اتهام للحوثي بحقنهم بأدوية منتهية الصلاحية تودي بحياة 30 طفلاً
معاناة الأطفال المصابين بالسرطان تزداد في اليمن
كشفت مصادر طبية يمنية عن أن عدد وفيات الأطفال المصابين بمرض سرطان الدم في أحد المستشفيات الحكومية الخاضعة للانقلاب الحوثي في العاصمة صنعاء ارتفع إلى نحو 20 حالة وفاة، جراء حقنهم بجرعات أدوية يعتقد أنها منتهية الصلاحية، فيما لا تزال تخضع حالات أخرى للعناية الطبية المشددة بعدد من مشافي العاصمة.
وأوضحت المصادر لـ "الشرق الأوسط"، أن ما يزيد على 30 طفلا مصابين بمرض السرطان في وحدة علاج لوكيميا الأطفال بمستشفى الكويت الجامعي الخاضع للحوثيين في صنعاء، تم حقنهم قبل نحو أسبوع ونصف الأسبوع بأدوية "ميثوتركسيت"، التي تستخدم لعلاج أمراض سرطانية عدة منها سرطان الثدي، واللوكيميا، وسرطان الرئة، الليمفوما وساركوما العظام، وغيرها، إلا أن المصادر تعتقد أن تلك الأدوية منتهية الصلاحية، ولم يتم التأكد من صحة تلك المعلومات بسبب رفض وقمع الحوثي لتساؤلات آباء المرضى والصحافيين المحليين الذين تم تهديدهم بدخول السجون.
وقال عاملون بمجال مكافحة السرطان في صنعاء إن الدواء الذي أعطي لعشرات الأطفال من مرضى سرطان الدم كان مكدسا لفترات طويلة بمخازن تابعة لما تسمى بـ "مؤسسة بلدنا للإغاثة والتنمية"، و"صندوق مكافحة السرطان"، وهما من الكيانات التي تتبع مجموعة الحوثي، والتي تم استحداثها بهدف الاستحواذ على المساعدات الطبية المقدمة من المنظمات الدولية للمرضى في مناطق سيطرتها.
وكشف العاملون الصحيون لـ "الشرق الأوسط" الذي رفضوا الإفصاح عن أسمائهم تخوفاً من قمع الحوثي عن ارتفاع حالات مرضى سرطان الدم بين الأطفال في صنعاء من 300 حالة إلى 600 حالة، بينما بلغ إجمالي عدد الحالات بمحافظات أخرى تحت سيطرة الميليشيات الحوثية أكثر من 1200 حالة.
بالتوازي مع ذلك، اتهمت المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر وزارة الصحة في حكومة الانقلابيين غير المعترف بها بصرف جرعة من الأدوية منتهية الصلاحية للأطفال المصابين بالسرطان في مستشفى الكويت بصنعاء عقب تغيير تاريخ الصلاحية، ما تسبب بوفاة وإصابة العشرات منهم، وكشفت المنظمة في بيان عن وفاة عشرات الأطفال من مرضى السرطان في صنعاء بسبب جرعة فاسدة من علاج السرطان بنهاية سبتمبر (أيلول) الماضي.
وأوضحت أن سيارات الإسعاف هرعت لنقل الأطفال إلى غرف العناية المركزة وتوزيعهم في عدة مشاف بالعاصمة، مشيرة إلى أن بعضهم فارق الحياة، بينما آخرون لا تزال حالتهم خطرة للغاية.
وقال البيان إن الميليشيات تحصلت على تلك الأدوية كمساعدة مجانية من منظمة الصحة العالمية وجهات مانحة قبل فترة طويلة، لكنها قامت ببيع جزء من الكمية التي يفترض توزيعها مجانا على المرضى، فيما خزنت الكمية المتبقية قبل أن يتم اكتشاف انتهاء صلاحيتها، لتقوم بعدها بوضع تاريخ جديد "مزيف"، وتوزيعها على بعض المشافي، ومنها مستشفى الكويت في صنعاء.
واتهمت المنظمة الحقوقية الجماعة الحوثية بالتستر على الجريمة ومنع نشر أي معلومات عنها، خصوصا في ظل العلاقة القوية بين وزير صحة الميليشيات المدعو طه المتوكل، والمعين من قبله مدير مستشفى الكويت المدعو أمين الجنيد. وطالبت المنظمات الدولية بالنزول الميداني إلى مستشفى الكويت وإجراء تحقيق في الموضوع، مشددة على ضرورة الكشف عن المتورطين ومحاكمتهم.
وكانت مصادر طبية وأخرى حقوقية اتهمت الميليشيات بمواصلة استغلالها معاناة مرضى السرطان القابعين في مناطق سيطرتها؛ الذين ارتفع عددهم إلى أكثر من 71 ألفاً، منهم 40 ألف حالة تم تسجيلها خلال السنوات القليلة الماضية، وبينت المصادر أن أساليب وطرق الاستغلال التي اتبعتها الجماعة بحق مرضى السرطان تمثلت بفرض مبالغ ضخمة على التجار ورجال الأعمال لصالح صندوقها الذي زعمت أنه مخصص لمكافحة المرض، إضافة إلى المتاجرة بكميات كبيرة من العلاجات باهظة الثمن المقدمة مجاناً من قبل المنظمات وبيعها في السوق السوداء بغية مضاعفة أوجاع المرضى، إلى جانب نهبها المتكرر لمعونات غذائية كانت مخصصة لصالح المرضى.
ولا تزال الميليشيات - بحسب المصادر - تقف عائقاً لأشهر أمام وصول مختلف أنواع الأدوية والعلاجات المقدمة من المنظمات الخارجية لصالح عشرات الآلاف من مرضى السرطان تحت مبرر إجراء عمليات الفحص والمتابعة.
وكان قادة الانقلاب الذين يسيطرون على قطاع الصحة في مناطقهم اعترفوا مطلع العام الجاري بوجود 71 ألف حالة مصابة بالسرطان، تم تسجيلهم منذ الانقلاب الذي قادته الجماعة ضد الشرعية أواخر 2014، كما اعترفوا بأن نحو 9 آلاف حالة مصابة بمرض السرطان تضاف سنوياً، 15 في المائة منهم من الأطفال.
وأرجع عاملون صحيون في صنعاء بعض الأسباب التي تقف وراء الزيادة في أعداد المرضى بأنه يعود إلى فساد وإهمال الجماعة الحوثية المتعمد الذي قاد إلى خروج معظم المرافق الطبية عن الخدمة خلال السنوات السبع الماضية، فضلاً عن مواصلة تخصيصها أغلب المساعدات الصحية الإنسانية لمصلحة عناصرها وجرحاها.
وكانت اللجنة العليا للإغاثة التابعة للحكومة اليمنية طالبت أكثر من مرة الأمم المتحدة بالتدخل للإفراج عن شحنات أدوية خاصة بمرضى السرطان احتجزتها الميليشيات في مناطق عدة تحت سيطرتها.