مع احتدام منافسات بطولة كأس العالم لكرة القدم المقامة حاليا في قطر ووسط شغف اليمنيين بمتابعتها، ارتفعت أسعار نبات القات الذي يتعاطاه معظم اليمنيين يوميا، إلى مستويات قياسية وصلت إلى أكثر من 100 بالمئة، خاصة في عدن وصنعاء وغيرها من مراكز المحافظات.
ويقول محبوب محسن، بائع قات في سوق الشيخ عثمان بمدينة عدن والذي صارت مبيعاته تنفد بحدود الساعة الواحدة ظهرا منذ بدء دور الستة عشر بمونديال قطر "كانت مبيعاتي تنفد قبل المونديال بحدود الساعة الثالثة عصرا، لكنها الآن تنفد بحدود الواحدة ظهرا بسبب تزايد الطلب عليه مع تزايد الرغبة في مشاهدة مباريات المونديال خاصة مع بدء دور الستة عشر".
ويتناول معظم اليمنيين القات عقب ظهر كل يوم، إذ يمضغون أوراقه ويمتصون عصارتها.
وقال متعاطون للقات في عدن لرويترز إن بائعي هذه النبتة المصنفة كمخدر من قبل منظمة الصحة العالمية، دائما ما يستغلون الأحداث الساخنة لرفع سعر القات جراء زيادة الطلب عليه.
وذكروا أن أسعار بيع القات وصلت إلى أرقام خيالية وسجلت مستويات قياسية منذ بدء منافسات دور الستة عشر بالمونديال.
ويولي اليمنيون اهتماما كبيرا بمشاهدة مباريات كأس العالم لكرة القدم في قطر لا سيما وأن البطولة تقام لأول مرة في بلد عربي، الأمر الذي جعلهم أكثر حماسا للمتابعة وبالتالي أكثر طلبا على القات الذي يساعدهم للجلوس لفترة طويلة في مقايل (مجالس) جماعية.
ووُضعت شاشات عملاقة في الساحات والشوارع الرئيسية في العديد من المدن اليمنية لمشاهدة المباريات.
ويمارس معظم اليمنيين مضغ القات منذ قرون، ويمثل أحد الثوابت القليلة في بلد تمزقه حرب منذ ثماني سنوات تسببت في اهتراء نسيجه الاجتماعي وإلحاق خسائر تراكمية بالاقتصاد وصلت إلى 126 مليار دولار، وفق تقديرات الأمم المتحدة والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
فرصة ذهبية
قال أحد المتابعين لرويترز: "الهوس الكبير من قبل الجماهير اليمنية لمتابعة مباريات كأس العالم ساهم في تزايد الطلب بشكل كبير على القات حيث ارتفعت أسعاره مع دخول المونديال العالمي التصفيات النهائية".
ويرى عبد الله البدوي، بائع القات في عدن، أن ارتفاع الأسعار يرجع في جزء منه إلى قلة الإنتاج بسبب موجة صقيع تضرب المناطق الجبلية التي يزرع فيها القات الذي يقل في فصل الشتاء نتيجة تأثر زراعته بالبرد القارس.
وقال البدوي لرويترز: "ارتفاع الأسعار ليس من البائعين في عدن، فنحن نشتري القات ممن يجلبه من محافظة الضالع شمالي عدن ونبيعه مع تحقيق ربح معقول".
لكنه قال: " مع المونديال زاد الطلب عليه وربما يستغل البعض من التجار هذا الطلب ويرفعون سعره".
ويقول الصحفي المتخصص بالشؤون الاقتصادية، ماجد الداعريو لرويترز إن نهائيات كأس العالم في قطر جاءت "فرصة ذهبية" لمزارعي وموردي وبائعي القات لاستغلال كثرة الطلب عليه من المولعين به وبمشاهدة المباريات، في تحقيق أرباح كبيرة من بيعه بأسعار مضاعفة، إضافة إلى أن البطولة تقام لأول مرة في فصل الشتاء، الذي يساهم في تراجع كميات المحصول بسبب البرد.
وأشار الداعري إلى أن بعض أصحاب مزارع القات بمحافظة الضالع يتعمدون تأخير قطف القات حتى تأتي مواعيد ومناسبات، مثل كأس العالم أو مباريات "كلاسيكو الأرض" بين فريقي ريال مدريد وبرشلونة، لأن سعر القات يقفز إلى ضعفي سعره بالأيام الأخرى.
ويصل متوسط قيمة ما يشتريه المواطن العادي من القات يوميا إلى نحو خمسة آلاف ريال يمني (حوالي أربعة دولارات) بينما يبلغ نوع القات الجيد (12 دولارا).
والقات منتج نباتي يستهلك يوميا على نطاق واسع في اليمن، ويعد أهم محصول زراعي رابح تجاريا ورائج استهلاكيا هناك نتيجة الأموال الكبيرة التي يحركها في الأسواق والتي تصل إلى نحو عشرين مليون دولار يوميا، ويدر عائدات مادية تفوق بأربعة أضعاف مردود أي زراعة أخرى، طبقا لدراسات اقتصادية.