كشفت مصادر مصرية مطلعة أن القاهرة "لا تنوي الانخراط في أي تحالف أمني أو عسكري لمواجهة الحوثيين"، مشددة على أن الإدارة المصرية "تتمسك بنهجها في عدم الانخراط في تحالفات، وأن تتبنى رؤية لحل النزاعات والأزمات عبر التواصل مع أطرافها المختلفة".
وأكد مصدر مصري، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن القاهرة "تكتفي في هذا الإطار بدورها في القوة المشتركة 153 المعنية بمهام أمنية في البحر الأحمر، التي تولت قيادتها في ديسمبر/كانون الأول 2022، قبل أن تنتقل القيادة إلى الولايات المتحدة في يونيو/حزيران الماضي".
وكشف عن "التوجهات الرئيسية لمصر بشأن التعامل مع المخاوف المتعلقة بعمل قناة السويس"، مشيراً إلى أن "هناك اتصالات متواصلة بين مصر وإيران من جهة، وبين مصر وجماعة الحوثي من جهة أخرى". ولفت إلى أن "الاتصالات تتم عبر قنوات أمنية بين مصر وجماعة الحوثي منذ فترة ليست بالقصيرة، وأن تلك القنوات قد نشأت بالأساس بهدف ضمان أمن الملاحة في البحر الأحمر بشكل عام، حتى لا تتأثر حركة الملاحة في قناة السويس".
مصر وجماعة الحوثي
وأوضح المصدر المصري أن "اتصالات جرت بين مسؤولين في جهاز المخابرات العامة الذي يتولى ملف التواصل، وجماعة الحوثي، جرى خلالها التأكيد على مساعي مصر لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، والعمل على إدخال أكبر قدر ممكن من المساعدات، من خلال إدارة الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي، وهو ما يخدم الأهداف الحوثية التي أعلنت من أجلها استهداف السفن في المنطقة".
وأكد المصدر أنه "حتى الآن، لم تتضرر حركة الملاحة في القناة بشكل يتسبّب بالقلق لمصر"، مضيفاً أن القاهرة "تلقت إفادات من أطراف محسوبة على محور المقاومة، تؤكد دقة المعلومات التي تتحرك على أساسها قوات الحوثي لاستهداف السفن العابرة قبالة السواحل اليمنية، والتأكد تماماً من كونها متوجهة إلى ميناء إيلات في إسرائيل"، مشيراً إلى أن "المسار الذي تعد قناة السويس الجزء الرئيسي فيه، غير مستهدف نسبياً من قبل الحوثيين".
وتتمثل مهام القوة المشتركة 153 في مكافحة أعمال التهريب، والتصدي للأنشطة غير المشروعة في مناطق البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن. وتعد جزءاً من القوة البحرية المشتركة، التي تأسست في العام 2002 لمواجهة تهديد "الإرهاب الدولي" بتعاون بين 12 دولة، قبل أن تتوسع لاحقاً لتؤسس فرقة العمل المشتركة "153" في 17 إبريل/نيسان 2022، التي تختص بالأمن البحري في البحر الأحمر وخليج عدن، وتضم في عضويتها 39 عضواً وتتخذ من البحرين مقراً لها.
وقلل أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عصام عبد الشافي، من "تأثير الأحداث في البحر الأحمر على العلاقة بين مصر والحوثيين". وقال في حديث لـ"العربي الجديد": "بالنسبة للعلاقة ما بين مصر والحوثيين في ظل التوتر في البحر الأحمر، لا أعتقد أن مثل هذا الأحداث تؤثر على العلاقة بين الطرفين، إذا كانت هناك علاقة رسمية من الأساس".
ورقة مصرية في البحر الأحمر
وأضاف عبد الشافي أن "هذه الأحداث يمكن أيضاً أن تكون ورقة تراهن عليها مصر في تعزيز علاقاتها الإقليمية والدولية، كما أن هذه العمليات من ناحية ثانية يمكن أن تعزز من فرص وحظوظ النظام المصري في علاقاته مع دول الخليج، خصوصاً الإمارات والسعودية، في ظل أن مثل هذه الهجمات واستمرارها، هي نوع من أنواع تعزيز القوة العسكرية للحوثي. وهذا ما يدفع هذه الدول إلى تعزيز علاقاتها مع النظام في مصر، على اعتبار أنها حتى هذه اللحظة تراهن على أن مصر يمكن أن تكون ورقة من أوراق حفظ السلم والأمن في المنطقة وتعزيز قدرات هذه الدول".
وتابع عبد الشافي: "من ناحية ثانية، مصر لم تظهر حرصاً شديداً على علاقاتها مع إيران والقوى والأطراف المرتبطة بها إقليمياً، ولذلك لا أعتقد أنه يعنيها بأي حال من الأحوال أن تصدر في وسائل الإعلام الرسمية أو عبر متحدثين رسميين أو عبر الوسائل الدبلوماسية، بيانات منددة بما يقوم به الحوثي، وكون ذلك يؤثر على حركة الملاحة الدولية، لأنه يمكن أن يصب في صالح باقي الأطراف بما فيها إيران".
ويأتي هذا في وقت كشف فيه المتحدث باسم جماعة الحوثي، محمد عبد السلام، عن وساطة عمانية بشأن عمليات الحوثيين في البحرين الأحمر والعربي. وقال عبدالسلام في منشور على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي: "برعاية الأشقاء في سلطنة عمان يستمر التواصل والنقاش مع عدد من الأطراف الدولية بشأن عمليات البحر الأحمر والبحر العربي".
وأضاف: "أكدنا للجميع أن عمليات اليمن هي لمساندة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وأنه لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي إزاء ما يتعرض له القطاع من عدوان وحصار حيث لا غذاء ولا دواء وحتى المياه الصالحة للشرب أقدم كيان العدو على قطعها".
وتابع: "في مختلف اللقاءات جرى التأكيد أن موقف اليمن مع غزة غير خاضع للمساومة، وأن سفن العدو أو تلك المتوجهة إلى موانئه ستبقى عرضةً للاستهداف حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة، وتدفق المساعدات الإنسانية بشكل مستمر إلى القطاع".