22 نوفمبر 2024
25 ديسمبر 2022
يمن فريدم-بلومبرغ
العاصمة البريطانية لندن

 

 

بعد عامٍ مُرهق لمشهد التكنولوجيا المالية في لندن، أشار الداعمون لمفهوم "هولي جولي تيك بارتي" (Holly Jolly Tech Party) في وقت سابق من هذا الشهر إلى أنه كانت لا تزال هناك مبررات تدعو للاحتفاء بالقطاع.

 

على مدار حفلات الكوكتيل وتناول الجمبري بالخبز المقدّد على امتداد أفق المدينة من حانة فوق سطح "ليستر سكوير" (Leicester Square)، استمتع المستثمرون ورجال الأعمال الذين نجحوا في اجتياز فترات ركود التقييم وخفض الوظائف وصداع جمع التمويلات.

 

تعكس هذه الفعالية، وغيرها من الفعاليات المشابهة، الرغبة المستمرة في اللقاءات الاجتماعية والمصافحة واستكشاف الاستثمارات، ولكن بتكلفة مناسبة.

 

تقول ستيفاني تشو، الشريكة في شركة الاستثمارات "بورتيج فنشرز" (Portage Ventures) ومقرها في تورونتو عبر مكالمة بالفيديو: "خرجنا للتو من كوفيد ويريد الناس أن يلتقوا مرة أخرى بشكل شخصي. كذلك يرغب المستثمرون عادةً في إبرام صفقات."

 

لندن تسجل أدنى مستوى في حصيلة الطروحات الأوروبية منذ 2009

 

حالة الهدوء التي سادت فصل الصيف الماضي أفسحت المجال لعقد الاجتماعات داخل القاعات حول وضع الميزانيات قبل العام الجديد، "في محاولة لمعرفة التوازن الصحيح بين الحاجة المستمرة للنمو على ما يبدو، بل والحاجة إلى التحلّي بالحكمة"، بحسب تشو. المستثمرون أمثالها لا يرغبون في تفويت "فرصة لا تأتي إلا كل جيل" التي قدّمتها المجموعة الحالية من الشركات الناشئة، على الرغم من أن الصفقات تستغرق وقتاً أطول مما كانت عليه قبل عام، عندما كانت التكنولوجيا المالية من بين أهم القطاعات بالنسبة لأصحاب رأس المال المغامر.

 

تمويل شركات التكنولوجيا المالية عالمياً، والتي غالباً ما يتم اختصارها إلى مصطلح "فينتك"، حطّم العديد من الأرقام القياسية في العام الماضي، حيث استحوذت الشركات الناشئة في هذا المجال على دولار واحد من كل 5 دولارات خصصت لشركات رأس المال المغامر، وفقاً لـ "سي بي إنسايتس" (CB Insights).

 

مع ذلك، كانت هناك علامات على التباطؤ والاندماج هذا العام أعادت الاستثمارات إلى مستويات 2018/2019، وفقاً لشركة الاستثمار الأوروبية "فينش كابيتال" (Finch Capital). انخفض عدد الشركات الجديدة الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية التي تأسست في المنطقة بنسبة 80% مقارنة بالعام السابق، وتراجع بشكل أكثر من الذروة التي سُجّلت في عام 2018.

 

قالت "فينش" إن الطروحات العامة الأولية تقلصت بـ 70%، مما يعكس جزئياً الجفاف الذي أصاب السوق في الظهور الأول بأسواق الأسهم.

 

تجرّعت شركات رأس المال المغامر العملاقة مثل "سوفت بنك" (SoftBank) و"تايغر غلوبال مانجمنت" (Tiger Global Management) ألم تراجع التقييمات، حيث تحاول الشركات التابعة لمحافظها التحول من النمو السريع إلى الربحية. ومع ذلك، لا تزال هناك شهية للصفقات بعد "النمو المذهل، وربما المحموم" في عام 2021، وفقاً لـ "فينش". يمتلك المستثمرون في التكنولوجيا المالية رقماً قياسياً قدره 28 مليار دولار من رأس المال غير الموزع.

 

المصرفيون في قلق من استمرار شح الطروحات الأولية في 2023

 

صخب أقل

 

قال مايكل تريسكو، الشريك في شركة "إيت رودز فنشرز" (Eight Roads Ventures): "ساد التحول في مستوى الصخب. العام الماضي، كان الاستثمار أشبه بحضور مهرجان. هذا العام، أنت في مجال أصغر، حيث يقل الصخب".

 

يبدو أن العام الماضي يشير إلى نهاية حقبة النمو السريع للتكنولوجيا المالية، والتي تعززت بفضل أسعار الفائدة المنخفضة التي جعلت التمويل رخيصاً، وجائحة غيّرت سلوك المستهلكين.

 

بالنسبة إلى الشركات الناشئة التي تجمع الأموال، كانت هناك في الأساس فورة بيع أشبه بالاحتفال بأعياد الميلاد. فإذا تمكّنت من إدارة أموالها بشكل جيد، فستكون قادرة على التأقلم. لكن إذا نظرت إلى الأمر على أنه الوضع الطبيعي الجديد، فقد بدا الأمر كما لو أنهم يمضون إلى استفاقة على كابوس.

 

تقول أوفيليا براون، من شركة "بلوزوم كابيتال" (Blossom Capital): "كانت وجهة نظرنا دائماً أن عام 2021 لم يكن مستداماً". من جانبه، قال هاري بريغز، من شركة "أوميرز فنشرز" (Omers Ventures) للاستثمار والتي تركز على التكنولوجيا، إن هذا العام يمثل "عودة إلى الرُّشد" ويمكن أن يؤدي إلى بيئة تمويل أكثر صحة للشركات الناشئة التي تحمل توقعات أكثر واقعية.

 

أضاف بريغز: "كان الكثير من الأموال يُهدر على زيادة عدد فرق العمل والمكاتب باهظة التكلفة والأشياء غير المهمة حقاً، والتي غالباً ما تؤدي إلى إبطاء أداء الموظفين إلى حد كبير. أعتقد أن الشركات الناشئة تزدهر في ظل ندرة". فهو يعتقد أن تقييمات التكنولوجيا المالية من المحتمل أن تنخفض أكثر.

 

تقلبات الأسواق والتضخم يهبطان بصفقات الاندماج والاستحواذ 30% في 2022

 

الربح على النمو

 

كان هناك تحول في المعنويات هذا العام، حتى من أكبر رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا المالية وأكثرهم تفاؤلاً. فلم يعودوا يتحدثون عن الطروحات الأولية، بينما أُجبر البعض على خفض إنفاقهم. فقد أعلنت "كلارنا" (Klarna)، منصة الشراء الآن والدفع لاحقاً، في مايو الماضي أنها سوف تستغني عن 10% من موظفيها، وفي يوليو الماضي جمعت تمويلاً جديداً بـ 800 مليون دولار، مما أدى إلى تقييم 6.7 مليار دولار فقط، انخفاضاً من 45.6 مليار دولار قبل عام. وقلّصت شركة المدفوعات "تشيك آوت دوت كوم" (Checkout.com) مؤخراً تقييمها الضريبي الداخلي إلى 11 مليار دولار.

 

قد لا تتأثر الشركات الناشئة الأصغر حجماً بنوبات الهبوط التي تُقدّر بمليارات الدولارات، لكن التحركات الدراماتيكية في الفئة العليا من الشركات بالسوق عززت الشعور بالحذر بشأن خطط النمو.

 

قال جيبي زينك، الشريك في شركة رأس المال المغامر "نورث زون" (Northzone)، التي استثمرت في "كلارنا": "بالنسبة للمؤسسين وفرق القيادة، سيظل النقد والطريق نحو الربحية يحتلان الصدارة، خاصة في مراحل النمو".

 

بسبب هذا التحول، فإن العمل على جعل كل عملية بيع مربحة أصبح الآن "جوهر عملية التأسيس"، وفقاً لما ذكره ريموس بريت من شركة رأس المال المغامر "لوكال غلوب" (LocalGlobe). قال بريت أيضاً إنه كان يشجع المؤسسين على بناء خطة تأخذ في الحسبان ملاءتها المالية لمدة ثلاث سنوات بدلاً من عامين قبل جمع التمويل مجدداً، وذلك في ظل حالة عدم اليقين التي يشهدها الاقتصاد.

 

الشركات الناشئة تعتمد على الأموال الخاصة مع تلاشي جاذبية الأسواق

 

استكشاف الصفقات

 

على الرغم من كل هذا، فالأمر ليس كله تشوبه الكآبة والتقشف. أنهى مايكل سيدغمور، الشريك في "برودهافن فنشرز" (Broadhaven Ventures) ومقرها في سان فرانسيسكو، رحلة مدتها ثلاثة أسابيع في أوروبا لاستكشاف صفقات. واختتم الزيارة برحلة إلى حانة مزخرفة في ويست إند بلندن، لمشاهدة مباراة كأس العالم بين المغرب وإسبانيا، ومناقشة الثروات المتباينة للشركات الناشئة والشركات ذات الباع الطويل هذا العام.

 

يقول سيدغمور إنه على الرغم من أن التمويل في المرحلة المتأخرة قد تراجع، وانخفضت شركات "يونيكورن" إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2020، فإن الاستثمار في المرحلة المبكرة مستمر في الزيادة. فهو لا يزال متحمساً إزاء منظومة شركات التكنولوجيا المالية الأوروبية، ولا يزال هناك "الكثير من الشركات عالية الجودة التي تحل المشكلات الكبيرة هناك".

 

ماذا بعد؟

 

حرصت بعض الشركات على الإشارة إلى جوانب مُشرقة أخرى. ففي قمة "أسيل" (Accel) للتكنولوجيا المالية خلال ديسمبر الجاري، أثار الشريك لوكا بوكيو قضية مفادها أنه على الرغم من تضرر التكنولوجيا المالية بشدة، إلا أن القطاع أصبح بشكل متزايد جزءاً مهيمناً ضمن المنظومة التكنولوجية. فقد وجدت شركته أنه على مدار العقد الماضي، تدفقت أكثر من 200 مليار دولار إلى قطاع التكنولوجيا المالية على امتداد أميركا الشمالية وأوروبا وإسرائيل، متوقعاً أنه لا يزال هناك المزيد في المستقبل.

 

يعتقد بعض المستثمرين أن العام الماضي شكّل مرحلة مفصلية للقطاع وهو يمضي في حالة النضج. فالمزيد من الدولارات يُنفق في المجالات المناسبة مثل طبقات البنية التحتية للتكنولوجيا المالية، والتي وفّرت بالتأكيد صفقات أعمال لجوليا أندريه، الشريكة في "إندكس فينشرز" (Index Ventures).

 

"السوق حالياً للمشترين"، حسبما ترى أندريه التي قضت مؤخراً وقتاً في المناقشات مع مؤسسين في إستونيا. تدور فلسفتها حول أن الأوقات الصعبة تعني أن الشركات يجب أن تركز على ما هو مهم. وأضافت: "تاريخياً، رأينا شركات كبيرة تُؤسس في هذه الأوقات".

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI