة المسؤولين عنها إلى العدالة، بالإضافة إلى المطالبة بالإفراج الفوري عن المحتجزين. كما كشفت الوثائق تفاصيل خطيرة حول عمليات اعتقال تعسفي، وتفتيش غير قانوني للمنازل، والاعتداء على المدنيين.

وفي وثيقة رسمية صادرة عن النيابة العامة العسكرية برقم (206/24)، تؤكد أن قائد اللواء يحتجز أكثر من ثلاثة وعشرين معتقلًا، وفقًا لكشوفات رسمية مقدمة من شعبة السجون وعضو النيابة العسكرية. تطلب هذه الوثيقة من الجهات المختصة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، إلا أن هذه المطالب لم يتم تنفيذها حتى الآن، مما يضع السلطات في موضع التواطؤ مع هذه الانتهاكات.

أسماء الضحايا

من بين الحالات التي تم توثيقها في سجون اللواء الرابع، هناك أطفال ومواطنون اعتُقلوا دون مسوغ قانوني، وزُج بهم في زنازين سرية تعرضوا فيها لأبشع أنواع التعذيب. فقد تم اختطاف الطفل (محمد سلطان حميد محمد، البالغ من العمر 15 عامًا)، في الأول من ديسمبر 2023، دون أي مبرر قانوني، حيث تم نقله إلى سجن اللواء واتهامه زورًا بالمشاركة في تفجير طقم عسكري، رغم ثبوت القبض على الجناة الحقيقيين في الساحل الغربي. وبرغم صدور توجيهات النيابة بالإفراج عنه، إلا أن قيادة اللواء ما زالت ترفض تنفيذ الأوامر القضائية، في تحدٍّ واضح لسلطة القانون.

ووفقًا لما نشره موقع مسارات في 16 ديسمبر 2024، فإن قوات اللواء اختطفت محمد سلطان حميد محمد، البالغ من العمر 15 عامًا، بتاريخ 1 ديسمبر 2023، وتم الزج به في السجن بتهمة تفجير طقم عسكري، رغم أن التحقيقات أثبتت أن الخلية المنفذة للتفجير تم القبض عليها في الساحل الغربي، وهو ما أكده تقرير قناة اليمن الرسمية. وبحسب إفادة أهله لموقع مسارات، فإن محمد تعرض للضرب المبرح في الأيام الأولى من اعتقاله، قبل أن يتم نقله إلى مكان احتجاز غير معروف، وسط مخاوف من تعرضه للإخفاء القسري.

كما تعرض (نائف سلطان حميد محمد، البالغ من العمر 25 عامًا)، للاعتقال القسري بتاريخ 17 أكتوبر 2023، بنفس التهم الكيدية، ودون أي تحقيق قضائي عادل. وما يزال معتقلًا حتى اللحظة في ظروف غير إنسانية، رغم صدور مذكرات من النيابة العسكرية بالإفراج عنه. إن استمرار احتجاز هؤلاء المعتقلين، وغيرهم من الضحايا الذين يقدر عددهم بـ 25 معتقلًا، يعد جريمة ضد حقوق الإنسان، ويعكس التجاوزات الجسيمة التي يرتكبها اللواء الرابع مشاة جبلي في محافظة لحج.

كما وثق موقع مسارات حالة نائف سلطان حميد محمد، الذي اعتُقل في 17 أكتوبر 2023 بنفس التهمة الملفقة، ورغم صدور عدة مذكرات قضائية تطالب بالإفراج عنه أو إحالته إلى النيابة المختصة، إلا أن قائد اللواء رفض الامتثال للأوامر القضائية، وهو ما يعكس حجم الاستهتار بالقانون، وتغول سلطات اللواء على الأجهزة القضائية.

ووفقًا للوثائق والشهادات، فإن المعتقلين الذين لا يزالون محتجزين بشكل غير قانوني في سجون اللواء الرابع مشاة جبلي هم:

-محمد سلطان حميد محمد (15 عامًا، اعتقل في 1 ديسمبر 2023)

-نائف سلطان حميد محمد (25 عامًا، اعتقل في 17 أكتوبر 2023)

-ياسر الناصري (مختفٍ قسريًا منذ أكثر من عام ونصف)

-شهاب علوان (مختفٍ قسريًا منذ أكثر من عام ونصف)

-أحمد محمد سلطان حميد

-أحمد زائد سلطان حميد

-العطيل ناصر مرتضى

-أحمد عبدالكريم

-حبيش طه محمد طارش

-علوان شكري علوان (معتقل منذ 6 نوفمبر 2023)

-غمدان فحدان محمد مقبل

-عادل عبده أحمد عون

-ناقص سلطان حيد

-عادل محمد أحمد (معتقل منذ أكتوبر 2022، يعاني من حالة نفسية)

-نادر مرتضى نعمان عبدالله (16 عامًا، تعرض للاعتقال التعسفي، وتسليمه لإدارة أمن الشمايتين)

-حسين طه محمد طارش (محتجز منذ 25 أغسطس 2023، مختفٍ قسريًا)

شهادات التعذيب والمعاملة اللا إنسانية

كشفت الشكاوى والوثائق التي حصلت عليها سام عن تعرض المعتقلين داخل سجون اللواء الرابع لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي. وأكدت صحيفة الأيام في تقريرها الصادر بتاريخ 22 يناير 2025 أن بعض المعتقلين فقدوا وعيهم أثناء جلسات التعذيب، فيما أُجبر آخرون على التوقيع على اعترافات ملفقة تحت التهديد بالتصفية الجسدية.

وتشير شهادات أخرى إلى أن شقيق قائد اللواء، علوي الجبولي، وعدد من الضباط كانوا يشرفون بشكل مباشر على عمليات التعذيب، والتي تضمنت الضرب بالهراوات والعصي الحديدية، الصعق الكهربائي، والتعليق من الأيدي والأرجل لساعات طويلة.

وتؤكد إحدى الشكاوى أن ياسر الناصري وشهاب علوان تعرضا للضرب العنيف في سبتمبر 2023 حتى فقدا الوعي تمامًا، قبل نقلهما إلى جهة مجهولة بحجة إسعافهما، لكنهما لم يعودا إلى السجن منذ ذلك الحين، ولم يكشف اللواء عن مصيرهما، وفي سبتمبر 2023، تعرض كل من ياسر الناصري وشهاب علوان لضرب مبرح أدى إلى فقدانهما الوعي تمامًا، حيث تم إخراجهما إلى جهة مجهولة بحجة إسعافهما، لكن لم يتم إعادتهما إلى السجن منذ ذلك الحين، ولم يكشف اللواء عن مصيرهما حتى الآن.

ووفقًا لشهادات المعتقلين الذين أُطلق سراحهم، فقد تعرض المحتجزون لأبشع أنواع التعذيب، شملت الضرب المبرح بالعصي والهراوات الحديدية، التعليق لساعات طويلة، الصعق الكهربائي، والحرمان من الطعام والماء لفترات ممتدة. كما أفاد بعضهم بأنهم أُجبروا على التوقيع على اعترافات كاذبة تحت تهديد القتل والاعتداء على ذويهم. ولم تقتصر هذه الانتهاكات على السجناء وحدهم، بل امتدت إلى عائلاتهم، التي تعرضت للمضايقات والتهديدات المستمرة لمنعها من المطالبة بالإفراج عن أبنائها.

إجراءات باطلة وغير قانونية

وأشارت منظمة "سام" إلى أن النيابة العسكرية لم تقم بدورها في التحقيق في شكاوى التعذيب والإخفاء القسري، بل على العكس، تم إجراء تحقيقات مع المعتقلين داخل سجون اللواء ذاته، بحضور الضباط الذين قاموا بتعذيبهم، مشيرةً إلى أن بعض المعتقلين تعرضوا لمزيد من التعذيب بعد التحقيقات، كنوع من العقاب على كشفهم للانتهاكات، بحسب تقرير نشره موقع مسارات، والذي أكد أن النيابة العسكرية تماشت مع رغبات قائد اللواء، حيث لم تقم بإصدار أي قرارات بنقل المعتقلين إلى مقرات احتجاز قانونية، أو إحالتهم إلى القضاء المدني المختص، مما يثبت انحيازها لصالح القوى العسكرية المتنفذة على حساب القانون.

وجه محامي المتهمين "أنور أحمد عبد الجبار" طعنًا قانونيًا ضد إجراءات القبض والاحتجاز التي طالت موكليه، مؤكدًا وقوع مخالفات قانونية جسيمة خلال عملية الاعتقال والاحتجاز، والتي تمت من قبل جهات غير مختصة، وبطريقة تخالف القوانين الوطنية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، كما يلي:

أولًا: بطلان إجراءات القبض والاحتجاز

أفاد "عبد الجبار" في الدعوى المرفوعة بأن إجراءات القبض والاحتجاز التي نفذها قائد اللواء الرابع مشاة جبلي، والذي كلف شقيقه العلوي الجبولي وعناصره بتنفيذ حملة عسكرية غير مختصة قانونًا، تعد باطلة. حيث تم اعتقال المواطنين واحتجازهم تعسفيًا لمدة تتجاوز عامًا، ومن بينهم أحداث تقل أعمارهم عن خمسة عشر عامًا، بالإضافة إلى أطفال ومدنيين وطلاب مدارس، دون أي سند قانوني.

وذكر المحامي أن اللواء غير مختص قانونًا بأعمال الضبط القضائي وفقًا لنص المادة (84) من قانون الإجراءات الجزائية، مما يجعله مخالفًا للقوانين والمواد (16، 75، 72، 7، 7/1، 14، 09، 13، 8، 7، 6، 4، 3) من قانون الإجراءات الجزائية. كما أنه لم يلتزم بأحكام المادة (76) من قانون الإجراءات العامة والمواد (11، 10، 9، 8، 7، 30) من قانون الإجراءات الجزائية العسكرية، حيث قام بحجز حرية المحتجزين وتعذيبهم دون إحالتهم إلى الجهة المختصة قانونًا.

وأشار المحامي "أنور" إلى أن هذه التجاوزات تعد انتهاكات جسيمة لا تسقط بالتقادم، مما يثير التساؤل حول الأساس القانوني الذي استند إليه اللواء في تنفيذ هذه الاعتقالات واحتجاز المتهمين لأكثر من عام ونصف.

ثانيًا: بطلان إجراءات النيابة العامة بسبب تجاوز مدة الحبس الاحتياطي

وأوضح المحامي أن المادة (37) من قانون الإجراءات الجزائية العسكرية تنص على أن مدة الحبس الاحتياطي تنتهي خلال ثلاثة أيام، ويجوز لقاضي المحكمة الابتدائية بعد سماع أقوال النيابة والمتهم تمديدها لفترة لا تتجاوز 45 يومًا. وفي حال عدم انتهاء التحقيق، يجب عرض المتهم على المحكمة لاستصدار قرار بتمديد الحبس لمدة لا تزيد على ستة أشهر أو الإفراج عنه.

وأكد المحامي أن المتهمين قضوا في الحبس الاحتياطي عامًا ونصف، وهو ما يجعل استمرار احتجازهم مخالفًا للقانون، حيث تحول الحبس الاحتياطي إلى عقوبة فعلية تتناقض مع قرينة البراءة المنصوص عليها في المادة (4). كما خالفت النيابة العامة نصوص المواد (76/2، 13، 11، 8، 7) من قانون الإجراءات الجزائية.

وأشار المحامي إلى أن النيابة العسكرية أرسلت أحد أعضائها للتحقيق في مارس 2023، إلا أنها لم تتخذ الإجراءات القانونية اللازمة لإنهاء الحبس غير القانوني، خاصة وأن مكان الاحتجاز غير قانوني ولا يعد من الأماكن المعدة للحجز وفقًا للمادة (184).

وأضاف المحامي أن الاحتجاز غير القانوني شمل أحداثًا دون سن الخامسة عشرة، والذين على الرغم من تقديم شهادات ميلادهم وبطاقات التطعيم إلى النيابة العسكرية، إلا أنهم لا يزالون قيد الاحتجاز منذ أكثر من عام ونصف، في مخالفة صريحة للفقرة (3) من المادة المذكورة، وكذلك المواد (25، 7، 16، 14، 13، 12، 11، 10، 9) من قانون رعاية الأحداث، مؤكداً أن هؤلاء المحتجزين طلاب في الصف الثامن والثانوية العامة، وإن استمرار احتجازهم دون مبرر قانوني يلزم وجوبًا الإفراج عنهم فورًا.

ثالثًا: الجريمة المنسوبة للمتهمين غير مشهودة

أوضح المحامي أن المادة (98) من قانون الإجراءات الجزائية تحدد متى تكون الجريمة مشهودة، حيث لا تعتبر الجريمة مشهودة إلا عند وقوعها أمام مأمور الضبط القضائي أو إذا تم ضبط مرتكبها فور ارتكابها.

وأكد المحامي أن المتهمين تم القبض عليهم بعد فترة من وقوع حادثة تفجير الطقم العسكري، ولم يكونوا متواجدين على مسرح الجريمة.

وأضاف المحامي أن مرتكبي الجريمة الحقيقيين قد اعترفوا تفصيلًا بارتكابها، وظهرت اعترافاتهم في تسجيل مصور بثته قناة اليمن الفضائية، حيث تم القبض عليهم في الساحل الغربي باعتبارهم خلية تابعة لجماعة الحوثيين.

وأشار المحامي إلى أنه قد تم إرفاق هذه الاعترافات في فلاشة ضمن البلاغ المقدم إلى النيابة العسكرية، مما يعني أن استمرار احتجاز المتهمين رغم ثبوت عدم علاقتهم بالجريمة يعد باطلًا، ويستلزم الإفراج الفوري عنهم وفقًا لنصوص المواد (129، 115، 176، 172) من قانون الإجراءات الجزائية العامة.

رابعًا: تعرض المحتجزين للتعذيب وانتهاك كرامتهم

أكد المحامي أن مقدمي الطلب تعرضوا للتعذيب داخل حجز المحور باستخدام وسائل مختلفة، وتم امتهان كرامتهم بشكل يتنافى مع القوانين الوطنية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

وأضاف المحامي أن آثار التعذيب لا تزال ظاهرة على أجساد بعضهم، وهو ما سبق أن طالب به من خلال عرض المحتجزين على طبيب شرعي لإثبات هذه الانتهاكات.

رفض تنفيذ الأوامر القضائية ومماطلة النيابة العسكرية

أوردت سام أنه ورغم صدور عدة مذكرات رسمية عن النيابة العامة العسكرية تطالب بالإفراج عن المعتقلين أو إحالتهم إلى النيابات المختصة، ما يزال قائد اللواء الرابع يرفض الامتثال لهذه الأوامر، في تحدٍّ واضح لسلطة القانون. حصلت منظمة سام على مراسلة رسمية موجهة إلى وكيل نيابة استئناف المنطقة العسكرية الرابعة، مرفقة بعدة شكاوى مقدمة من أهالي المحتجزين، تطالب بتكليف عضو النيابة إبراهيم عبدالرب بالتحقيق في القضية والنزول إلى أماكن التوقيف لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. ورغم ذلك، لم تُنفَّذ أي تحقيقات فعلية، واستمرت عمليات الاعتقال دون محاسبة.

وفي 5 يناير 2025، حررت النيابة مذكرة جديدة أُرسلت إلى اللواء الرابع عبر القيادة والسيطرة، لكن أهالي المعتقلين الذين حاولوا زيارة أبنائهم يوم 19 يناير 2025 تم منعهم من الدخول، رغم انتظارهم من الثامنة صباحًا حتى الرابعة عصرًا أمام بوابة محور طور الباحة.

شهادات ذوي المعتقلين

في حديث خاص مع سام للحقوق والحريات، قال قريب أحد المعتقلين: "هذه المذكرات التي خرجت لتحويلهم للفحص الطبي، لكن أبو بكر الجبولي رفض تحويلهم إلى عدن لإجراء الفحص، وظل يماطل. لم نستطع زيارتهم أو حتى التواصل معهم أو إرسال مصاريف لهم. حتى هذه اللحظة، لا نعلم عن صحتهم أو حالهم أي شيء".

وأضاف: "خلال كل هذه الفترة، لم نستطع إرسال ثياب أو مصروف لهم. رغم أن هذه الحقوق كفلها الدستور والقانون، إلا أن الجبولي يرفض كل المذكرات، لأنه يحتمي بعضو مجلس الرئاسة عبدالله العليمي".

وتابع حديثه: "آخر محاولة للزيارة كانت قبل شهر ونصف، حين تكبدت أمهات المعتقلين عناء السفر، ولكنهن انتظرن من الصباح حتى العصر ولم يسمح لهن بالدخول، رغم خروج مذكرة من النيابة تسمح بذلك. الجبولي يدير اللواء وكأننا نعيش تحت نظام قانون الغاب".

كما تلقت منظمة سام لحقوق الإنسان بلاغًا من أسرة سلطان حميد محمد يفيد بتعرض أفراد العائلة لانتهاكات جسيمة، شملت الاعتقال التعسفي، التهديد، والمطاردة، حيث لم يبقَ في المنزل سوى النساء بعد أن أصبح جميع الذكور إما معتقلين أو مطاردين.

أشار أهالي المعتقلين إلى أن أربعة من أفراد الأسرة محتجزون دون أي مبرر قانوني، وهم: أحمد زائد سلطان (طفل)، نائف سلطان حميد محمد، نادر مرتضى نعمان، محمد سلطان حميد (طفل)، الذي استُهدف بحملة عسكرية مكونة من 20 طقمًا عسكريًا وثلاث مدرعات، مدججة بجميع أنواع الأسلحة، بحسب إفادة ذويه لمنظمة سام، في واقعة خطيرة تعكس ممارسات قمعية لا مبرر لها. كما أفادوا بأن "مهيب سلطان" مطارد، بينما يواجه آخرون تهديدات تمنعهم من التنقل بحرية.

وذكر الأهالي أن منزل العائلة تعرض للاقتحام أكثر من أربع مرات، حيث تم العبث بمحتوياته وتفتيش مستلزمات النساء الخاصة دون أي أوامر قانونية من النيابة، مما شكل انتهاكًا صارخًا للخصوصية وحقوق الإنسان، مضيفين أن هناك أشخاصًا متهمين بقضايا أكثر خطورة قد تم الإفراج عنهم بوساطات وتدخلات شخصية، بينما لا يزال أفراد عائلتهم محتجزين منذ قرابة عامين دون أي محاكمة، رغم أن النيابة العسكرية أنهت تحقيقاتها منذ أكثر من ستة أشهر دون اتخاذ أي إجراءات قانونية.

أكدت الأسرة لمنظمة "سام" أن هناك مماطلة متعمدة في نقل الأطفال إلى الطب الشرعي لفحصهم وتحديد أعمارهم، رغم صدور أوامر من النيابة العسكرية بذلك، حيث تم دفع تكاليف الفحص مسبقًا، لكن قيادة اللواء الرابع رفضت التنفيذ ووضعت مبررات واهية لتعطيل الإجراء، مشيرين إلى أنهما لم تتمكن من زيارة أبنائهم أو التواصل معهم منذ قرابة عامين، رغم حصولهم على مذكرات رسمية من النيابة العسكرية تسمح بذلك. وأضافوا أن الأمهات تكبدن عناء السفر والتكاليف للوصول إلى المعتقل، لكن لم يُسمح لهن برؤية أبنائهن، مما زاد من معاناتهن النفسية.

"سام" تدين الانتهاكات

وأعربت منظمة سام للحقوق والحريات عن إدانتها الشديدة لاستمرار هذه الانتهاكات، مؤكدةً أن الصمت الرسمي والدولي لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة الحقوقية والقانونية في اليمن، وحملت "سام" الحكومة الشرعية والقوات العسكرية المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم، وطالبت باتخاذ خطوات جادة لإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب، وتعزيز سلطة القانون وحماية حقوق المواطنين.

السياق القانوني للانتهاكات

وبينت منظمة "سام" أن استمرار هذه الانتهاكات الجسيمة يمثل خرقًا صارخًا للدستور اليمني والقوانين الوطنية، حيث تنص المادة (48) من الدستور اليمني على أن الحرية الشخصية مكفولة، ولا يجوز القبض على أي شخص أو تفتيشه أو احتجازه إلا بأمر قضائي. كما أن المادة (176) من قانون الإجراءات الجزائية تؤكد أن أي احتجاز يتجاوز السبعة أيام دون أمر قضائي يعد غير قانوني، ما يعني أن احتجاز المعتقلين لفترات تصل إلى عام ونصف هو جريمة جنائية يعاقب عليها القانون. كما أن المادة (53) من قانون العقوبات العسكري اليمني تُجرّم التعذيب، وتحدد عقوبة لا تقل عن 10 سنوات لأي مسؤول عسكري يثبت تورطه في ممارسة التعذيب ضد المعتقلين.

أما على المستوى الدولي، فإن اتفاقية مناهضة التعذيب، التي وقعت عليها اليمن، تُجرّم أي شكل من أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي، وتلزم الحكومات بملاحقة ومعاقبة مرتكبي هذه الجرائم، وتؤكد أن أي اعتقال أو احتجاز دون سند قانوني، مقرونًا بسوء المعاملة والتعذيب، يشكل جريمة يعاقب عليها القانون الدولي.

دعوة إلى التحرك العاجل

وطالبت منظمة "سام للحقوق والحريات" السلطات اليمنية بسرعة اتخاذ إجراءات حاسمة لإيقاف هذه الجرائم، ومحاسبة مرتكبيها، وإعادة الاعتبار لسيادة القانون، مؤكدةً ضرورة الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين تعسفيًا، وخاصة الأطفال القُصّر الذين تم اختطافهم دون أي سند قانوني، إذ أن استمرار احتجاز هؤلاء الأطفال في ظروف غير إنسانية يمثل انتهاكًا جسيمًا للقوانين اليمنية والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الطفل.

ودعت المنظمة إلى إجراء تحقيق دولي مستقل وشفاف حول الانتهاكات المرتكبة داخل سجون اللواء الرابع، مع ضرورة محاسبة جميع المسؤولين عنها، سواء من الضباط العسكريين أو من الجهات القضائية التي تواطأت معهم، مضيفةً أنه لا يمكن السماح باستمرار الإفلات من العقاب، حيث أن تجاهل هذه الجرائم سيشجع على مزيد من الانتهاكات ويزيد من معاناة الضحايا وأسرهم.

وشددت على إغلاق كافة السجون غير القانونية التابعة للواء الرابع، ونقل المعتقلين إلى النيابات المختصة وفق الإجراءات القانونية الصحيحة، معتبرةً أن استمرار هذه السجون هو دليل على الفوضى الأمنية وضعف النظام القضائي في البلاد.

إلى جانب ذلك، تطالب المنظمة بتحقيق فوري في مدى تورط النيابة العسكرية في التغطية على هذه الجرائم، مع محاسبة أي مسؤول يثبت تورطه في التلاعب بالإجراءات القانونية لصالح الجناة.

وحثت "سام" للحقوق والحريات المجتمع الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، على التدخل العاجل للضغط على السلطات اليمنية لضمان وقف هذه الانتهاكات الجسيمة، وإنهاء الاحتجاز غير القانوني للمواطنين الأبرياء، مشددةً على أن استمرار هذه الجرائم دون تحرك دولي جاد سيؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني، ويعرّض حياة المعتقلين للخطر.

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI