18 أكتوبر 2024
آخر الاخبار
26 سبتمبر 2023

 

لم تكن ثورة الـ 26 من سبتمبر 1962، مجرد حدث يدوّنه التاريخ في بلد شهد منعطفات تاريخيه كثيرة، بل كانت حدث استثنائي فريد وخالد، يحيي في نفوس اليمنيين تاريخ من النضال الوطني الكبير ضد حقبة هي الأسواء في تاريخ هذا البلد.

 

ثورة 26 سبتمبر كانت قدر حتمي، وحدث قاده الضباط الأحرار وألتف حولهم الشعب، لوضع حد لحقبة ظلامية امتدت لأكثر من ألف عام، تجرع اليمنيين خلالها الويلات والانتكاسات والعزلة، والحرمان من أبسط المقومات، إلى جانب الظلم الذي ترك صورا كثيرة لما عانى منه اليمنيين حينها.

 

أعاد سبتمبر تشكيل هوية اليمني الحر في كنف جمهورية قامت على أنقاض حكم ملكي مستبد انعزالي، ولم تكن هذه صدفة تاريخية عابرة بل ما تزال حتى اللحظة، وكأننا نعيش لحظاتها في المرحلة الحرجة التي يمر بها اليمن، ما يزال هذا اليوم حي في قلوب الصغار قبل الكبار وكل مكونات المجتمع.

 

تلك هي نقطة التحول الكبيرة في تاريخ الجمهورية اليمنية وأهداف ثورتها العظيمة التي علت من شأن الشعب الذي عاش عصور من الظلام والتخلف والاستبداد ومصادرة الحقوق والحريات، وكل شيء له علاقة بالحياة العامة البسيطة التي كان يحلم بها آخر جيل من تلك الفترة البغيضة والأجيال التي تلت الثورة.

 

الحديث في المرحلة الراهنة عن ليلة إعلان قيام الجمهورية وسقوط الملكية يتولد لدينا أحساس بالعظمة والرهبة لبيان الإعلان عن النهاية غير المأسوف عليها لمرحلة الإمامة الغاشمة، وهنا تمكن أهمية ثورة 26 من سبتمبر لكل الأجيال المتعاقبة، وهذا مكسب وطني كبير ليمن التاريخ والحضارة المتجذرة.

 

الدعم الذي تلقته ثورة 26 سبتمبر من الخارج، دليل على مشروعيتها وكضرورة وطنية يجب أن تنهض لوقف حالة الانتكاسة الشعبية في ظل عهد الملكية، ورغم محاولات وأد الثورة إلا أنها قاومت وصمدت حتى يومنا هذا، لأن روح الثورة متواجد في الضمير الوطني والتاريخي لكل يمني يدرك أهمية ذلك اليوم.

 

وبالعودة إلى ما بعد ثورة 26 سبتمبر 1962، ثمة أشياء ينبغي أن نستحضرها كجيل يكمل مشوار هذه الثورة الخالدة، هو أن الوضع السياسي والاجتماعي في تلك الفترة كان معقدًا للغاية، بفعل الصراعات بين النظام الملكي والفصائل الثورية، وتدخل القوى الخارجية، وكانت تلك محاولات لإعادة العهد الذي لفظه الشعب اليمني حينها، وها هي اجداث مشابهة تعود بلباس جديد لإعادة العهد البائد، وبكل تأكيد ما حدث منذ العام 2014 واسقاط عاصمة الجمهورية اليمنية بيد مليشيات تحمل الفكر الإمامي المنتهي في محاولة لطمس ملامح الثورة والجمهورية.

 

كل هذه المحاولات حُكم عليها بالفشل مسبقًا، لا يمكن إقناع مواطن يمني اليوم بفكرة الملكية شكلها ومضمونا، كل يمني كافر بحقبة ألف عام من التسلط والاستعلاء، والاستبداد وتكميم الأفواه، وليس من المنطق مجاراة اليمني الجمهوري بهذه الأفكار المرفوضة طالما إيمانه بالثورة متجذر في الأعماق.

 

اليوم اليمن على مفترق طرق، وتشعبات كثيرة بفعل العودة الظلامية القادمة من كهوف مران وما جاورها، ورغم كل الانتكاسات التي افرزتها الجماعة الحوثية الإرهابية، ما يزال اليمني يقاوم الفكر المتصحر لهذه الجماعة، ما يزال ينعش في نفسه الآمال والطموحات بثورة 26 سبتمبر.

 
والحقيقة التي لا يمكن إخفاؤها، هي أن ثورة 26 سبتمبر ما تزال تدفع كلفة باهظة منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، هي ليست خطيئة بل ضرورة حتى لو كان الثمن كبير، من يؤمن بالتحرر من الاستبداد والاستعباد وإزالة الامتيازات بين بين طبقات الشعب لا يعتبر ذلك كُلفة أيا كان حجمها.

 

الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة تستحق من شعب يؤمن بثورة 26 سبتمبر أن يناضل ويقدم الغالي والنفيس من أجلها، ومن اجل من أشعلوها فتيلها، الثورة ما تزال مستمرة رغم كل المحاولات لجعلها حدث من الماضي، وينبغي على أجيال هذه الثورة أن يجعلوها المرحلة الفارق والمهمة في التاريخ اليمني.

 

التمسك بأهداف ثورة 26 سبتمبر، هو التمسك بالحياة والعدالة والحرية وكل ما من شأنه أن يحفظ كرامة اليمني ويجعله حرًا لا عبدًا يقبل أقدام من يضنون أنفسهم صفوة القوم، اليمني يأبى أن يكون مجرد وجود بشري يخدم ثلة من الناس يدعون الاصطفاء الإلهي على حساب كرامته وعزته.

 

علينا بثورة 26 سبتمبر فهي القدر والهوية والتاريخ والحضارة التي يعرفها العالم عن اليمني، ولو لم يكن لليمنيين سوى هذه الثورة لكفاهم ذلك، ويجب عليهم الاعتزاز بها بين كل الشعوب والحضارات، عليهم أن يتغنوا بها ويعيشوا لحظاتها رغم كل ما يحدث. 

 الثورة المشروعة لا تموت طالما ضوئها لم يأفل.

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI