22 نوفمبر 2024
12 سبتمبر 2023
يمن فريدم-صحيفة العرب

 

تنصبّ الجهود السياسية والدبلوماسية الإقليمية والدولية للأطراف المهتمة بالملف اليمني حاليا على إخراج البلد من حالة الحرب التي يعيشها منذ تسع سنوات، بالتوازي مع محاولات التخفيف من سوء الأوضاع الإنسانية المترتّبة عن تلك الحرب.

 

غير أنّ مشاكل كثيرة تنتظر البلد في حال تمّ التوصّل إلى السلام المنشود، وقد ترافقه لسنوات طويلة قادمة لتقف عائقا أمام استعادة الحياة الطبيعية في عدد من مناطقه وتمنع إرساء تنمية بشرية فيها. ومن بين تلك المشاكل اتّساع رقعة الأراضي المزروعة بالألغام والملوثة بشتى أنواع الذخائر.

 

وحذّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن اليمن بات يعاني من أحد أعلى المعدلات العالمية للتلوث بالألغام وغيرها من المتفجرات من مخلفات الحرب.

 

وقال مدير عمليات الشرق الأوسط في اللجنة فابريزيو كاربوني في مقابلة صحفية إن أفقر دول شبه الجزيرة العربية هي من بين أكثر ثلاث دول تضررا بالمتفجرات.

 

ويقدّر خبراء في هذا المجال أن ما لا يقلّ عن مليون لغم زرعت خلال سنوات الحرب التي اندلعت في منتصف 2014 بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والذين سيطروا في السنة ذاتها على العاصمة صنعاء، وتفاقمت مع تدخل السعودية إلى جانب القوات الحكومية في العام 2015.

 

وقال كاربوني لوكالة فرانس برس "عندما يتعلّق الأمر بالتلوّث بالسلاح فإن اليمن، إلى جانب أفغانستان والعراق، من بين الدول الثلاث الأكثر تضرّرا من ذلك"، مضيفا "إنّه أمر مدمّر حقا وله تأثير كبير على الناس وسلامتهم وكذلك سبل عيشهم".

 

وتدير السعودية برنامجا تطلق عليه تسمية مشروع "مسام" لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام. ورغم أنّ البرنامج ظل يعلن على مدى السنوات الماضية عن نزع وتفكيك الآلاف من الألغام إلاّ أن جهوده التي تقتصر على مناطق محدودة من البلاد تظل بعيدة عن إنهاء المعضلة التي تواجه شرائح كبيرة من اليمنيين لاسيما المزارعين الذين يعتمدون في حياتهم على الرعي وزراعة الأرض، ويساهمون بشكل كبير في توفير الأغذية من حبوب ولحوم وغيرها.

 

وخلّف النزاع في اليمن مئات الآلاف من القتلى سقطوا في الحرب أو قضوا بسبب الظروف المترتبة عنها وبينها سوء التغذية وانتشار الأوبئة.

 

ووفقا لـ "مشروع مراقبة الأثر المدني" المرتبط بالأمم المتحدة، فقد تسبّبت الألغام الأرضية والقذائف غير المنفجرة وغيرها من مخلفات الحرب في سقوط 1469 ضحية من المدنيين خلال السنوات الخمس الماضية.

 

وقال كاربوني "حجم الذخائر غير المنفجرة هائل".

 

وفي منطقتين قريبتين من إحدى جبهات القتال أبلغ 20%من أصحاب الماشية اللجنة الدولية للصليب الأحمر خلال استطلاع العام الماضي عن وجود متفجرات في أراضيهم. كما خلصت دراسة أخرى أجرتها اللجنة إلى أن 70% من هؤلاء فقدوا ماشية بسبب الألغام الأرضية وغيرها من المتفجرات.

 

وحذّر كاربوني من أن انتشار المتفجرات كبير للغاية إلى درجة أنه من غير الممكن إزالة كل الألغام ومخلّفات الحرب في حال انتهى الصراع اليوم. وأوضح أنه حتى لو ساد السلام فإن إزالة المتفجرات ستستغرق سنوات عديدة، مضيفا “نحن نتحدث عن عقود ربما. لكنّها مسألة موارد” في الأساس وهو ما يفتقده اليمن حاليا.

 

وتراجعت حدة القتال في اليمن بشكل ملحوظ بعد وقف إطلاق النار الذي توسّطت فيه الأمم المتحدة ودخل حيّز التنفيذ في أبريل 2022 ولا يزال صامدا إلى حد كبير حتى بعد انتهاء مدة الاتفاق في أكتوبر من العام نفسه.

 

وبعث التقارب الذي تم مؤخّرا بوساطة صينية بين إيران والسعودية بعد ثماني سنوات من قطع العلاقات بينهما أملا بنهاية النزاع في اليمن.

 

وقال كاربوني "هذه هي المرة الأولى التي أشعر فيها حقا أن هناك خيارات سياسية مقنعة وملموسة على الطاولة، وأن العنف والصراع لم يعودا الخيار الوحيد".

 

وفي الانتظار تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتدريب السكان على الإبلاغ عن مخلّفات الحرب وكيفية التعامل معها.

 

وأضاف مسؤول الصليب الأحمر "نعقد جلسات مع السكان حيث نبلغهم بالمخاطر المتعلّقة بالذخائر غير المنفجرة، ونطلب منهم إبلاغنا إذا عثروا على مخلفات حرب حتى نتمكن من تنظيم عملية الإزالة مع مختلف السلطات والشركاء". وتابع "هذا أمر جديد تماما بالنسبة إلينا".

 

إلى جانب ذلك تبذل اللجنة أيضا جهودا لتحديد هوية رفات مقاتلين لقوا حتفهم وإعادتها إلى العائلات.

 

وقال مدير عمليات الصليب الأحمر الإقليمي "هناك العديد من الجثث ونريد حقا العمل مع جميع أطراف هذا الصراع لدفع هذا الملف قدما”، مضيفا “نحن نستثمر في الطب الشرعي ونستثمر كذلك في محاولة جمع كافة الأطراف حول الطاولة".

 

وفي مايو الماضي تبادل المتمردون والقوات الحكومية جثث 43 مقاتلا، في أكبر عملية من نوعها حتى الآن منذ بداية الحرب. وقبل ذلك بشهر أطلقوا سراح ما يقرب من 900 معتقل.

 

وقال كاربوني "نريد أن نكون متفائلين ولكن في الوقت ذاته، لا نريد أن نكون ساذجين".

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI