وديان فتاة شابة طموحة بشوشة الوجه يتيمة الأب، تبلغ من العمر 27عاما، وهي من ذوي الإعاقة، تعيش مع والدتها وثلاثة أشقاء في منطقة ذبحان بمديرية الشمايتين بمحافظة تعز.
لفتت انتباهي عندما حضرت بازار للترويج لسيدات الأعمال في مديرية الشمايتين بريف محافظة تعز، وهي تروّج لمنتجاتها من الخياطة، وسردت لي قصتها، قائلة "عشت طفولة قاسية مش مثل أي طفلة عاديه، إعاقتي الجسدية منعتني من الحركة واللعب، كنت أستعين بصديقاتي لكي يتم الذهاب بي إلى المدرسة أو المنزل بسبب الإعاقة التي تمنعني من المشي، وكنت دائما أتعرض لكلمات غير لطيفة واضطر أخفي مشاعري الحساسة بسبب إعاقتي لكنني تغلبت عليها بفضل والدتي وأهلي حيث كانوا دائما بجانبي، وبسبب النزاع الدائر في البلاد تأثرت كثيرا حيث كان قبل الحرب متوفر لدينا مواصلات لكن بعد الحرب زادت الأمور سوءا، وكان ذو الاعاقة هم الأكثر تأثرا بالحرب".
قررت ألا تيأس، وواصلت تعليمها إلى أن تخرجت من الثانوية العامة، وبعد ذلك قررت أن مساعدة أسرتها في مصاريف المنزل خصوصا أن والدها متوفي، وهو ما زاد العبء على أسرتها.
وقالت لنا " فكرت لبرهة في نفسي، وقررت أن أوفر مصدر دخل لي ولأسرتي، فأخبرت والداتي أنني أريد أن أدخل عالم الخياطة، كنت قد سمعت عن دورات تدريبية تقام في إحدى المنظمات المحلية، فذهبت بي والداتي الى هناك لكي أتسجل في دورة الخياطة ، فتم قبولي وحضرت دورة تدريبية في الخياطة، حيث كانت والداتي تذهب بي يوميا لكي أتعلم الخياطة لمدة 3 أشهر حتى انني ابدعت في خياطة "الأرواب"، أكملت الدورة التدريبية وتم اختياري ضمن فئة التمكين الاقتصادي حيث تم تمكيني بأدوات الخياطة وفتحت مشروع خاص فيني وأصبحت أعيل منه نفسي أسرتي وتغلبت على اعاقاتي بثقتي بنفسي".
قصة وديان تعكس روح التحدي والمثابرة التي يحملها كثير من الأشخاص من ذوي الهمم المصابين بإعاقات مختلفة، ويحاولون اخذ حقهم في العيش والحياة الكريمة مثلهم مثل الأشخاص الذين لا يعانون من اي اعاقات
تأثير الحرب
أثرت الحرب الدائرة منذ العام 2015 على فئة ذوي الاعاقة أكثر من غيرهم، حيث أغلقت مراكزهم ودمرت مدارسهم وبعضهم توقف عن التعليم ربما قبل الحرب كان ذوي الاعاقة لا يستطيعون دخول التعليم الا بإعداد قليلة لكن بعد الحرب تراجع مستوى التحاقهم للتعليم أو توقف كثير منهم عن التعليم، الحرب زادت من اعداد الاشخاص ذوي الإعاقة، أي أن آلاف الاشخاص جرحوا وجروحهم كانت عبارة عن اعاقات سترافقهم طول حياتهم بحسب الناشط دارس البعداني رئيس المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة.
تشير الناشطة منال محمد ثابت المدير التنفيذي لجمعية الايمان النسوية للمعاقين أن الحرب اثرت على كل الناس بشكل عام واثرت على المعاقين بشكل خاص حيث تقلصت الخدمات التي كانت تقدم للمعاقين بشكل كبير.
ازدادت الصعوبات التي تواجه ذوي الاحتياجات الخاصة خصوصا بعد الحرب حيث كانت توجد مراكز معتمدة على النفقات التشغيلية من صندوق المعاقين وقل الدعم مع ارتفاع أسعار الصرف مما شكل عبء كبير على جميع المراكز المتخصصة بذوي الاعاقة لكي تؤدي مهامها بالشكل الصحيح والحرب أقعدت الكثير من ذوي الإعاقة في المنازل خوفا على أنفسهم وخوفا على حياتهم بحسب الناشطة ايمان القدسي الأمين العام لجمعية الطموح لرعاية وتأهيل الصم.
صعوبات مستمرة
من أهم الصعوبات التي تواجه ذوي الاعاقة هي اندماجه في المجتمع حيث أن عدم تقبل المجتمع لذوي الاحتياجات الخاصة يؤثر على نفسيته وأدائه ويؤثر وقدراته وأيضا نظرة المجتمع الدنيوية لذوي الاحتياجات الخاصة تؤثر نفسيا على ذوي الاحتياجات الخاصة وايضا لا يوجد مكان مناسب متخصص لكل نوع من أنواع الاعاقة بحيث تسهل عليهم العملية التعليمية بحسب ايمان القدسي.
جهل الإعلام بحقوق ذوي الاعاقة والتعامل معهم على أساس اجترار الشفقة والرحمة والتسول بحالاتهم، كذلك انعدام معظم الخدمات المساعدة لهم في مختلف الدوائر الحكومية والخدمية، والمدارس والجامعات هي من الصعوبات التي تواجه ذوي الاعاقة بحسب الناشط في ذوي الاعاقة محمد الشميري.
حقوق ناقصة
لا تطبق أي من القوانين الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة سواء في مجال التعليم أو الصحة أو الحصول على وظائف بحسب ايمان القدسي.
الحرب لم تحترم حقوق ذوي الاعاقة ولم تحترم خصوصياتهم وفق القوانين الدولية التي تقول إنه يجب على الاشخاص ذوي الإعاقة الابتعاد الحرب وفق دارس البعداني.
حلول
تثقيف المجتمع وعمل حملات مناصرة لذوي الاحتياجات الخاصة واشراكهم في صنع القرار وتسليط الضوء عليهم بشكل أكبر خصوصا في البرامج والقنوات بحسب إيمان القدسي.
ويحتاج ذوي الإعاقة إلى تكاتف الجميع من أجل دمجهم بالمجتمع وإخراجهم من عزلة التي يعيشونها كما تقول الناشطة منال محمد ثابت.
كما أنهم يحتاجون لتدريبات في الدعم النفسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي بحيث يكون النصف من ذوي الإعاقة والنصف من المجتمع المضيف من أجل دمجهم في المجتمع بحسب رئيسة مبادرة "هن" للصم سميرة عبد اللاه.
يرى دارس البعداني أن من أهم الحلول هي إعطاء ذوي الاعاقة كامل حقوقهم والتوعية بكيفية التعامل معهم.
تقارير دولية
وفقا لمنظمة العفو الدولية فإن هناك 4.5 مليون ونصف معاق في اليمن، أي ما يعادل 15% من سكان البلاد حسب التقديرات العالمية لمنظمة الصحة العالمية.
وتلفت المنظمة إلى وجود ما يزيد عن 300 منظمة تقدم خدمات للأشخاص ذوي الاعاقة قبل الحرب. ومن بعد الحرب تقلصت إلى 26 منظمة وذات قدرات وبرامج محدودة بسبب نقص التمويل وامكانيات مزاولة العمل. بالإضافة إلى أن صندوق المعاقين توقف عن صرف المقررات المالية للأشخاص ذوي الإعاقة في مناطق الحكومة المعترف بها بين 2015 و2017، واستأنف صرفها من 2017 لكن بطريقة غير منتظمة بسبب نقص التمويل.
اغلب سكان اليمن من صغار السن، لكن الاشخاص الذين تبلغ اعمارهم فوق 65 عاما فأكثر يمثلون 37% من الاشخاص ذوي الاعاقة في البلاد، ويواجه كبار السن من ذوي الاعاقة صعوبات مضاعفة في نيل حقوقهم، وتؤدي المشاعر السلبية والتصورات النمطية بشأن الاشخاص ذوي الاعاقة في اليمن الى تعرضهم للتمييز المتعدد الجوانب في التمتع بحقهم في المساواة مع غيرهم من اعضاء المجتمع حسب المنظمة.
الأشخاص ذوي الإعاقة من المهمشين من بين ممن يتعرضون لأشكال متعددة ومضاعفة من التمييز بسبب تضافر عوامل عدم المساواة، وبسبب الأعراف الثقافية تواجه النساء والفتيات ذوات الإعاقات صعوبات مضاعفة ومركبة في أوضاع النزوح وفقا للمنظمة.