أعلنت الصين اليوم الخميس أنها "تعارض بشدة" الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على صادراتها، متعهدة باتخاذ "تدابير مضادة لحماية حقوقها ومصالحها".
ونددت بكين بـ"الحمائية والبلطجة"، مؤكدةً في الوقت ذاته أنها "تحافظ على تواصل" مع الولايات المتحدة في شأن التجارة والاقتصاد.
وقالت وزارة التجارة الصينية في بيان إن الرسوم الجمركية الأمريكية "لا تتوافق مع قواعد التجارة الدولية وتضر بشكل خطر بحقوق الأطراف المعنيين وبمصالحهم المشروعة".
وطالبت وزارة التجارة واشنطن بأن "تلغي فوراً" الرسوم الجمركية، محذرة من أن هذه التعرفات "تُعرض التنمية الاقتصادية العالمية للخطر" وتضر بالمصالح الأمريكية وبسلاسل التوريد الدولية.
ودعت الوزارة واشنطن إلى "حل الخلافات مع شركائها التجاريين على نحو سليم من خلال حوار متكافئ"، مشددة على أن "لا رابح في حرب تجارية، ولا مخرج من الحمائية".
ضربة كبيرة
كذلك أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الخميس أن الرسوم الجمركية الجديدة تشكل "ضربة كبيرة" للاقتصاد العالمي.
وأبدت فون دير لاين "أسفها العميق" لقرار ترمب، قائلة إن الأوروبيين "مستعدون للرد" ويعملون على "حزمة جديدة من التدابير المضادة" في حال فشل المفاوضات مع الإدارة الأمريكية.
وقالت في بيان تُلي في مدينة سمرقند بأوزبكستان اليوم الخميس، قبيل قمة للشراكة بين الاتحاد الأوروبي وآسيا الوسطى، "نضع بالفعل اللمسات الأخيرة على الحزمة الأولى من الإجراءات المضادة رداً على الرسوم الجمركية على الصلب".
وأضافت "ونستعد الآن لمزيد من التدابير المضادة لحماية مصالحنا وأعمالنا في حال فشلت المفاوضات".
من جهتها قالت الناطقة باسم الحكومة الفرنسية صوفي بريماس، الخميس، إن الاتحاد الأوروبي يعتزم في رده على الرسوم الجمركية التي أعلنها ترمب "استهداف الخدمات الرقمية".
وأضافت لشبكة "إر تي إل" الفرنسية، "نحن متأكدون من أننا سنواجه تبعات سلبية على الإنتاج"، معربةً عن قلقها خصوصاً في شأن تأثير القرار الأميركي على قطاع النبيذ والمشروبات الروحية.
من جهته، قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إن تل أبيب تحدد "الخطوات اللازمة" للرد على رسوم ترمب الجمركية.
فرنسا وتايوان
وسيجتمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، مع ممثلي القطاعات الفرنسية "المتأثرة بالرسوم الجمركية" التي أعلنها ترمب، وفق ما أعلن مكتبه، في حين اعتبرت تايوان الخميس أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي عليها "غير معقولة" وقالت إن الحكومة تخطط لإجراء "مفاوضات جادة" مع واشنطن.
وقالت الناطقة باسم الحكومة ميشيل لي بعدما أعلن ترمب فرض رسوم جمركية بنسبة 32% على المنتجات التايوانية إن تايوان "تعتبر هذا القرار غير معقول وستبدأ مفاوضات جادة مع الولايات المتحدة".
غضب كندي
وفي ما يأتي أبرز ردود الفعل الأولية على الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الأربعاء على واردات بلاده من دول العالم أجمع ولا سيما من الصين والاتحاد الأوروبي.
تعهد رئيس الوزراء الكندي مارك كارني الرد على رسوم ترمب، معتبراً أنها "ستغير جذرياً" التجارة الدولية.
وقال كارني في أوتاوا "سنتصدى لهذه الرسوم الجمركية بإجراءات مضادة"، معتبراً أن الرسوم على الصلب والألومنيوم والسيارات "ستؤثر مباشرة على ملايين الكنديين".
حركة مضادة في مجلس الشيوخ
من جهة ثانية أقر مجلس الشيوخ الأمريكي أمس الأربعاء تشريعاً من شأنه إنهاء الرسوم الجمركية الجديدة على كندا، بعد ساعات فقط من كشف ترمب عن الرسوم الجديدة.
وصوت مجلس الشيوخ بأغلبية 51 صوتاً مقابل 48 لصالح الموافقة على مشروع القانون وإحالته إلى مجلس النواب، حيث من المرجح تجميده. وتعاون أربعة أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ مع الديمقراطيين للمضي بالتشريع.
ويتضمن مشروع القانون الذي رعاه الديمقراطيون إنهاء حالة طوارئ وطنية أعلنها ترمب في 22 يناير/ كانون الثاني الماضي وربطها بالواردات غير القانونية من عقار الفنتانيل المسبب للوفاة من المكسيك وكندا والصين، والتي تذرع بها لاستهداف كندا بتعريفات جمركية ضخمة.
ودعت صناعة الكيماويات الألمانية التي تُعد الولايات المتحدة أكبر مستورد لمنتجاتها الاتحاد الأوروبي إلى "التحلي بالهدوء" في رده على رسوم ترمب، مؤكدة أن "التصعيد لن يؤدي إلا إلى تفاقم الضرر".
وقال اتحاد الصناعات الكيماوية الألمانية "في آي سي" الذي يضم خصوصاً شركتي باير وباسف العملاقتين "نأسف لقرار الحكومة الأمريكية. من المهم الآن لكل الأطراف المعنية التحلي بالهدوء".
وندد اتحاد صناعة السيارات الألماني (في دي إي) بالرسوم الجمركية، مطالباً الاتحاد الأوروبي بالرد عليها بقوة كونها "ستُسبب خسائر فادحة"، ومناشداً إياه في الوقت نفسه "الاستمرار في التعبير عن استعداده للتفاوض".
كما حذر الاتحاد من أن الخسارة لن تقتصر على ألمانيا بل ستطاول المستهلك الأمريكي وصناعة السيارات الأمركيية نفسها.
وناشد الاتحاد بروكسل إبرام اتفاقيات للتجارة الحرة "مع أكبر عدد ممكن من المناطق في العالم" لكي يصبح الاتحاد الأوروبي "بطلاً للتجارة العالمية الحرة والعادلة".
وأعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أن رسوم ترمب "إجراء سيئ"، محذرة من أن اندلاع حرب تجارية لن يؤدي إلا إلى إضعاف الغرب.
وقالت ميلوني في بيان إن "فرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية على الاتحاد الأوروبي إجراء أعتبره خاطئاً ولا يصب في مصلحة أي من الطرفين. سنبذل قصارى جهدنا للتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لتجنب حرب تجارية ستؤدي حتماً لإضعاف الغرب لمصلحة جهات فاعلة عالمية أخرى".
لندن لا تعتزم اتخاذ إجراءات انتقامية
أعلن وزير التجارة البريطاني جوناثان رينولدز أن المملكة المتحدة ما زالت ملتزمة التوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة "لتخفيف" تأثير الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة، مشدداً على أن لندن لا تعتزم اتخاذ إجراءات انتقامية في الحال.
بدورها، نددت جماعة الضغط المعنية بالتصنيع "ميك يو كي" بقرار ترمب، مؤكدة في بيان أن هذه الرسوم "مدمرة" و"ستقضي على عقود من سلاسل التوريد المتكاملة التي تربط المملكة المتحدة بالولايات المتحدة من خلال شركاء تجاريين آخرين".
كذلك، نددت بقرار ترمب جمعية مصنعي وتجار السيارات في المملكة المتحدة، معتبرة إياه "إجراء مخيباً للآمال وربما ضاراً".
وأقر البرلمان البرازيلي قانوناً يجيز للحكومة اتخاذ إجراءات للرد على أي قيود تجارية تعرقل صادرات البلاد، بينما قالت حكومة الرئيس اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا "تأسف للقرار الذي اتخذته الحكومة الأمريكية اليوم بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على كل الصادرات البرازيلية".
وأضافت أنها "بصدد تقييم كل الإجراءات الممكنة لضمان المعاملة بالمثل في التجارة الثنائية، بما في ذلك اللجوء إلى منظمة التجارة العالمية".
وأعلن رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي أن رسوم ترمب "غير مبررة بتاتاً" ومن شأنها أن تغير علاقة بلاده بالولايات المتحدة.
وبعد أن فرض ترمب رسوماً جمركية بنسب مختلفة على سائر شركاء بلاده التجاريين، ومن بينها أستراليا التي بلغت نسبة الرسوم على صادراتها إلى الولايات المتحدة 10%، قال ألبانيزي إن "هذه الرسوم ليست غير متوقعة، لكن دعونا نكون واضحين: إنها غير مبررة بتاتاً"، مشدداً على أن هذه الرسوم "ستكون لها عواقب على نظرة الأستراليين لهذه العلاقة".
وأعرب رئيس الوزراء الإيرلندي مايكل مارتن عن "أسفه الشديد" لفرض الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رسوماً جمركية بنسبة 20% على واردات بلاده من الاتحاد الأوروبي، داعياً الدول الـ27 الأعضاء في التكتل إلى الرد على واشنطن بطريقة "متناسبة".
واعتبر الرئيس الكولومبي غوستافو بترو أن "الحكومة الأمريكية تعتقد أن زيادة الرسوم الجمركية على وارداتها عموماً قد تزيد الإنتاج والثروة والعمالة. برأيي، قد يكون هذا خطأ فادحاً".
وقال وزير الخارجية الدنماركي لارس لوك راسموسن إن "الجميع استفادوا من التجارة العالمية (...) لا أفهم لماذا تريد الولايات المتحدة شن حرب تجارية على أوروبا. لا أحد ينتصر، الجميع خاسرون"، مؤكداً أن "أوروبا ستبقى موحدة. أوروبا ستقدم ردوداً قوية ومتناسبة".
من جهته، حذر وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت دول العالم أجمع من الرد على رسوم ترمب، وذلك تحت طائلة حدوث "تصعيد".
وقال الوزير مخاطباً قادة هذه الدول "استرخوا، تحملوا الضربة، وانتظروا لمشاهدة كيف سيتطور الوضع، لأنه إذا رديتم سيكون هناك تصعيد".
وحذّرت اليابان الخميس من أنّ الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية والمعاهدة التجارية المبرمة بين البلدين.
وقال المتحدث باسم الحكومة اليابانية يوشيماسا هاياشي للصحافيين "لدينا مخاوف جدية بشأن مدى توافقها مع اتفاقية منظمة التجارة العالمية والمعاهدة التجارية المبرمة بين اليابان والولايات المتحدة".