23 يوليو 2025
25 سبتمبر 2022

 

تربيت في كنف جدي أحمد سعيد رحمة الله.. صحيح انه غادرنا إلى ربه عندما كنت في الصف الثالث الابتدائي، وعرفت بعده معنى اليتم لأنني كنت اعتقد انه أبي وكان تعامله معي كذلك طيب الله ثراه.

جدي لم يكن متعلما، ولم يتعلم من قبل، لكنه كان حريصا على تعليمي، ويشجعني بل ويتباهى بمحصلاتي المدرسية وكان يطير فرحا كلما كنت احصل على درجات متميزة.

قبل ذلك كان الداعم والسند لتعليم ابي الذي كان يقيم في صنعاء ويدرس هناك بجامعة صنعاء ليكون محام ومثله ايضا كان يدرس عمي.

كان الجد مدرسة في الاخلاق والحكم والعلم، دائما ما يتحدث عن فلان بن فلان الذي تفوق وحصل على منحة دراسية وكيف يريدني ان افعل مثله.

كنت استغرب كيف لهذا الفلاح المسن وهو غير متعلم، ان يأتي بهذا التفكير ليريدنا ان نتعلم ونتفوق ويمعن حديثه عن المتفوقين.. ما يزال كلامه يرن في رأسي "اشأك يبني تقرا.. تقع رجال.. ما اشتنفعك إلا قراءتك".

عندما كبرت عرفت ان جدي الملقب بـ "الرهينة" كان أحد الأطفال الرهائن لدى الإمامة.

خلال تلك الفترة عرف المعاناة والسجن والعذاب، أدرك ما هو الجهل، لاحظ كطفل كيف يعامل كخادم "دويدار" وبالمقابل يلاحظ تردد أطفال الأسر الهاشمية على حلقات ودروس التعليم، وهو الممنوع عنها كسجين لا يتلقى سوى الأوامر بالخدمة وعليه السمع والطاعة.

رغم عدم تعلم الجد، لكنه من خلال ما خبر في حياته أدرك مبكرا انه لا خلاص لليمنيين إلا بالتعليم.

التعليم الذي يجعل للمرء ثقلا في علمه وعقله وليس في عرقه وسلالته.

كان الجد يسميني بـ "زبارة" تفاؤلا منه أن أكون شيئا ما في المستقبل وكان حينها القاضي "زبارة" هو مفتي اليمن.

في القرية ما يزال الجيران والاصدقاء يطلقون عليا ذات اللقب حتى اليوم، بل أقارب كثر من الدرجة الأولى.

في اطلاقه اللقب هذا لي رغم أن زبارة هاشمي وانا يمني حميري يقصد انني بعلمي سوف لن يكون ثمة فرق بيني وزبارة وقد أكون أنا وهو بنفس المنزلة أو افوق عليه.

بالمقابل أدركت لاحقا أن تلك الفلسفة في حب تعليم الأبناء ليست عادية بقدر ما تعني أن العلم هو السلاح الفتاك ضد الكهنوت القائم على تجهيل وتخلف اليمنيين.

هكذا أيقن الجد أحمد سعيد كلابة وكثير من الأجداد والآباء في ربوع اليمن الكبير أنه لا خلاص لنا كيمنيين إلا بالعلم والتعليم.

الثورة التي تكسر رغبة وحب السيادة والتسلط في أيا كان.

الثورة التي تجعلنا أسيادا لا عبيد..

ملوك لا خدام..

أحرار لا دويدارات..

كل 26 سبتمبر وأنتم بخير

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI