7 يوليو 2024
7 مايو 2023
يمن فريدم-الحرة-ترجمات
AFP

 

مع صمود الجيش الأوكراني لنحو 15 شهرا في مواجهة القوات الغازية لبلاده، فإن ثمة آمال مرتفعة بأن يؤدي الهجوم المضاد المأمول انطلاقه قريبا إلى تحقيق نتائج باهرة قد تجبر روسيا على الانسحاب والخضوع لمطالب المجتمع الدولي باحترام وحدة وسيادة جارتها الغربية.

 

ولكن ثمة مسؤولين وخبراء ومحللين يرون أن تلك التوقعات تنطوي على الكثير من التفاؤل وربما المبالغة في قدرة القوات الأوكرانية على إحراز انتصارات مفصلية تجبر موسكو على إنهاء غزوها الجائر الذي كبد الطرفين خسائر فادحة في الأرواح بالإضافة إلى تدمير مدن وبلدات وقرى عن بكرة أبيها.

 

وفي هذا الصدد، قال وزير الدفاع الأوكراني، أوليكسي ريزنيكوف، في مقابلة صحيفة خلال الأسبوع الماضي: "إن التوقعات من حملتنا المضادة للهجوم مبالغ فيها".

 

وأضاف: "معظم الناس ينتظرون حدثا هائلا.. وأخشى أن يؤدي ذلك إلى إصابتهم بخيبة أمل عاطفية"، وفقا لتقرير صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

 

"السؤال الصعب"

 

ويمكن للهجوم المضاد المرتقب، والذي أصبح ممكنًا بفضل الأسلحة والتدريب الغربيين، أن يمثل المرحلة الأكثر أهمية في الحرب، حيث تسعى أوكرانيا لاستعادة أجزاء هامة من أراضيها وإثبات أنها تستحق الدعم السخي الذي تتلقاه من حلفائها.

 

والتصعيد الميداني الذي بدأ قبل الهجوم، الذي لا تزال تفاصيله سرية، جعل المسؤولين الأوكرانيين يتصارعون مع سؤال صعب: "ما النتائج المرجوة التي ستكون كافية لإقناع الغرب باستمرار تقديم الدعم، وخاصة من قبل أميركا".

 

فبعض المسؤولين يخشون أن تخسر كييف استمرارية تدفق المساعدات العسكرية الدولية أو أن تواجه ضغوطًا جديدة لمواجهة موسكو على طاولة المفاوضات عوضا عن مبارزتها في ميادين القتال.

 

ومن شبه المؤكد أن مثل تلك المفاوضات في حال حدوثها ستشمل مطالب روسية بشأن التنازل عن أراضٍ ذات سيادة، وهو ما وصفته أوكرانيا في مناسبات عدة بأنه أمر غير مقبول.

 

وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في مقابلة، يوم الاثنين، مع صحيفة واشنطن بوست في مقره المحصن بشدة: "أعتقد أنه كلما ارتفع عدد الانتصارات التي نحققها في ساحات المعركة زادت أعداد الناس الذين يؤمنون بنا، مما يعني أننا سنحصل على المزيد من المساعدات".

 

ولكن ومع عدم تحقيق أي من الجانبين مكاسب إقليمية كبيرة، فإن بعض الخبراء يقولون إنه سيكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، إعادة قوات الكرملين إلى مواقعها قبل بدء الغزو في 24 فبراير من العام الماضي، حيث سيطرت موسكو على أجزاء من لوهانسك ودونيتسك، وذلك قبل أن تضم شبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني في العام 2014.

 

بيد أن وزير الدفاع الأوكراني يعود ليؤكد أن هناك آمالا كبيرة بتحقيق نتائج معقولة، موضحا: "لقد ألهم صمودنا العالم، فعند بدء الغزو كان هناك اعتقاد سائد بأن روسيا سوف تحتل البلاد خلال 72 ساعة".

 

وزاد ريزنيكوف: "سجل إنجازاتنا يعني أن شركاء أوكرانيا لديهم الآن توقع مشترك بأننا سوف ننجح مرة أخرى".

 

ونوه الوزير الأوكراني إلى أن الشركاء الغربيين قد أبلغوا كييف بأنهم بحاجة إلى إنجاز جديد يقدموه إلى شعوبهم، مردفا: "لا يمكنني أن أخبركم بحجم هذا النجاح الذي سوف ينجم عن الهجوم المضاد فقد نسترجع عشرة كيلومترات أو 30 كيلومتر ا، أو 100 كيلومتر أو 200 كيلومتر".

 

"دفعة معنوية"

 

ويمكن أن يؤدي النجاح الكبير للهجوم المضاد، بحسب خبراء، إلى حشد المزيد من الدعم للأسلحة الغربية والذخيرة التي تحتاجها أوكرانيا لمواصلة القتال وتقديم دفعة معنوية للسكان المدنيين الذين هم بأمس الحاجة لها بما يذكرهم بدحر القوات الغازية ومنعها الوصول إلى كييف عند بدء الحرب، ناهيك عن طرد قوات الكرملين مئات الأميال في منطقة خاركيف خلال الخريف الماضي وفي بضعة أيام فقط.

 

ولكن في خاركيف كان لدى الأوكرانيين ميزة عندما اقتحموا على حين غرة معاقل القوات الروسية التي كانت قد خفضت من دفاعاتها مما دفع الجنود الغزاة إلى الفرار بدون قتال.

 

وجنوبا في خيرسون، كانت لقوات أوكرانيا ميزة جغرافية كبيرة، حيث تكافح روسيا لتزويد قواتها بالإمدادات غرب نهر دنيبر، ولكن موسكو ربما باتت تتمتع الآن بميزة جغرافية أفضل وأعداد أكبر من الجنود.

 

ويوضح ريزنيكوف أن هناك حوالي 500 ألف جندي روسي يحاربون أو يتأهبون للقتال، منهم 300 ألف يتمركزون داخل أراضي بلاده.

 

من جهة أخرى تمتلك أوكرانيا 15 مفاعلاً نووياً عاملاً، والتي كانت تزودها قبل الغزو بنحو 51 % من الكهرباء.

 

وستة من هذه المفاعلات موجودة في محطة زابوروجيا النووية التي تعد الأكبر من نوعها في أوروبا، والتي أضحت تحت السيطرة الروسية منذ 4 مارس من العام 2022.

 

ويتمثل أحد الأهداف الرئيسية لأوكرانيا، وربما علامة مبكرة على نجاح الهجوم المضاد، في كسر ما يسمى بالجسر البري بين البر الرئيسي لروسيا وشبه جزيرة القرم المحتلة، وبالتالي قطع خطوط الإمداد الحاسمة للقوات الروسية في منطقة زابوروجيا، وعزل القواعد الروسية في شبه الجزيرة.

 

وعليه، فإن استعادة السيطرة على مرافق البنية التحتية الحيوية ذات القيمة الكبيرة، بما في ذلك محطة الطاقة النووية زابوروجيا ومحطة كاخوفكا الكهرومائية في منطقة خيرسون الجنوبية أحد الأولويات القصوى لكييف.

 

وإدراكًا للعقبات الهائلة، يواصل المسؤولون الأوكرانيون الضغط من أجل الحصول على مزيد من العتاد الغربي.

 

وقال زيلينسكي، في هذا المجال، إن أوكرانيا ستكون مستعدة لشن الهجوم "بمجرد وصول الأسلحة التي تم الاتفاق عليها مع شركائنا"، في حين لفت ريزنيكوف إلى "أول تشكيل هجومي" جاهز بنسبة أكثر من 90 % للبدء في المعارك المضادة، مستدركا أن بعض القوات المعينة لا تزال تنهي برامج التدريب في الخارج.

 

من جهة أخرى، يمكن لأوكرانيا أن تركز جهودها جنوباً وتحاول الاستيلاء على مدينة ميليتوبول ثم المضي قدمًا في محاولة لقطع الجسر البري مع شبه جزيرة القرم.

 

كما يمكن لأوكرانيا أيضًا مهاجمة القرم نفسها سواء بعمليات بحرية أو حتى عبر عمليات إنزال على الشاطئ، حيث أظهرت صور الأقمار الصناعية وجود خنادق واسعة حفرتها القوات الروسية استعدادًا لأي هجوم محتمل على شبه الجزيرة.

 

"الأولوية للسماء"

 

لكن تقييمات الاستخبارات الأميركية التي وردت في وثائق البنتاغون المسربة كشفت عن مخاوف الولايات المتحدة بشأن قدرة أوكرانيا على إحراز تقدم كبير هذا الربيع، ويرجع ذلك جزئيًا إلى "أوجه القصور في التدريب وإمدادات الذخيرة".

 

وهنا يوضح زيلينسكي في مقابلته مع "واشنطن بوست": "نحن نخسر حاليًا في السماء".

 

وكان الرئيس الأوكراني قد مارس ضغوطا كبيرا للحصول على طائرات "إف -16"، بيد أن الرئيس الأميركي، جو بايدن رفض ذلك أمر بشكل قاطع.

 

وقال زيلينسكي إن أوكرانيا لن تنتظر المزيد من الطائرات المقاتلة لبدء الهجوم، مردفا "ولكن سيكون الأمر أسهل بكثير بالنسبة لنا إذا حصلنا عليها".

 

وعلى الرغم من أن أوكرانيا تلقت مؤخرًا نظام الدفاع الصاروخي باتريوت الأميركي، "ومع ذلك فإننا نحتاج أيضًا إلى تذكر أن ذلك لا يكفي لحماية المدنيين، بحسب زيلينسكي الذي يتفق معه ريزنيكوف، قائلا إن المزيد من أنظمة الدفاع الجوي هو "الأولوية رقم واحد".

 

وفي نفس السياق، قال الجنرال ريتشارد بارونز، قائد قيادة القوات المشتركة في المملكة المتحدة بين عامي 2013و 2016، إن هناك مخاوف من أن الدفاعات الجوية الأوكرانية التي لا تزال مستنفدة قد تواجه وابلًا من الصواريخ الروسية بمجرد بدء الهجوم المضاد.

 

وأوضح أن "هناك علامة استفهام بشأن قدرة أوكرانيا على التحكم في مجالها الجوي"، لافتا إلى أن روسيا استخدمت تكتيكًا واضحًا طوال الشتاء لمحاولة استنفاد الدفاعات الجوية الأوكرانية، والتي كانت تتألف في الغالب من معدات روسية أو سوفيتية الصنع.

 

وبالإضافة إلى الطائرات ومنظومات الدفاع الجوي، تطالب أوكرانيا بمزيد من المدفعيات وراجمات الصواريخ بعيدة المدى، وذلك مع اقتراب الهجوم المضاد من بدايته المرتقبة.

 

بيد أن حلفاء كييف لطالما أعربوا عن مخاوفهم من إمكانية استخدام مثل هذه الأسلحة لضرب الأراضي الروسية مما قد يؤدي إلى تصعيد كبير من قبل موسكو.

 

ويرد زيلينسكي على ذلك بقوله إن الافتقار إلى مثل هذه الأسلحة يضع أوكرانيا في وضع صعب للغاية.

 

وتابع: "لا أفهم صراحة لماذا لا نستطيع الحصول على مدفعية بعيدة المدى"، معتبراً أنه قدم تأكيدات بأن أوكرانيا لن تستخدم مثل هذه المعدات لضرب الأراضي الروسية.

 

وقال زيلينسكي إن هذا النقص في المعدات كان سببا رئيسيا في أن الجيش الأوكراني لم يتمكن من إخراج القوات الروسية من الأراضي التي تسيطر عليها عبر نهر دنيبر، وذلك بعد أن جرى بعد استعادة مدينة خيرسون في نوفمبر الماضي.

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI