7 يوليو 2024
24 ديسمبر 2023
يمن فريدم-خاص-مختار شداد

 

في ميناء الحاويات بعدن، تصل حاوية حديدة محملة بالأدوية غير مخصصة لهذا الغرض، تحجز الحاوية في الميناء لمخالفتها الشروط المتبعة، وبعد قرابة التسعة أشهر يتم الإفراج عنها من قبل جمارك المنطقة الحرة بعدن، يتفاجأ النقيب المسؤول من أمر الإفراج ويسرع برفع مذكرة إلى مدير شرطة المنطقة الحرة مدونًا فيها، بأن الثلاجة غير مبردة منذ تاريخ احتجازها، وبأنه يوجد رطوبة على الكراتين، ويوجد نمل وبيوت عنكبوت بين باكتات الأدوية، ويكتب في نهاية مذكرته بأن كلًا من الجمارك والهيئة العليا للأدوية، كل طرف يريد أن يحمل المسؤولية للطرف الآخر.

 

الضابط الذي رفع المذكرة إلى مدير شرطة الجمارك يرأس منصب رئيس قسم الأدوية والمخدرات في شرطة المنطقة الحرة، مقترحًا بضرورة اتلاف الأدوية، لكن الهيئة العليا للأدوية تصدر مذكرًة في تطالب فيها بالإفراج عن الحاوية وتخزين الأدوية في مخازن الشركة تحت اشراف الهيئة.

 

تتبع تلك الحاوية شركة تحمل إسم "فارما بيديا" للاستيراد، وصلت إلى ميناء عدن قادمة من باكستان في تاريخ 17/9/2020، تحمل ستة أصناف من الأدوية بمبلغ يزيد عن سبعة وثلاثون ألف دولار أمريكي، وفي تاريخ 27/6/2021، صدرت مذكرة من الهيئة العليا للأدوية بأمر الإفراج عن الشحنة، وأنه قد تم معاينتها وأخذ العينات من قبل مندوب الهيئة، وبحسب التواريخ فإن الشحنة احتجزت في الميناء لأكثر من تسعة أشهر بدون تبريد.

 

في تاريخ 5/7/2021، يرفع العميد عبد السلام العمري مدير عام شرطة المنطقة الحرة مذكرة إلى مدير عام الهيئة العليا للأدوية يطلبه فيها بإعادة النظر في أمر الإفراج عن الحاوية التابعة لشركة "فارما بيديا" ويشير في مذكرته إلى أن الأدوية قد تغير بعض لون أصنافها جراء تعرضها لدرجة حرارة عالية نتيجة لتوقف الثلاجات من تاريخ وصولها.

 

في النهاية يقرر مدير الجمارك تسليم أمر الإفراج لمندوب الهيئة العليا للأدوية، ويخلي في المذكرة مسئوليته الكاملة مدونًا فيها (يتم تسليم الإفراج لمندوب الهيئة لتحريزها تحت اشرافهم وعلى مسئوليتهم). 

 

يبقى الباب مفتوحًا أمام أسئلة لا إجابة لها، فرغم محاضر الإثبات والمذكرات التي تفيد أن الأدوية دخلت ميناء عدن بحاويات ليست مخصصة لنقل الأدوية وتفتقد لمعاير السلامة، وتبقى الحاوية محجوزة في الميناء تحت حرارة الشمس لأشهر طويلة، وفي النهاية يتم الإفراج عنها من قبل الهيئة العليا للأدوية، على أن تقوم الشركة المستوردة بالاحتفاظ بها في مخازنها وتحت إشراف الهيئة، لماذا تعمدت الهيئة العليا للأدوية الإفراج عن الشحنة وتجاهل مذكرات مدير شرطة المنطقة الحرة ومدير الجمارك أيضًا؟

 

أصناف الأدوية الفاسدة

 

في وثيقة أخرى تظهر أسماء أصناف الأدوية التي في الشحنة المفرج عنها، والتي يمكن اعتبارها قد فسدت نتيجة لإهمالها فترة طويلة في حاويات بدون تبريد وتحت حرارة شمس عالية، وشملت تلك المذكرة على مايلي:

 

1-دواء باراسيتامول عدد "24" الف علبة.

 

2-ميثيكوبال والمتواجد منه صنفين (أقراص وأمبولات) عدد "40" ألف باكت.

 

3-دواء ليفوفلوكساسين ويستخدم هذا العلاج للعدوى البكتيرية التي لا يمكن علاجها بمضادات حيوية أخرى، عدد "30" ألف قارورة، و "15" ألف باكت.

 

4-علاج المضاد الحيوي لينزوليد (مضاد حيوي للبكتيريا الخطيرة) عدد "5" ألف علبة.

 

ليست الشحنة الوحيدة

 

في عدد من محاضر الإثبات والمذكرات التي تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بأن العديد من شركات استيراد الأدوية لا تلتزم بمعاير السلامة في نقل الأدوية ويتم وضعها في حاويات حديدة غير مبردة، الأمر الذي من شأنه أن يغير في فعالية الأدوية ويفسدها.

 

في أحد محاضر الإثبات الصادر بتاريخ 1/11/2023، يتم معاينة وتفتيش حاوية حديدية تحتوي على أدوية بشرية باسم المستورد معمل "النور" للأدوية، وعلى الرغم من أن الحاوية غير مبرده إلا أنه تم الإفراج عنها من قبل الهيئة العليا للأدوية، بحسب محضر الإثبات رقم "10+11"

 

في ذات الشهر أيضًا، يصدر محضر إثبات حالة أخرى، حاوية تحتوي على أدوية بشرية باسم المستورد "محلات الجبر للأدوية" أفرج عنها هي الأخرى من قبل الهيئة العليا للأدوية على رغم أنها حديدية وغير مثلجة ما يعني أنها عرضة للفساد والتلف نتيجة عملية النقل.

 

في محضر إثبات آخر حمل اسم المستورد "الجبل فارما للأدوية"، حاوية حديدية، غير مثلجة، تم صرف شهادة إفراج للأدوية من قبل الهيئة العليا للأدوية، بعد حد قولهم أنه تم المعاينة من قبل مندوب الهيئة. 

 

مبالغ مقابل الإفراج

 

تفرض الهيئة العليا للأدوية مبالغ مالية تقدر بالملايين مقابل الإفراج عن شحنات الأدوية التي تصل إلى الميناء في حاويات حديدية غير مبردة، وتكتب في سندات القبض (غرامات مالية لعدم وجود ثلاجة مبردة لنقل الأدوية) الأمر الذي يشكل خطورة على سلامة المواطنين تتحمل مسؤولية ذلك الهيئة العليا للأدوية.

 

ويظهر سند قبض بتاريخ 24/10/2023 أنه تم استلام من شركة "الجبل فارما" مبلغ يزيد على اثنين مليون ريال، مقابل الإفراج عن حاوية تتبع الشركة لم تلتزم بقانون السلامة في نقل الأدوية بثلاجات مبردة من بلد المنشأ.

 

يستفيد ملاك شركات الأدوية من هذه الغرامات التي لا تقارن بالمبالغ التي سيدفعها إذا استأجر حاوية مثلجة لنقل الأدوية، طريقة يتحايل بها التجار على الهيئة العليا للأدوية في الوقت الذي تستفيد منه الهيئة بتغريم التجار لدفع مليوني ريال مقابل كل حاوية غير مثلجة، الأمر الذي يتكرر كثيرًا دون اتخاذ أي إجراءات تمنع التجار من ذلك، فاذا استأجر التاجر حاوية مثلج سيضطر لدفع مبلغ خمسة ألف دولار مقابل عملية النقل، بالإضافة إلى دفع 45 ألف دولار مبلغ ضمان يرد للتاجر حين عودة الحاوية المبردة.

 

وثيقة إخلاء المسؤولية

 

في الثاني من يوليو للعام 2022، وقع كلًا من مدير عام شرطة المنطقة الحرة، ومدير عام جمارك المنطقة الحرة على مذكرة تم رفعها للمحافظ أحمد لملس، ونسخة للنائب العام وعدد من الجهات الرسمية، ورد في المذكرة أنه توصل شحنة أدوية محملة بحاويات غير مخصصة لحفظ الأدوية، وبأنه تم رفع مذكرات إلى الهيئة العليا للأدوية وأخذ تعهدات من المستوردين لعدم تكرار ذلك، ولكن ذلك يتكرر ويتم الإفراج عنها من قبل الهيئة العليا للأدوية، وقالا في المذكرة "إن أمن المنطقة الحرة وجمرك المنطقة الحرة نخلي مسؤوليتنا عن وصول أي أدوية بحاويات غير مبردة وغير مخصصة لحفظ الأدوية وتتحمل المسؤولية الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية). 

 

وعملًا بمبدأ حق الرد، ذهبنا لمكتب المدير العام التنفيذي للهيئة العليا للأدوية عبدالقادر الباكري، ولكنه رفض التصريح لنا بحجة أن معد التقرير لا يمتلك بطاقة عضوية الصحفيين اليمنين، كما أنه تم منع دخول الصحفي إلى جمارك المنطقة الحرة من قبل نقطة أمنية طلبت بلاغًا مسبقًا بذلك.

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI