امتلكت باكستان القنبلة النووية كأول دولة إسلامية تمتلك هذا السلاح، لكنها لم تُصَبْ كإيران بنظام يقوم على عقيدة "تصدير الثورة الإسلامية الطائفية طبعاً" وتفخيخ البلدان القريبة والبعيدة بالميليشيات الطائفية والحروب الأهلية، ولهذا لم أشاهد أو ألمس أي أثر سلبي للقنبلة النووية ولا السياسة الخارجية الباكستانية في حياتي كيمني أولاً وكعربي ثانياً تماماً بعكس إيران التي وصلني أذاها وشرها قبل أن تصبح نووية.
لو حظيت إيران بفرصة باكستان وامتلكت القنبلة النووية، لكان تأثيرها وأثرها في المنطقة أكبر مما هو عليه وأفْدَح بكثير. وحين أقول "المنطقة" خلال أي حديث عن تأثير إيران، فأنا أعني لا شك البلدان العربية القريبة أو البعيدة نسبياً عن إيران أكثر مما أعني إسرائيل. لأن إيران منذ بداية عدائها مع إسرائيل بعد استيلاء الخميني على السلطة نهاية سبعينات القرن الماضي خاضت أغلب حروبها مع العرب أكثر من إسرائيل: لم تمر سنتان على استيلائهم على السلطة في طهران، حتى بدأ الملالي حرباً ضارية لأكثر من ثماني سنوات مع العراق، وليس مع إسرائيل.
كان الخميني قد أطلق صرخته الشهيرة ضد أمريكا وإسرائيل، لكنه أطلق صرخته ضد أمريكا وإسرائيل وأطلق بندقيته على العراق! ثم بعد ذلك ماذا حدث؟ كل السنوات التي مضت حاربت فيها إيران وضخت أموالها وخبراتها وإمكاناتها في حروب أهلية مدمرة في بلدي وعدة بلدان عربية أخرى.
لم تستخدم باكستان حتى الآن قنبلتها النووية إلا كسلاح ردع تلوح به مجرد تلويح في وجه عدوتها النووية المجاورة جداً الهند، بينما عمدت إيران منذ استيلاء الملالي على سلطتها نهاية سبعينات القرن الماضي إلى تفخيخ البلدان العربية وتفجيرها من الداخل عبر أذرعها الطائفية في هذه البلدان التي أدخلتها طهران تحت عباءتها بواسطة الحروب الأهلية وتفجير مجتمعاتها طائفياً وسلالياً وعرقياً.
فعلت إيران كل ما فعلته ببلدي الحبيب اليمن وبالعراق العزيز وبلبنان الجميل وسورية الساحرة بالإضافة إلى تهديدها الخطير والمستمر لبلدان الخليج وبلدان عربية أخرى، فعلت كل ما فعلته وهي لم تمتلك القنبلة النووية بعد (تخيلوا ماذا كانت ستفعل لو امتلكتها!)، بل إنها لا تكتفي بالتدخل في شؤون الدول العربية فقط بل تعمد منذ سنوات إلى دسّ أنفها وأصابع التهريب والأيديولوجيا الخاصة بشبكات تهريبها الضخمة وشبكتها الطائفية في شؤون عدة بلدان إفريقية وصولاً إلى أمريكا اللاتينية.
يؤسفني جدا كيمني أولاً وكعربي ثانياً أن أرى إيران تتعرض للضرب المبرح على يد إسرائيل ولا أشعر بالتعاطف معها. لكن هذا ما فعلته إيران بنا، قبل أن تضعنا في هذه المعضلة، كانت قد شرّدتنا من بيوتنا وبلدنا، شردتني أنا شخصيا مع أسرتي، وشردت أخوتي مع أسرهم، وشردت غالبية أصدقائي مع أسرهم وأحياناً بدونها. لقد فعلت إيران هذا بالكثير من اليمنيين غيري والكثير الكثير من العرب في عدة بلدان عربية أخرى لا تخفاكم أساميها.
إذن، ماذا بوسعنا أن نفعل؟ ليس بوسعي شخصياً أن أتعاطف مع إيران بقدرما لا أستطيع أبداً تأييد إسرائيل. لكن ما يؤسفني أكثر من أي أمر آخر هو أنني أعرف جيداً أن بلدي سيظل بعيداً عني وعن الكثير من اليمنيين واليمنيات طالما ظل النظام الحالي في طهران واقفاً على قدميه وقوياً، ما بالكم أن يصبح نووياً.
(من صفحة الكاتب في فيس بوك)