يؤدي انحسار التضخم في الولايات المتحدة إلى تسريع انخفاض الدولار، ومن المتوقع أن تستفيد الأصول الخطرة في جميع أنحاء العالم من ذلك.
وتراجع الدولار 13% تقريبا مقابل سلة من العملات الرئيسية من أعلى مستوى له في عشرين عاما، والذي سجله العام الماضي، ووصل إلى أدنى مستوى له في 15 شهرا.
وأظهرت بيانات أميركية صدرت الأربعاء أن التضخم تباطأ بأكثر من المتوقع، مما أدى إلى تسريع هبوط الدولار وتعزيز التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) على وشك إنهاء دورة رفع أسعار الفائدة.
ولأن الدولار عنصر حيوي في النظام المالي العالمي، ستستفيد مجموعة واسعة من الأصول إذا استمر في الانخفاض.
وقد يكون تراجع الدولار نعمة لبعض الشركات الأميركية لأن انخفاض العملة يجعل الصادرات أكثر تنافسية في الخارج ويجعل تحويل الأرباح في الخارج إلى دولارات أرخص بالنسبة للشركات متعددة الجنسيات.
وأظهر تحليل أجرته مجموعة بيسبوك للاستثمار للشركات المدرجة على المؤشر راسل 1000 أن ما يزيد قليلا عن 50 بالمئة من عوائد قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة يأتي من الخارج. ويضم هذا القطاع بعض شركات النمو الكبيرة التي قادت صعود الأسواق هذا العام.
وتصبح المواد الخام، التي تُسعر بالدولار، في متناول يد المشترين الأجانب عندما تنخفض العملة الأميركية. وارتفع مؤشر السلع لستاندرد اند بورز وغولدمان ساكس 4.6 بالمئة هذا الشهر، وهو يتجه لتسجيل أفضل أداء شهري منذ أكتوبر.
وتستفيد الأسواق الناشئة أيضا لأن انخفاض العملة الأميركية يجعل سداد الديون التي يهيمن عليها الدولار أسهل. وارتفع المؤشر مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال لعملات الأسواق الناشئة 2.4 بالمئة هذا العام.
وقال ألفيس مارينو محلل صرف العملات الأجنبية في كريدي سويس، لوكالة رويترز، "بالنسبة للأسواق، فإن انخفاض الدولار والسبب وراءه، وهو انحسار التضخم، يسهلان كل شيء خاصة بالنسبة للأصول خارج الولايات المتحدة".
وتراجع الدولار في الوقت الذي انخفضت فيه عوائد سندات الخزانة الأميركية في الأيام الماضية مما يقلل من جاذبية العملة الأميركية ويعزز عددا كبيرا من العملات الأخرى التي تتراوح من الين الياباني إلى البيزو المكسيكي.
وقال كارل شاموتا كبير محللي السوق في كورباي "هذا الصوت الذي تسمعه هو تكسير المستويات الفنية في أسواق الصرف الأجنبي... الدولار يتجه نحو المستويات التي كانت سائدة قبل أن يبدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة، ونرى ارتفاع العملات الحساسة للمخاطر على أساس عالمي".
وقد يؤدي الانخفاض المستمر للدولار إلى زيادة أرباح استراتيجيات الصرف الأجنبي مثل تجارة المناقلة الممولة بالدولار، التي تتضمن بيع الدولار لشراء عملة ذات عائد أعلى مما يسمح للمستثمر بجني الفارق.
وأدى انخفاض الدولار إلى جعل الاستراتيجية مربحة بالفعل هذا العام. وأظهرت بيانات من كورباي أن المستثمر الذي باع الدولار واشترى البيزو الكولومبي جمع 25% منذ بداية العام حتى الآن، بينما حقق الزلوتي البولندي عائدا بنسبة 13%.
وعلى صعيد السياسة النقدية، ربما يبعث انخفاض الدولار الراحة لبعض الدول لأنه يزيح الحاجة الملحة لدعم عملاتها المتهاوية.
ومن بين هذه الدول اليابان. فقد انخفض الدولار ثلاثة بالمئة أمام الين هذا الأسبوع، ويتجه لتسجيل أكبر انخفاض أسبوعي له مقابل العملة اليابانية منذ يناير.
ويمثل تراجع الين مشكلة للاقتصاد الياباني المعتمد على الاستيراد. وزادت التوقعات بأن اليابان ستتدخل مرة أخرى في الأسواق لدعم عملتها بعدما قامت بذلك العام الماضي للمرة الأولى منذ عام 1998.
مخاطر ضعف الدولار
بطبيعة الحال، فإن انخفاض الدولار له مخاطره الخاصة، أحدها هو زيادة محتملة في التضخم بالولايات المتحدة مما يزيد الرهانات على المزيد من التشديد النقدي وتراجع العديد من التعاملات المناهضة للدولار التي ازدهرت هذا العام.
ورغم تباطؤ التضخم، ظل الاقتصاد الأميركي متينا مقارنة بالدول الأخرى. ويعتقد عدد قليل من الخبراء أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة قريبا مما قد يحد من هبوط الدولار على المدى القريب.