4 يوليو 2025
2 يوليو 2025
يمن فريدم-اندبندنت عربية-آمال شحادة


فشلت الجهود الإسرائيلية - السورية في التوصل إلى اتفاق سلام بين الدولتين جراء تمسك الطرفين بمطلبيهما حول مصير هضبة الجولان، مما أدى إلى تغيير مسار المحادثات باتجاه التوصل إلى اتفاق يركز على الجوانب الأمنية، لكنه يشمل أيضاً اتفاقات متعلقة بالغاز والمياه، وحتى بمشروع سياحي مشترك في جبل الشيخ.

اتفاق لا تقام عند إقراره سفارة إسرائيلية في دمشق ولا سفارة سورية في تل أبيب ولا زيارات بين الطرفين، إنما ضمانات أمنية في مركزها الحفاظ على أمن الحدود الإسرائيلية ومستوطنات الجولان، والتعاون الأمني في التصدي لإيران و"حزب الله" و"حماس" و"الجهاد الإسلامي" في سوريا.

هذا بعض ما كشف عنه في إسرائيل من مجمل المحادثات الأخيرة التي تجري بين الطرفين، في وقت استبعد مشاركون في الاتصالات واللقاءات بين الطرفين، التفاهم حول مستقبل الجولان.

إذ تصر إسرائيل أن يشمل أي اتفاق سلام اعتراف سوريا بالسيادة الإسرائيلية على هذه المنطقة، التي تصفها تل أبيب بـ"الكنز الاستراتيجي"، بينما ترفض سوريا أي اتفاق من دون انسحاب منها. وبعد جلسات تقييم ومشاورات وصل الإسرائيليون إلى استنتاج مفاده بأن الرئيس السوري أحمد الشرع لن يقبل التوقيع على أي اتفاق مع إسرائيل من دون الانسحاب من الجولان، وهو جانب ترفضه إسرائيل بالمطلق.

المحادثات والاتصالات تجري بموافقة ومشاركة الولايات المتحدة، وفق ما أكد أكثر من مسؤول إسرائيلي مطلع على التفاصيل. وتناقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن مسؤول شارك في المحادثات مع الجانب السوري قوله إن أي "اتفاق يجري التوصل إليه يشكل إنجازاً دبلوماسياً لواشنطن، التي تسهم في المحادثات وتسعى إلى أن تتبع نهجاً خاصاً بإدارة المفاوضات بهدوء وأجواء إيجابية، والأهم هو أن يجري التفاهم حول مجمل بنود الاتفاق بصورة تدريجية، بما يضمن بناء علاقات بين الجانبين". وأضاف "علينا أن نكون على ثقة بأنه في نهاية الأمر سيكون هناك اتفاق مع سوريا يشمل التطبيع الكامل، لكن هذا يتطلب وقتاً والاتفاق الأمني مرحلة أولى ومهمة نحو تحقيق هذا الهدف الأكبر الذي تطمح إليه إسرائيل وتسعى واشنطن بجهودة حثيثة إلى التوصل إليه".

وحتى اللقاءات الأخيرة، ووفق ما أكد أكثر من مسؤول إسرائيلي جرت الاتصالات المباشرة بين تل أبيب ودمشق عبر أربع قنوات أشرف عليها شخصياً رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، الذي يشكل إحدى القنوات الأربع المهمة. القناة الثانية من المحادثات أشرف عليها رئيس الموساد ديفيد برنياع، أما القناة الثالثة من المفاوضات فشارك فيها وزير الخارجية جدعون ساعر، الذي صرح هذا الأسبوع أن "لإسرائيل مصلحة في اتفاق مع سوريا، لكن أي اتفاق سيكون في مركزه اعتراف دمشق بالسيادة الإسرائيلية على الجولان". أما القناة الرابعة التي شكلت محوراً مركزياً إلى جانب هنغبي، فيشارك فيها ضباط في الجيش الإسرائيلي وجهات أمنية سورية.

سوريا من دون "أعداء إسرائيل"

الاتفاق الذي تكثف الجهود الحالية للتقدم فيه، وإن على شكل مسودة في الوقت الحالي، سيطرح للبحث في واشنطن خلال اللقاء المتوقع بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الإثنين المقبل، مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ولم يستبعد إسرائيليون أن يخرج ترمب بتصريح ربما يفاجئ بتطورات متقدمة في الملف.

الاتفاق الذي تجري بلورته يبدأ بوضع ترتيبات أمنية جديدة على الحدود بين سوريا وإسرائيل ستكون بمثابة تحديث للنسخة من اتفاق فصل القوات لعام 1974، على أن تبدأ إسرائيل الانسحاب التدريجي من المناطق التي سيطرت عليها منذ سقوط نظام بشار الأسد.

في المقابل تحصل إسرائيل على ضمانات بموجبها تعمل سوريا ضد ما سماه الإسرائيليون "الإرهاب"، على أن تكون الخطوة الأولى فيها إبعاد 3 آلاف عنصر من "حماس" و"الجهاد الإسلامي" الذين يوجدون في العاصمة السورية.

وبحسب الخبير في الشؤون الإسرائيلية - العربية، ايهود يعاري فإن أبرز ما يشمله الاتفاق هو ضمان تنسيق استخباري - أمني كجزء من العمل المستقبلي المشترك، ويقول إنه "يجري النقاش مع السوريين وبالأساس مع الأميركيين حول اتفاق يمنع حرباً بيننا وبين سوريا، وليس ما هو معروف باتفاقات أبراهام. هناك حديث عن تثبيت ترتيبات أمنية والأهم تنسيق استخباري ضد ’حزب الله‘ وإيران الذين يحاولان إدخال خلايا إلى جنوب سوريا والتموضع هناك، كذلك بالتفاهم مع سوريا حول مزارع شبعا كأراض سورية وليست لبنانية، وهذا يتطلب خطوة أيضاً من لبنان، لكنه يزيل هذه الذريعة التي يستخدمها ’حزب الله‘ منذ 20 سنة. المهم في كل المحادثات أن السوريين يستمعون، ولا يغادرون الغرفة عندما تطرح هذه المواضيع وهذا مهم جداً".

ما بين اتفاقات الغاز ومشروع التزلج

الاتفاق وإن كان أمنياً لكنه يتطرق وفق ما كشف في إسرائيل إلى تعاون اقتصادي، إذ يدرس الطرفان احتمال تصدير الغاز الإسرائيلي إلى سوريا، إلى جانب العمل والتنسيق حول المياه ويشمل التنسيق مع الأردن، في شأن إدارة المياه في حوض نهر اليرموك.

أما بالنسبة إلى جبل الشيخ، فيبحث الإسرائيليون سبل البقاء في نقاط معينة في المنطقة السورية من هذا الجبل التي سيطر عليها جيشهم بعد سقوط الأسد، وحتى لا يشكل عقبة هناك مقترح لتحويله إلى منتجع تزلج كبير يدخله السوريون والإسرائيليون.

في إسرائيل هناك معارضة شديدة لأي اتفاق كان، أمنياً أم سياسياً، لا تضمن إسرائيل فيه منطقة عازلة وسيطرة مشددة أيضاً على الجولان وتحديداً جيل الشيخ، انطلاقاً من عدم الثقة بالشرع واعتباره شخصية متشددة خطرة.

وصرح وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، أن "إسرائيل مقبلة على اتفاق خطر جداً مع سوريا، إذ ستحول عدواً إلى جهة محبوبة على قلبها، وهذا لن يضمن أمن إسرائيل ولا سكان الجولان ومستوطناتها".

من جهتها رفضت المحامية تمار أربيل، وهي ناشطة سياسية واجتماعية في الشمال، حديث بن غفير، واعتبرته اتهاماً خطراً ضد نتنياهو بعدم حرصه على الحفاظ على أمن إسرائيل والاستعجال نحو هذا الاتفاق. وقالت إن "أي اتفاق أمني مع سوريا سيأتي في النهاية لمصلحة إسرائيل وأمنها، هذا طبعاً، إذا اتفقنا على كل ما نريده من هذا الاتفاق، لكن لا شك في أنه سيكون اتفاقاً يضمن أولاً أمن سكان الشمال وعموم مواطني إسرائيل، ومن يدير المفاوضات ويشرف عليها ينطلق من هذا المبدأ والهدف".

وتقول أربيل "الكل يتحدث أن أي اتفاق مع سوريا هو اتفاق شخصي مع ’الجولاني‘ (لقب الرئيس السوري أيام الحرب ضد نظام الأسد) الذي جاء من ’داعش‘، لكن واضح للجميع أن إسرائيل تعمل من أجل مصلحتها ومصلحة أمنها. ’الجولاني‘ ليس صديقاً ولا محبوباً، علينا تكريس كل الجهود المبذولة لمحاولة الوصول إلى ترتيبات، هي في الحقيقة تشكل الواقع في الشرق الأوسط، مع الحفاظ على مصالحنا، من دون الذهاب إلى مستقبل وهمي".

وأكدت أن أي اتفاق سيتوصل إليه الطرفان لن تكون فيه الحدود مفتوحة، لن تكون سفارة إسرائيلية في سوريا لن يصل سياح إسرائيليون إلى سوريا، ولن نذهب فجأة إلى التسوق في سوريا، هذا ما زال بعيداً".

وأكدت أن "إسرائيل تتمتع اليوم بسيطرة أمنية وعسكرية هناك، وهذا أمر مهم".

جهات إسرائيلية أخرى اعتبرت أن عدم البقاء في منطقة عازلة في العمق السوري سيضع إسرائيل أمام خطر كبير إزاء عدم ثقة كثيرين بما يمكن أن يفعله أحمد الشرع مستقبلاً، معتبرين أنه "مهم جداً ألا تكون الحدود بين إسرائيل وسوريا مفتوحة".

ونقلت "القناة 14" عن مسؤول أمني قوله إن المفاوضات الحالية لاتفاق أمني هي فرصة استثنائية لا تعوض، ويجب استغلالها والتوصل إلى تفاق يضمن مصالح إسرائيل.
 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI