22 نوفمبر 2024
13 يناير 2023
يمن فريدم-أحمد سيد أحمد

 

 

ما زال اليمن يئن تحت مطرقة غياب الحل السياسي وسندان تجدد المعارك العسكرية بين قوات الشرعية وبين ميليشيات الحوثي الانقلابية وهو ما ينذر بعواقب وتداعيات خطِرة إنسانياً وسياسياً وأمنياً واقتصادياً.

 

مع فشل تمديد الهدنة وتوسيعها في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بسبب تعنت ميليشيات الحوثي وتقديمها لشروط ومطالب تعجيزية خاصة المطالبة بدفع رواتب مقاتليها من قبل الحكومة ورفض توريد إيرادات ميناء الحديدة إلى البنك المركزي اليمني، تتراجع فرص الوصول إلى حل سياسي، خاصة في التحركات الأممية والأمريكية الأخيرة؛ حيث التقى المبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ ومبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، في الرياض رئيس المجلس الرئاسي اليمني رشاد العليمي في محاولة لإحداث نوع من الحراك في المشهد السياسي اليمني وتمديد الهدنة وتوسيعها.

 

وقد رحب المجلس الرئاسي بالجهود الدولية وأبدى المرونة الكاملة لتمديد الهدنة من أجل تخفيف المعاناة عن الشعب اليمني، وأكد ضرورة الحل السياسي وفقاً للمرجعيات المعروفة، قرارات مجلس الأمن خاصة القرار 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، لكن تظل العقبة الكؤود أمام أي تقدم في العملية السياسية هو استمرار الرفض والتعنت الحوثي، ورفضه لكل المبادرات السابقة سواء من جانب السعودية أو من سلطنة عمان أو من جانب الأمم المتحدة لحل الصراع المستمر في اليمن من أكثر من ثماني سنوات وأدى إلى تداعيات خطِرة إنسانية على الشعب اليمني؛ حيث يعيش أكبر معاناة إنسانية في العالم، نتيجة لاستمرار القتال والصراع.

 

اختزال الأزمة

 

التحدي الآخر أمام نجاح جهود المبعوث الأمريكي والأممي في تحقيق أهدافها هو المنظور الذي تنطلق منه هذه التحركات والتي لا تزال تختزل الصراع في جانبه الإنساني، والعمل فقط على تمديد الهدنة وتوسيعها لتسهيل وصول المساعدات إلى الشعب اليمني، وذلك دون وجود رؤية شاملة لإنهاء معاناة الشعب اليمني.

 

فالتركيز فقط على تمديد الهدنة وفقاً لشروطها السابقة، وهي تسهيل دخول النفط إلى موانئ الحديدة وتيسير الرحلات من مطار صنعاء إلى القاهرة وعمان ورفع الحواجز ورفع الحصار عن المدن اليمنية، أصبح غاية في ذاته لدى الجانب الأمريكي والدولي، وهو ما يعد خطأ استراتيجياً، لأن إنهاء معاناة الشعب اليمني تتطلب إنهاء الأزمة من جذورها وضرورة التوصل إلى حل سياسي شامل بعد تثبيت وقف إطلاق النار.

 

وهذا الحل السياسي لن يتحقق إلا وفقاً للمرجعيات الثلاث المعروفة، خاصة تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 وفقاً للفصل السابع والذي يقضي بإنهاء كل مظاهر الانقلاب التي قامت بها ميليشيات الحوثي عام 2014 والانسحاب الكامل من المدن اليمنية. كما أن الحل السياسي لن يتحقق إلا بوجود ضغط دولي وأمريكي حقيقي على ميليشيات الحوثي لدفعها نحو الحوار، فالميوعة الدولية والتغاضي عن تعنت ممارسات الحوثي والمساواة بين الشرعية اليمنية الممثلة في الحكومة المعترف بها دولياً وبين ميليشيات انقلابية هو ما أدى إلى تعقد الأمور.

 

بل إن تراجع إدارة الرئيس بايدن عن قرار الرئيس السابق ترامب بتصنيف الحوثي منظمةً إرهابية تحت مبرر الاعتبارات الإنسانية، أدى إلى تشجيع الحوثي على الاستمرار في تعنتها ورفض الحلول السياسية؛ بل فاقم من المعاناة الإنسانية لليمنيين بسب استمرار المعارك وبسب قيام عناصر ميليشيات الحوثي بالسيطرة على أموال المساعدات الإنسانية سواء القادمة من الأمم المتحدة أو من الدول الإقليمية خاصة السعودية والإمارات وتوجيهها نحو جبهات القتال.

 

تداعيات خطِرة لتجدد القتال

 

يبدو المشهد في اليمن قاتماً في ظل تجدد المعارك والقتال بين الجيش اليمني وميليشيات الحوثي التي قامت بانتهاك الهدنة السابقة ومواصلة عدوانها على الكثير من المناطق اليمنية خاصة في حيس والجوف وتعز والضالع والحديدة غيرها، وهو ما يعكس نوايا الحوثي من قبولها للهدنة خلال المرات الثلاث السابقة ثم رفض تمديدها، فقد استغلتها لترتيب صفوفها وأوراقها وتعويض خسائرها البشرية والعسكرية الكبيرة أمام تقدم قوات الشرعية.

 

كما أنها تراهن على الخيار العسكري اعتقاداً منها أنها تستطيع تحقيق انتصارات كبيرة ومن ثم فرض منطقها في أية تسوية سياسية مستقبلية، وهو ما يخالف الواقع في ظل الانتصارات الكبيرة التي حققتها القوات اليمنية والتحالف العربي لدعم الشرعية، وصد هجمات الحوثي في كثير من المناطق والمدن اليمنية. كما أن الحوثي يستغل الجانب الإنساني لابتزاز المجتمع الدولي ومحاولة فرض شروطه.

 

ولهذا فإن تجدد القتال، وإن كان بصورة غير شاملة، لها تداعيات خطِرة ومتعددة، فأمنياً من شأنه عودة المعارك ووقوع المزيد من الضحايا من القتلى والجرحى وغياب الأمن والاستقرار في المدن اليمنية خاصة إذا ما تم توسيع القتال في كل الجبهات. واقتصادياً استنزاف موارد البلاد في العمل العسكري وعرقلة أية جهود لتحقيق التنمية والازدهار وتحسين مستوى معيشة اليمنيين وتوفير الخدمات الأساسية لهم من مياه نظيفة وخدمات صحية وتعليم وكهرباء وغيرها.

 

كما أنه يفاقم من المعاناة الإنسانية للشعب اليمني، خاصة في ظل ظروف الشتاء القارس ووقوع غالبية اليمنيين تحت خط الفقر وعدم تدبير الاحتياجات الأساسية وعرقلة الحوثي لجهود الإغاثة الإنسانية وسرقة أموال المساعدات. وسياسياً فإن تجدد وتوسع القتال يقوض من فرص التوصل إلى الحل السياسي الشامل والجذري عبر الحوار والدبلوماسية لإنهاء المعاناة اليمنية.

 

التحرك الدولي المطلوب

 

لا شك أن تحركات المبعوث الأمريكي والأممي الأخيرة تمثل فرصة مهمة لإعادة التركيز الدولي والأمريكي على القضية اليمنية بعد أن توارت بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، كما أنه يتطلب تغييراً شاملاً في منهج الأمم المتحدة وأمريكا والدول الأوروبية في التعاطي مع الأزمة اليمنية وعدم التركيز فقط على الجانب الإنساني وإنما العمل عبر خطوات حقيقية على الأرض للتوصل لحل سياسي والضغط بشكل جاد على الحوثي وعلى الأطراف الإقليمية الداعمة له، وأن يستخدم مجلس الأمن سلطته في تنفيذ قراراته بشأن الأزمة اليمنية. وبدون ذلك سيظل اليمن يراوح مكانه ويئن الشعب اليمني بين اللا حسم السياسي وتجدد القتال مرة أخرى.

 

"صحيفة الخليج"

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI