حذر البنك الدولي في تقرير حديث من تصاعد التوترات الإقليمية، وتأثيرها على الأمة الإنسانية والاقتصادية التي يشهدها اليمن جراء الحرب.
وقال التقرير، إن اقتصاد اليمن يواجه تحديات متفاقمة مع استمرار الصراع والتفتت السياسي وتصاعد التوترات الإقليمية التي تدفع البلاد إلى أزمة إنسانية واقتصادية أكثر حدة، وفقًا لأحدث تقرير لرصد الاقتصاد اليمني الصادر عن البنك الدولي.
ويكشف إصدار خريف 2024، "مواجهة التحديات المتصاعدة"، أن الناتج المحلي الإجمالي لليمن من المتوقع أن ينكمش بنسبة 1% في عام 2024، بعد انخفاض بنسبة 2% في عام 2023، مما يؤدي إلى تفاقم الانخفاض بنسبة 54% في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي منذ عام 2015.
وذكر التقرير أن الصراع دفع معظم اليمنيين إلى الفقر، في حين وصل انعدام الأمن الغذائي إلى مستويات تاريخية، حيث يواجه أكثر من 60% من السكان الآن عدم كفاية الوصول إلى الغذاء.
ويؤكد التقرير على الصعوبات الاقتصادية الكبيرة الناجمة عن استمرار الحصار الحوثي على صادرات النفط، والذي ساهم في انخفاض بنسبة 42% في الإيرادات المالية للحكومة المعترف بها دوليًا في النصف الأول من عام 2024، مما منعها من تقديم الخدمات الأساسية للسكان.
وقد أدى تعليق صادرات النفط من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، إلى جانب الاعتماد الكبير على الواردات، إلى تكثيف الضغوط الخارجية، مما أدى إلى انخفاض قيمة الريال اليمني في سوق عدن من 1619 ريالا مقابل الدولار الأمريكي في يناير/ كانون الثاني 2024 إلى 1917 ريالا بحلول نهاية أغسطس/ آب.
وفي يوليو/تموز 2024، أشارت استطلاعات الرأي الهاتفية التي أجراها البنك الدولي إلى أن الحرمان الشديد من الغذاء تضاعف أكثر من الضعف في بعض المحافظات.
ويستمر التشرذم الاقتصادي بين المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في التفاقم، مع تقويض التفاوت في التضخم وأسعار الصرف للاستقرار وجهود التعافي في المستقبل.
وفي الوقت نفسه، أدت التوترات الإقليمية، وخاصة في البحر الأحمر، إلى انخفاض حركة المرور عبر مضيق باب المندب الاستراتيجي وقناة السويس بنسبة تزيد عن 60%. ومع ذلك، لم تسفر هذه الاضطرابات بعد عن زيادات كبيرة في أسعار المستهلك.
بدورها قالت دينا أبو غيدا، مديرة البنك الدولي في اليمن."إن التحديات الاقتصادية والإنسانية التي تواجه اليمن تزداد حدة، ولكن الفرصة لا تزال قائمة لعكس هذا الاتجاه النزولي بالدعم المناسب"، "إن اتخاذ إجراءات فورية مطلوب، بما في ذلك معالجة الاختلالات المالية والخارجية، وتخفيف انعدام الأمن الغذائي، وتعزيز الاستقرار. ونحن نواصل التزامنا بالعمل بشكل وثيق مع الشركاء لدعم تعافي اليمن وتمهيد الطريق لمستقبل مستدام".
ويوضح التقرير بالتفصيل المخاطر المحتملة التي تهدد القطاع المصرفي في اليمن، والذي واجه توترات متزايدة بين الحوثيين والحكومة الشرعية بشأن الرقابة التنظيمية في النصف الأول من العام. وفي حين ساعدت جهود الوساطة الإقليمية والدولية في تخفيف بعض التوترات، فإن الوضع لا يزال هشًا.
ويوصي التقرير بتعزيز المرونة المؤسسية لإدارة التضخم والتحديات المالية. كما يقترح أيضًا تحسين طرق التجارة والوصول إلى الخدمات المالية لتخفيف الضغوط الاقتصادية ومنع المزيد من التفتت.
ولا تزال التوقعات الاقتصادية لليمن لعام 2025 قاتمة، مع استمرار الصراع الإقليمي والصراع الداخلي الذي يهدد بتعميق التفتت وتفاقم الأزمة الاجتماعية والإنسانية.
ولكن من الممكن أن يؤدي السلام المحتمل إلى تحفيز التعافي الاقتصادي السريع، إذا تم التوصل إلى اتفاق سلام دائم، ومن شأن هذا أن يمهد الطريق أمام المساعدات الخارجية الحيوية، وإعادة الإعمار، والإصلاحات اللازمة لتحقيق الاستقرار في البلاد واقتصادها.