23 نوفمبر 2024
16 يونيو 2024
يمن فريدم-اندبندنت عربية-أحمد مصطفى


جاءت استجابة سوق السندات لقرار البنك المركزي الأوروبي خفض سعر الفائدة الأسبوع الماضي للمرة الأولى منذ سنوات على عكس القاعدة الاقتصادية المعروفة بأنه مع انخفاض أسعار الفائدة ينخفض العائد على السندات.

ومع أن سندات الدين ليست الوحيدة التي تشهد تحركاً مغايراً للقاعدة التقليدية للسوق خلال الأعوام الأخيرة، إلا أن المتوقع بالنسبة إلى سندات الدين الأوروبية لم يكن كما حدث.

ويرى المتخصصون أن الأسواق عامة، وسوق السندات بخاصة، لم تحسب بعد عودة معدلات التضخم إلى طبيعتها، ولا تزال تقدر أن خطر التضخم باق لفترة أطول من تقديرات البنوك المركزية.

وكان "المركزي الأوروبي" أول بنك في الاقتصادات الكبرى يخفض سعر الفائدة بعد فترة التشديد النقدي منذ عام 2021 لمواجهة ارتفاع معدلات التضخم، إذ خفض البنك سعر الفائدة ربع نقطة مئوية (0.25 في المئة)، وعلى الفور ارتفع العائد على سندات الدين السيادي الأوروبي بصورة طفيفة، خصوصاً لسندات الدين الإيطالية والألمانية.

والمبرر الأول طبعاً لرد فعل سوق السندات على بداية التيسير النقدي هو تقديرات التضخم، فيقول غياكومو كاليف من شركة "إن أس بارتنرز" إنه "بعد قرار البنك المركزي الأوروبي شهدنا ارتفاعاً في العائد على السندات بصورة طفيفة"، موضحاً أنه على رغم ثقة رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد بأن التضخم سينخفض أكثر، إلا أن عملية خفض سعر الفائدة قد تأخذ وقتاً أكثر من المتوقع.

الدين الأوروبي أقل خطراً

ويعني ارتفاع العائد على سندات الدين مطالبة المستثمرين الذين يشترون السندات بعلاوة أخطار أكبر نتيجة تراجع الثقة في الاقتصاد واحتمالات ارتفاع أسعار الفائدة ومعدلات التضخم، مع أن العائد على سندات الخزانة الأميركية يبدو مستقراً خلال الأسابيع الأخيرة، ومع تراجع التوقعات بأن يبدأ الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) خفض سعر الفائدة هذا الأسبوع، إلا أن سوق سندات الدين الأميركية لا يبدو أفضل من نظيره الأوروبي، بل إن هناك من ينصح المستثمرين في الديون بشراء السندات الأوروبية أكثر من الأميركية"، وهذا ما قالته كبيرة الإستراتيجيين لأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في "جيه بي مورغان آسيت مانغمنت" كارين وارد في مقالة لها في صحيفة "فايننشال تايمز"، حول توجهات المستثمرين في الديون في عام الانتخابات الحالي.

وتابعت، "مع تقدم اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي يتوقع تغيراً في السياسات الأوروبية، خصوصاً في ما يتعلق بالهجرة والتحول في مجال الطاقة لمكافحة المناخ وغيرها من القضايا التي ربما تؤثر في فرص النمو الاقتصادي الأوروبي إلا أن الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل لا توفر ميزة كبيرة للاقتصاد الأميركي، خصوصاً في ما يتعلق بخفض معدل الاقتراض وزيادة نسبة العجز في الموازنة.

وتعتبر وارد أن ذلك أهم على المدى البعيد، فإذا كان المستثمرون يطلبون علاوة أخطار أكبر الآن على شراء الدين الأوروبي فإن الدين الأميركي أكثر مخاطرة على المدى الطويل.

في الأثناء وصل مستوى العجز في الموازنة الأميركية إلى ستة في المئة، وإذا كان يبدو مقبولاً في فترات الضعف الاقتصادي وحاجة الحكومة لضخ مزيد في الاقتصاد لتنشيطه فإن الأمر ليس كذلك، إذ يشهد الاقتصاد الأميركي نمواً معقولاً، إنما تعود الزيادة الهائلة في نسبة العجز لارتفاع مدفوعات الحكومة لخدمة الدين الهائل بسبب أسعار الفائدة العالية، كما هو الحال مع معظم الحكومات حول العالم، أما الجزء الآخر من عجز الموازنة فيرجع إلى اختلالات هيكلية في المالية العامة، بمعنى انخفاض عائدات الحكومة بما لا يسد كلفة الإنفاق العام.

استمرار خطر الدَين

وبمتابعة تصريحات المرشحين للرئاسة، الرئيس الحالي جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترمب، يبدو واضحاً أن السياسات الاقتصادية للإدارة المقبلة لن تفعل الكثير لخفض عجز الموازنة مما يجعل الدين السيادي أعلى خطورة ويتطلب زيادة علاوة أخطار من قبل المستثمرين في أسواق السندات.

وبحسب أحدث التقديرات لمكتب الموازنة في الكونغرس يتوقع أن ترتفع نسبة العجز إلى سبعة في المئة وتصل نسبة الدين العام للناتج المحلي الإجمالي إلى 124 في المئة خلال الأعوام الـ 10 المقبلة، على افتراض استمرار نمو الاقتصاد بمعدلاته الجيدة الحالية، أما في حال حدوث تباطؤ أو ركود أو أزمات فإن تلك النسب ترتفع إلى معدلات كارثية.

ولا يعني ذلك أن المستثمرين سيتوقفون عن شراء سندات الخزانة الأميركية لأن معظمهم يحتفظ بها لأسباب تجارية، لكن كارين وارد لا تتوقع أن يستمر الأمر كذلك، وأن يجد المستثمرون في السندات الدين الأوروبي أفضل للاحتفاظ به من الدين الأميركي.

وأضافت ،"لدي نظرة إيجابية أكثر للسندات الأوروبية أكثر منها لسندات الخزانة الأميركية ونحن نقترب من الانتخابات الرئاسية نهاية العام"، موضحة "تركز حملتا جو بايدن ودونالد ترمب على سياسة أميركا أولاً، أي الحد من الهجرة وفرض الرسوم على الواردات من الخارج، ومن شأن ذلك ألا يأتي بالنتائج المرجوة"، فعلى رغم تراجع نسبة البطالة بشدة في الاقتصاد الأميركي، إضافة الوظائف بصورة واضحة شهرياً، إلا أنه لا يبدو أن هناك كثيراً من الأميركيين يبحثون عن عمل.

وتفترض وارد أنه لولا العمالة المهاجرة لأميركا التي زادت بمعدل 3.7 مليون خلال الأعوام الأخيرة منذ عام 2020، لكان الاقتصاد الأميركي يعاني معدلات تضخم أعلى وسعر فائدة أكبر.

وأشارت إلى أنه مع أن التوجه اليميني في أوروبا يعني سياسات مستقبلية مماثلة، مثل الحد من الهجرة وزيادة التعرفة والرسوم على الواردات، إلا أن أخطار ارتفاع التضخم وسعر الفائدة في الاتحاد الأوروبي تظل أقل منها في الولايات المتحدة.
 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI