21 نوفمبر 2024
28 سبتمبر 2023
يمن فريدم-توفيق الشنواح

 

على رغم القمع والمنع والاعتقال الذي شنه الحوثيون في حقهم إلا أن اليمنيين في صنعاء آثروا الخروج جماعات للاحتفاء بالذكرى 61 لثورة 26 سبتمبر (أيلول) 1962 التي أطاحت بحكم الأئمة الزيدية في مسيرات مبتهجة كان للمرأة فيه حضوراً بارزاً غير مسبوق.

 

وشهدت تلك التظاهرات العفوية التي تجاهلت حملات التحذيرات وإطلاق النار والاعتداء بأعقاب البنادق ونزع الأعلام من على سياراتهم وأكتافهم، مشاركة واسعة للنساء والأطفال والشباب، وتعرضت بعض تلك المسيرات لاعتداءات من عناصر الحوثيين قبل أن يحمل كثير من المحتفلين الحجارة ويقذفون بها عناصر الجماعة، وحدوث اشتباكات أدت إلى سقوط جرحى، بخاصة في جولة ريماس، جنوب العاصمة صنعاء في محاولة لمنع المتظاهرين التوجه إلى ميدان السبعين التاريخي، رمز الثورة.

 

لا تغضب الوطن

 

وتحولت مشاعر الاحتفاء بذكرى الثورة التي يدين لها اليمنيون بالخلاص من "الحكم الامامي الكهنوتي المتخلف" كما يصفونه، إلى ما يشبه الثورة بعد تحولها إلى تظاهرات غاضبة عقب قيام عناصر الأمن الحوثية بتمزيق الأعلام الوطنية ونزعها من على سيارات المحتفلين ورميها على الأرض واعتقال كثير منهم بحسب ما وثقته مقاطع فيديو انتشرت في مواقع التواصل على مدى الساعات الماضية وسط نفي حوثي.

 

وصادرت الجماعة عبر حواجز أمنية مستحدثة، نشرتها على أحياء وشوارع العاصمة صنعاء، كل الأعلام التي كان يحملها المواطنون ونزعتها من سياراتهم تحت تهديد السلاح، في حين تحدثت مشاركات من بينهن محامية يمنية معروفة، عن ملاحقة عناصر نسائية حوثية لسيارتها والاعتداء عليها والنساء اللواتي كن معها بالضرب والشتم وتنفيذ مخططات أجنبية.

 

هذه الاجراءات استفزت مشاعر الناس الذين قالوا إن عمليات تمزيق الأعلام وإسقاطها ورميها "تطاول غير مسبوق في تاريخ البلاد"، وإدانة حكومية على لسان وزير الإعلام اليمني، وهو ما دفع بالآلاف إلى الخروج في تظاهرات واسعة في شوارع صنعاء وإب والحديدة وتعز، ومدن أخرى في نطاق سيطرة الحكومة الشرعية بينها حضرموت، رفعوا خلالها الأعلام ورددوا النشيد الوطني وهتافات تتنافى مع "شعار الصرخة" المستوحى من نظام إيران الذي فرضته الجماعة منذ سيطرتها في المدارس والمساجد والاحتفالات والتجمعات الشعبية، وسط قلق شعبي ورسمي من القمع الحوثي المعتاد في مثل هذه المناسبات التي اعتبرها يمنيون استفتاء شعبياً ضد الجماعة المدعومة من إيران واحتجاجاً مدنياً سلمياً منهم على ممارسات الميليشيات بحق الشعب اليمني منذ انقلابهم في 21 سبتمبر 2014.

 

وصادف أمس الثلاثاء الذكرى الـ 61 لثورة اليمن التي أرست النظام الجمهوري في عام 1962 بدعم من الزعيم الراحل جمال عبدالناصر والجيش المصري، الذي قاتل في اليمن إلى جانب الثوار ووفر دعماً كبيراً لتنظيم الضباط الأحرار الذي فجر الثورة شمال اليمن وإسقاط العهد الملكي الذي يصفه اليمنيون بـ "الثيوقراطي السلالي"، ما هيأ الظروف اللازمة تالياً لتحرير جنوب اليمن بطرد الاستعمار البريطاني في ثورة 14 أكتوبر (تشرين الأول) 1963.

 

قمع ومنع

 

وحتى وقت متأخر من الليل شهدت صنعاء تظاهرات واحتفالات مؤيدة للجمهورية ورافضة لاعتداءات الميليشيات بحق المحتفلين، إضافة إلى تظاهرات أخرى شهدتها محافظة إب التي استبقتها الجماعة بإغلاق المركز الثقافي بالمدينة ليتحول الاحتفاء إلى الشوارع والميادين العامة بشكل أوسع على رغم القيود الحوثية ومحاولات المنع والقمع.

 

شهود عيان أكدوا لـ اندبندنت عربية" أن الميليشيات باشرت بإطلاق النار في محاولة لتفريق الحاضرين، ثم شنت حملة اختطافات عشوائية واسعة وأخذتهم عبر دورياتها العسكرية إلى جهات مجهولة.

 

وكان من ضمن المختطفين الناشط فارس حرمل الذي اختطف أثناء قيامه بالبث المباشر على صفحته بـ "فيسبوك" لمظاهر الاحتفال.

 

تفريق مسبق

 

من جانبه نشر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني مقاطع فيديو وقال إنها أثناء "قيام عناصر ميليشيات الحوثي الإرهابية التابعة لإيران بالاعتداء على المواطنين المحتفلين بالذكرى 61 لثورة 26 سبتمبر المجيدة، وتفريقهم بالرصاص الحي وإحراق الاعلام الوطنية".

 

ووصف الإرياني هذا الفعل بأنه "عمل جبان يكشف حال الرفض الشعبي لمشروعها الكهنوتي الإمامي المتخلف، ويؤكد حقدها الدفين على الثورة والجمهورية".

 

وتمنع جماعة الحوثي أي دعوات شعبية أو تجمعات احتجاجية غير مؤيدة لها خشية تحولها لثورة شعبية بعد تنامي حال الغليان المجتمعي جراء الممارسات القمعية التي تمارسها بحقهم، خصوصاً مع رفضها القاطع صرف رواتب الموظفين منذ سبع سنوات، في حين تضاعفت إيراداتها من خلال عمليات الجباية والضرائب الضخمة التي تتحصلها من كافة القطاعات في المناطق الخاضعة لسيطرتها، إضافة إلى موقفها المبدئي المعادي لثورة 26 سبتمبر التي أطاحت بحكم الأئمة الملكي الذي تعد امتداداً موضوعياً له، بحسب مراقبين، ومساعي الجماعة الحوثية استبدالها بذكرى الانقلاب يوم 21 سبتمبر التي أطلق عليها اليمنيون حملة إلكترونية ووصفوها بـ "يوم النكبة".

 

وذكرت مصادر محلية في محافظة إب (وسط اليمن) أن مسلحين حوثيين اقتحموا تجمعات جماهيرية في حي الرضوان كانوا يحتفلون بالرقصات والأغاني الوطنية وأطلقوا النار لتفريقهم.

 

وتزامن ذلك مع تعميم وزعته على مسؤولي الأحياء أو ما يعرفون بـ "عقال الحارات" في مختلف أحياء مركز المحافظة ومدنها وشيوخ القرى والعزل بمنع أية تجمعات مشددة على الإبلاغ عن أي نيات أو استعدادات لأي تجمعات.

 

 وتأتي هذه الإجراءات بعدما رصدت الجماعة مظاهر الاستعدادات الشعبية للاحتفال بذكرى الثورة التي استبقوها بحملات ترحيبية في مواقع التواصل ورفع الأعلام الوطنية على أسطح المنازل والسيارات والمحال التجارية وجدران المنازل والجبال وغيرها.

 

وقالت الباحثة اليمنية في معهد الشرق الأوسط في واشنطن ندوى دوسري في منشور على منصة "إكس"، "في الشمال الذي يسيطر عليه الحوثيون، وضع العلم اليمني على السيارات وبيعه في الشارع احتفالاً بذكرى ثورة 26 سبتمبر، جريمة تستحق إطلاق النار والترهيب. هذا هو مدى تكريس الجماعة المتمردة لإعادة الإمامة".

 

أفكار الإمامة والولاية

 

وشهدت مدينتا المخا ومأرب احتفالات غير مسبوقة تخللتها عروض عسكرية واستعراض قوة يقرأ في سياق الرد على تصعيد ميليشيات الحوثي وعروضها العسكرية الأخيرة في ذكرى انقلابها في 21 سبتمبر.

 

وبهذه المناسبة قال عضو مجلس القيادة الرئاسي العميد طارق صالح إن أفكار الإمامة والولاية فشلت في إطفاء بريق ثورة الـ 26 من سبتمبر.

 

وأضاف نجل شقيق الرئيس الراحل علي عبدالله صالح وقائد حراسته في تدوينة على حسابه بمنصة "إكس" أن "إيقاد اليمنيين شعلة ثورة 26 سبتمبر في كل مدينة وقرية وجبل وإشعالهم منصات التواصل الاجتماعي بهذه المناسبة العظيمة وبهذا الزخم المتزايد كل سنة، يؤكد أن المشروع الخميني وأفكار الإمامة والولاية فشلت في إطفاء بريق الثورة والجمهورية بين أبناء الشعب".

 

وأشار صالح إلى أن "سبتمبر باقية والإمامة الحوثية إلى زوال".

 

انهيار حاجز الخوف

 

وشنت ميليشيات الحوثي حملات خطف وقمع واسعتين ضد المواطنين المشاركين في الاحتفالات.

 

وناشدت عشرات الأسر في صنعاء ضرورة سرعة إطلاق أبنائها الذين تم اعتقالهم خلال فعاليات الأمس.

 

ووجهت أسر المعتقلين نداء إلى المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان التدخل للضغط على جماعة الحوثيين لإطلاق المعتقلين.

 

وقال المحامي عبدالمجيد صبرة إن ميليشيات الحوثي نفذت حملة اختطاف واسعة بحق الشباب المحتفلين بذكرى ثورة سبتمبر الليلة الماضية ومساء أمس الأول، وزجت بالمئات منهم في سجون أقسام الشرطة والمناطق الأمنية الخاضعة لسيطرتها.

 

وأضاف صبرة في منشور على حسابه في "فيسبوك" أن عدد المختطفين في أقسام الشرطة بصنعاء يصل إلى 1000 شاب، من بينهم 20 مختطفاً محتجزين في قسم جمال جميل بمنطقة التحرير، والذي غير الحوثيون اسمه إلى قسم "أبو حرب الملصي".

 

وأوضح أنه زار مع المحامي محمد عبدالغني القسم المصلحة لمتابعة الشباب المحتجزين منذ الإثنين بسبب رفعهم لعلم الجمهورية اليمنية بمناسبة احتفالهم بعيد ثورة 26 سبتمبر الخالدة.

 

وختم صبره منشوره بالقول إن اليمنيين كسروا حاجز الخوف وينتظرون ساعة الخلاص من الإمامة الحوثية التي أعادت اليمنيين لعصور الاستبداد والعنصرية والخرافة والتجويع والإفقار الممنهج، بينما هي تعيش في نعيم لم يسبق لهم أن عاشوه ويتباهون بالقصور والعمارات الفاخرة".

 

لا ينتمون لنا

 

وبينما اعترف القيادي الحوثي نصر الدين عامر، المعين رئيساً للنسخة الحوثية من وكالة "سبأ"، بهذه الممارسات، متهماً أن من أقدموا على تمزيق ونزع الأعلام لا ينتمون لجماعته بل مطلوبون لها، انتشرت مقاطع فيديو أخرى لسيارات تابعة للميليشيات وعلى متنها مسلحون حوثيون يعملون على نزع الأعلام التي رفعها الشباب المحتفلون في الليلة السابقة على الجدران وأعمدة الإنارة.

 

(اندبندنت عربية)

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI