قدم تقرير حديث لبرنامج الأغذية العالمي صورة مختلفة لوضع الأمن الغذائي في اليمن، وقال إنه من المرجح ألا تكون توقعات الأمن الغذائي حتى مطلع العام المقبل قاتمة كما كانت في السابق، استناداً إلى أحدث البيانات عن معدل الاستهلاك الغذائي في شهر سبتمبر (أيلول)، والتي تظهر انخفاض معدل انتشار استهلاك الأغذية غير الكافية على مستوى البلاد بعد زيادة هذا المعدل خلال الأشهر الأربعة السابقة.
البرنامج في تقريره عن الأوضاع المعيشة خلال الشهر الماضي، أوضح أن تقرير التحذيرات المبكرة في الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) 2022 وحتى يناير (كانون الثاني) 2023 يشير إلى أن توقعات الأمن الغذائي في اليمن من غير المرجح أن تكون قاتمة كما كانت متوقعة سابقاً، وقال إنه يتم حالياً تحديث هذا التحليل مع تحليل آخر منقح سيصدر في نهاية الشهر الحالي.
ووفقاً لآخر بيانات الأمن الغذائي في برنامج الأغذية العالمي، فقد انخفض معدل انتشار استهلاك الأغذية غير الكافي على مستوى البلاد قليلاً في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي بعد زيادته لمدة أربعة أشهر متتالية، ومع ذلك التحسن، أبلغ أكثر من نصف الأسر اليمنية (51 % على مستوى البلاد) عن عدم كفاية استهلاك الغذاء في الشهر ذاته، مع معدلات عدم كفاية استهلاك الغذاء بمستويات مرتفعة للغاية في 16 من أصل 22 محافظة.
وبحسب البرنامج، فإنه بينما استمرت الهدنة في الصمود على نطاق واسع في كافة أرجاء البلاد خلال الشهر الماضي، استمر الإبلاغ عن حوادث الاشتباكات المحلية والقصف المدفعي، فضلاً عن الإصابات الناجمة عن المتفجرات التي خلفتها الحرب، بينما أبلغت المنظمة الدولية للهجرة عن نزوح 53 ألف شخص خلال هذا العام، بينهم 22 ألفاً نزحوا منذ بدء سريان الهدنة في 2 أبريل (نيسان) الماضي وحتى نهاية سبتمبر (أيلول).
ومع تأكيد البرنامج أنه ساعد نحو 9.6 مليون شخص عبر أنشطته في اليمن خلال الشهر الماضي، قال إنه ومع نهايته أكمل عمليات إرسال المساعدات الغذائية للمستحقين في الدورة الخامسة للتوزيع، وبدأ عمليات الإرسال للدورة التالية، كما ساعد أكثر من نصف مليون من الأطفال والأمهات، إلى جانب 266 ألف طفل و292 امرأة يستفيدون من برنامج علاج سوء التغذية الحاد والمعتدل.
زيادة الحصص الغذائية
وبين التقرير أن "الزيادة الطفيفة" في حجم الحصص الغذائية لدورة التوزيع الخامسة أمدت معظم المستفيدين بحصص غذائية تعادل نحو 65 % من متطلبات الطاقة لشهر واحد، مقارنة بأقل من 50 % في الدورة السابقة.
وأكد أنه "سيستمر الوصول إلى المستفيدين على أساس أقل من شهري (مرة واحدة كل ستة أسابيع تقريباً) بحيث تدعم حصص المساعدة نحو 40 % من متطلبات الطاقة الشهرية للأسر في المتوسط، مقارنة بنحو 30 % في الدورة السابقة".
ووسط التخفيضات الحالية في المساعدات الغذائية الإنسانية، نبه التقرير إلى أن الأسر تواجه صعوبة كبيرة في شراء ما يكفي من الغذاء لتلبية احتياجاتها من السعرات الحرارية؛ بسبب تأثير أسعار المواد الغذائية (فوق المتوسط) على القوة الشرائية للأسر.
وقال إن من المحتمل أن تعاني ملايين الأسر الفقيرة من فجوات في استهلاك الغذاء. لكن وبحلول نوفمبر (تشرين الثاني)، من المرجح أن تؤدي التحسينات الموسمية في الوصول إلى الغذاء والدخل من الحصاد الرئيسي والزيادات الطفيفة في حصص المساعدات الإنسانية "إلى تحسين النتائج على مستوى المرحلة الثالثة من انعدام الأمن الغذائي في محافظات حجة ولحج وأبين".
ومع ذلك يتوقع البرنامج أن تستمر نتائج الطوارئ - المرحلة الرابعة من التصنيف الدولي - في مأرب بالنظر إلى العدد الكبير من الأسر النازحة التي تعتمد بشكل أساسي على المساعدة.
أطفال بلا رعاية
حسب ما أورده التقرير، فقد أدى نقص التمويل إلى تعريض التدخلات الإنسانية الأكثر أهمية لخطر الحد منها أو الإغلاق. وأنه اعتباراً من أواخر الشهر الماضي، تم تمويل مجموعة الأمن الغذائي والزراعة لخطة الاستجابة الإنسانية لعام 2022 بنسبة 49 % فقط، وتم تمويل مجموعات التغذية والصحة والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية بنسب 32 و64 و23 في المائة على التوالي.
وتقدم هذه المجموعات الخدمات التي تساعد في الوقاية من سوء التغذية الحاد وعلاجه، بما في ذلك دعم الصرف الصحي والقطاع الطبي نتيجة أن الفيضانات الأخيرة تسببت في إلحاق الضرر بنظم المياه والصرف الصحي، وأنه من المحتمل أن تزيد من مخاطر الأمراض المنقولة بالمياه.
ورجح التقرير أن تجعل التخفيضات الوصول إلى الخدمات الصحية أكثر عرضة لتأثيرات انعدام الأمن الغذائي الحاد، وتسهم في زيادة معدلات سوء التغذية الحاد في عديد من المناطق، حيث ترك أكثر من 285 ألف فرد في محافظة مأرب دون رعاية صحية خلال الشهر الماضي، كما أنه وعلى الرغم من استئناف برنامج التغذية المدرسية مع بدء الفصل الدراسي الجديد، فإن نحو ثلث عدد الأطفال أصلاً، البالغ 1.9 مليون، سوف يظلون بلا رعاية صحية بسبب نقص التمويل.
وأكد البرنامج الأممي أنه لا يزال يواجه عجزاً كبيراً في التمويل يؤثر في أنشطة متعددة، ويؤثر على الملايين من المستفيدين.
وقال إن تمويل خطة برنامج الأغذية العالمي القائمة على الاحتياجات كان بنسبة 38 % فقط للأشهر الستة المقبلة من أكتوبر (تشرين الأول) 2022 وحتى مارس (آذار) 2023، مع متطلبات تمويل صافية تبلغ 1.04 مليار دولار أميركي.
"الشرق الأوسط"