7 يوليو 2024
4 ديسمبر 2022
يمن فريدم- بلومبرغ

 

 

حطمت بريطانيا كل الأرقام القياسية السيئة في عام 2022، مع انهيار عملتها إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، وتسجيلأكبر ارتفاع في عائدات السندات الحكومية على الإطلاق، فيما شهدت البلاد أقصر فترة لبقاء رؤساء الوزراء في الخدمة علىمر التاريخ.

 

اندلعت الأزمة في سبتمبر بسبب خطة رئيسة الوزراء آنذاك ليز ترس، غير التقليدية لخفض الضرائب وزيادة الاقتراض، فيمحاولة لتعزيز النمو الاقتصادي. غير أن هذه الأزمة كانت تختمر على مدى سنوات، ولم تنته بسقوط ترَس بعد 6 أسابيع منتوليها المنصب.

 

اصطدم عدم الاستقرار الحكومي واضطراب التجارة بسبب الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، بتحديات هيكلية، جعلتالمملكة المتحدة عرضة للتقلبات المفاجئة في تدفقات رأس المال على المستوى العالمي.

 

1) كيف ساء الوضع في المملكة المتحدة؟

 

حتى قبل خطة السياسات المشؤومة لترَس، كان اقتصاد المملكة المتحدة متخلفاً عن نظرائه. تلقّى الاقتصاد البريطاني ضربةأقوى من جائحة كورونا مقارنةً باقتصادات أوروبية عديدة غيره، جزئياً بسبب اعتماده بشكل أكبر على الخدمات وإنفاقالمستهلكين، وهما القطاعان اللذان تأثرا سلباً بالإغلاقات المتكررة.

 

قادت المملكة المتحدة حملة مقاطعة صادرات الطاقة من روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا، ثم عانت من التداعيات الناتجة عنالتضخم العالمي، الذي زاد التوترات الاجتماعية والفقر سوءاً، وتسبب في اضطرابات عمّالية، ما أثّر على السكك الحديديةوخدمات الصحة والكليات، وعلى أكبر شركة اتصالات هاتفية في البلاد.

 

لندن تفقد أكبر سوق أسهم أوروبية لصالح باريس 

 

اقتصاد بريطانيا، هو الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي لا يزال أصغر حجماً مما كان عليه قبل الجائحة. تخطى اقتصاد الهندنظيره البريطاني مؤخراً كأكبر خامس اقتصاد في العالم. وخلال نوفمبر الماضي، حلّت بورصة باريس محل بورصة لندنكأكبر سوق للأوراق المالية في أوروبا.

 

2) ما الذي فجّر الأزمة؟

 

بعد فترة قصيرة من تولّي ترَس رئاسة الوزراء خلفاً لبوريس جونسون، كشفت حكومتها عما كان من الممكن أن يصبح أكبرتخفيضات ضريبية خلال نصف قرن، دون طرح خطة مقنعة لتمويلها. هددت هذه الإجراءات بتفاقم التضخم، في الوقت الذيرفع فيه بنك إنجلترا  إلى جانب بنوك مركزية أخرى،أسعار الفائدة  لمكافحة ارتفاع الأسعار.

 

المملكة المتحدة تعتمد أكبر تخفيضات ضريبية منذ 1972 

 

بعد الإعلان عن هذه الخطط، طالب المستثمرون بعوائد أعلى لشراء السندات الحكومية، ما فاقم تكلفة خدمة الدين علىالحكومة، وجعل من الصعب عليها تسديد الأموال التي اقترضتها خلال الجائحة. جعلت أزمة السندات أيضاً قروض أنشطةالأعمال والرهن العقاري للمنازل، أعلى تكلفة، كما دمّرت سمعة حزب المحافظين، الذي تنتمي إليه ترَس، فيما يخص الإدارةالاقتصادية السليمة.

 

3) لماذا تأثرت الأسواق بشدة؟

 

هوت الخطة بالعملة البريطانية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق مقابل الدولار الأميركي، كما تسببت في ارتفاع قياسيلعائدات السندات. سبَّب ذلك مشكلة لصناديق المعاشات التي تمتلك غالباً ضمن حيازتها سندات حكومية، كما تستثمر فيالمشتقات لضمان أن أصولها تُعادِل دوماً التزاماتها.

 

لم تكن استراتيجيات التحوّط الخاصة بالصناديق مُصمّمة للتعامل مع هذا المستوى من تقلبات أسعار السندات، وواجهتهامطالب مفاجئة بتقديم مزيد من الضمانات التي هدّدت بدفع الدين الحكومي إلى دوامة الهبوط. تدخَّل بنك إنجلترا واشترىالسندات لمنع حدوث انهيار في أسواق الائتمان.

 

4) ما التداعيات؟

 

أسفر تدخُّل البنك المركزي عن تهدئة السوق، فيما استقالت ترَس، وأُلغيت معظم خططها. لكن العوائد على السندات الحكوميةلأجل 10 سنوات استمرت أعلى بـ35 نقطة أساس في نوفمبر، مقارنة بالفترة التي تولّت فيها الحكم أوائل سبتمبر.

 

هذه التجربة الفاشلة، تركت خليفة ترَس، ريشي سوناك، بحاجة إلى تطبيق تخفيضات أكبر في إنفاق الدولة، وضرائب أعلىلاستعادة المصداقية المالية للحكومة. من المرجح أن ذلك سيسحب الزخم من اقتصاد أضعفه بالفعل خروج بريطانيا منالاتحاد الأوروبي في عام 2020. ووفقاً لمكتب مسؤولية الميزانية المستقل، من المتوقع أن يكون حجم تجارة بريطانيا معالاتحاد الأوروبي أقل بنحو 15% على المدى الطويل مما لو ظلت في الكتلة.

 

سجّل النمو في إنتاجية البلاد، والذي يعني الإنتاج الاقتصادي لكل ساعة عمل باعتباره مفتاح تحسين الأوضاع المعيشية،ثاني أقل نسبة ضمن مجموعة الدول الصناعية السبع  بين 2009 و2019. ويقول منتقدو الحكومة، إن هذا "العقد الضائع"،هو سبب التخفيضات في التعليم والتدريب المهني والاستثمار في البنية التحتية.

 

5) ما هو الوضع الآن؟

 

أعادت المشكلات في بريطانيا إحياء ذكريات عام 1976، عندما احتاجت الدولة قرضاً من صندوق النقد الدولي لتجنب أزمةعملة. يقول بعض الاقتصاديين إن الدولة بدأت تشبه سوقاً ناشئة، إذ أن تقلبات العملة تسببت في تدهور أوضاع الديونوالسياسة، لدرجة أن المستثمرين أصبحوا يعزفون عن دخول السوق إلا إذا جرى تعويضهم بعوائد أعلى.

 

كيف تخطط لندن لاستعادة جاذبيتها المالية بعد "بريكست"؟

 

وصل عجز ميزان الحساب الجاري، الذي يشمل الفارق بين قيمة الصادرات وواردات السلع والخدمات، إلى 7.2% من الناتجالمحلي الإجمالي في الربع الأول من 2022، وهو الأعلى منذ بدء التسجيل في 1955، ما يجعل البلاد أكثر عرضة لتقلباتالسوق إذا ما حدثت أزمة ثقة.

 

في العادة، كانت المملكة المتحدة قادرة على تمويل العجز، إذ كان الأجانب مشترين نهمين للأصول البريطانية، جزئياً بفضلاقتصاد ديناميكي وتطبيق سيادة القانون بكل حزم. إلا أن هذا الوضع سيكون موضع اختبار، حيث يتوقع الاقتصاديون أنتتجه المملكة المتحدة نحو أعمق وأطول فترة ركود بين دول مجموعة السبع.

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI