عقد عضوا مجلس القيادة الرئاسي في اليمن طارق صالح وعبدالرحمن المحرمي سلسلة لقاءات بمسؤولي القوات المشتركة وعدد من السفراء الغربيين، اعتبرها مراقبون دعماً دولياً للجهود الحكومية لاستعادة مدينة الحديدة وبسط يد الحكومة الشرعية على الشريط الساحلي اليمني وتأمينه.
والتقى رئيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية طارق صالح وقائد ألوية العمالقة عبدالرحمن المحرمي، بقائد القوات المشتركة الداعمة للشرعية الفريق الركن فهد بن حمد السلمان، في مقر قيادة القوات في الرياض بحضور رئيس أركان محور الحديدة قائد اللواء الأول تهامة العميد فاروق الخولاني، وقائد اللواء التاسع عمالقة العميد يحيى وحيش.
وجاء خطاب طارق صالح، السبت أمام عدد من جنوده، محملاً برسائل عدَّها مراقبون مؤشراً على اقتراب معركة الحديدة، وهو الذي طالما اعتبر تخليص الحديدة من قبضة الحوثيين يفتح الطريق لاستعادة العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها جماعة الحوثي وتتخذ منها عاصمة لحكومتها.
لكن أطرافاً يمنياً تحدثت في وقت لاحق عن تعرض المسؤول اليمني لحادث سير، لم تكشف الجهات الرسمية عن ملابساته. لكن أحمد بن دغر، رئيس مجلس الشورى اليمني والنائب الأول لرئيس المؤتمر الشعبي العام وجه رسالة تطمين إلى منسوبي الحكومية الشرعية في منشور له على منصة "اكس" قائلا "سلامات وألف سلامة أخي العزيز طارق صالح. رأسك يبقى مرفوعًا في السماء كما يقول المثل، وهناك دور وطني كبير ينتظركم ستؤدونه بجدارة، لأن هذا هو خياركم وخيار كل المحبين لليمن الحر". يأتي ذلك وسط أنباء عن تداولتها وسائل إعلام تابعة لإيران والحوثي باستعداد المليشيا لرد قوي في الحديدة على القوات المهاجمة.
استعداد حوثي
الحوثيون قرأوا تلك التحركات وتعاملوا معها على محمل الجد والخوف، وقال المتحدث الرسمي باسم القوات المشتركة في الساحل الغربي وضاح الدبيش إن "الميليشيات الحوثية سارعت خلال الأيام الماضية بسحب قواتها العسكرية وإرسال مئات المقاتلين إلى محافظة الحديدة، خشية أي عملية برية للقوات الحكومية الشرعية ضدها، كما باشرت برفع النقاط التابعة لها من مداخل الطرق والمناطق الخاضعة لسيطرتها واكتفت بوجود نقاط محدودة".
وأوضح الدبيش في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن الجماعة "نقلت تعزيزات من محافظات صنعاء وذمار وإب والجوف باتجاه الحديدة، وقامت باستحداثات جديدة تهدف إلى تقوية تحصيناتها"، مضيفاً أنه "على مدى الأسابيع الماضية وصلتنا المعلومات عن تجهيزهم (أي الحوثيين) شبكات أنفاق للطوارئ وأنفاق منصات إطلاق ومرابض المدفعية، كما أخلت السكان دليلاً على خوفها".
هروب خبراء إيران
ويتطرق الدبيش إلى حال الفراغ والتوهان التي خلفتها الضربات التي تلقتها أذرع طهران في لبنان، مما أدى إلى خروج عدد من الخبراء الإيرانيين واللبنانيين من اليمن بمبرر احتياج إيران ولبنان لهم ومن ضمنهم القائد الميداني الأبرز للحوثيين المدعو على رضا الشهالي في باخرة غاز روسية، مما أثار حالاً من عدم الثقة مع محور إيران".
ويؤكد المتحدث باسم القوات المشتركة حصولهم على "معلومات مؤكدة عن تخيير الميليشيات للسجناء بين القتال في صفوفهم والزج بهم في جبهات القتال أو ترحيلهم إلى سجون صعدة وصنعاء".
أما حول ملامح اشتعال معركة في الحديدة، فقال إن "قواتنا على أهبة الاستعداد ولدينا قوات محترفة نتعرض لضغط كبير جداً من أفرادها للتحرك، كما نرتب صفوفنا لاستئناف المعركة في أي وقت"، من دون أن يعطي مزيداً من التوضيحات.
وعام 2018 كانت القوات المشتركة ممثلة بالعمالقة الجنوبية والمقاومة الوطنية والتهامية قاب قوسين من السيطرة على مدينة الحديدة قبل أن تمنع الضغوط الدولية من إتمام العملية بحجة المخاوف الإنسانية لتتراجع تلك القوات إلى الخلف نحو 150 كيلومتراً.
وتمثل تحركات "القوات المشتركة" بارقة أمل لملايين اليمنيين المناهضين لمشروع الحوثي الإيراني وفرصة حقيقية لـ"استعادة الجمهورية"، في حين راح الحوثي للاستنجاد مجدداً بمظلمة غزة بادعاء الدفاع عن الأمة من المشروع الصهيوني.
وقال القيادي في الجماعة حسين العزي "تتحدث المعلومات الموثوقة عن وصول ضباط من الموساد الإسرائيلي إلى مديرية المخا".
وأضاف في تغريدة على منصة "إكس" أن "هذا يحفزنا للقتال أمام أي متورط في معركة العدو الصهيوني ضد اليمن العزيز".
وميدانياً، نفذت الجماعة استعراضاً في محافظة الحديدة في رسالة تحدٍّ واضحة، بالتزامن مع تراجع عدد الغارات الجوية بقيادة الولايات المتحدة التي تعمل على إضعاف قدرة الحوثيين.
عصا ستوكهولم
وخلال الأعوام الماضية، تحولت محافظة الحديدة بفعل الميليشيات إلى أشبه بثكنة عسكرية لإطلاق الصواريخ والمسيّرات الحوثية لاستهداف السفن التجارية، ونتيجة ذلك تعرضت المدينة لغارات جوية أميركية وبريطانية عدة استهدفت مواقع مفترضة للجماعة بهدف تقويض قدراتها العسكرية، وفق تصريحات واشنطن.
وكثيراً ما طالبت الحكومة اليمنية المجتمع الدولي بدعمها لاستعادة سيطرتها على المحافظة، كسبيل لحماية الملاحة الدولية وتأمين السفن التجارية العابرة في البحر الأحمر.
ولعدم وجود قرار دولي واضح حتى الآن لدعم القوات الحكومية لهذا المسعى، يستبعد مراقبون حدوث معركة في الحديدة، نظراً إلى التزام المجتمع الدولي اتفاق ستوكهولم 2018، الذي ينص على تجنيب المدينة أي عملية عسكرية، فيما ترى الحكومة الشرعية أن تحرير الحديدة كما يعني قطع الشريان الذي يمد الحوثي بالبقاء، سيجبره على الرضوخ للحلول السياسية وإنهاء الصراع.
وتتميز الحديدة بأهمية استراتيجية فارقة في طبيعة الصراع اليمني، نظراً إلى وجود ثلاثة موانئ فيها، هي ميناء الحديدة التجاري الذي يتمتع بأهمية اقتصادية ويعتبر ثاني أكبر ميناء في البلاد بعد ميناء عدن، يليه ميناء الصليف المخصص لإنتاج الملح وتصديره، ثم ميناء رأس عيسى النفطي، ناهيك عن أهميتها لجماعة الحوثي باعتبارها المنفذ الوحيد لتهريب الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والصواريخ كما تمثل منصة لإطلاق الصواريخ والطائرات المفخخة على السفن المارة في مياه البحر الأحمر.
وفي وقت سابق، حذر المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ من مغبة تجدد الاشتباكات بين قوات الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، داعياً الأطراف إلى ضبط النفس والعودة لطاولة المفاوضات ودفع جهود السلام إلى الأمام والوصول إلى حل شامل ومستدام للأزمة اليمنية.
وبدأ الحوثيون مهاجمة السفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، وأجبروا حركة الشحن التجاري على إعادة تنظيم المسارات التجارية العالمية بين أوروبا وآسيا وإضافة كلف إليها.
(اندبندنت عربية)