كشفت بيانات رسمية حديثة، عن تراجع عجز صافي الأصول الأجنبية في مصر خلال فبراير/ شباط الماضي، إلى أدنى مستوى سجله في عام تقريباً بدعم من تراجع التزامات القطاع المصرفي، وتزامناً مع توقيع البلاد صفقة مشروع رأس الحكمة.
وبحسب بيانات حديثة للبنك المركزي المصري، فقد تراجع عجز صافي الأصول الأجنبية في مصر خلال فبراير الماضي إلى 678.988 مليار جنيه (14.385 مليار دولار)، مقارنة بنحو 896.121 مليار جنيه (18.985 مليار دولار) في يناير (كانون الثاني) السابق له، أي بقيمة انخفاض على أساس شهري بلغت نحو 217.133 مليار جنيه (4.6 مليار دولار)، بنسبة تراجع بلغت نحو 24.2 في المئة.
ويعد العجز المسجل في فبراير الماضي هو الأدنى منذ شهر يناير من العام الماضي (2023)، الذي سجل فيه نحو 654.428 مليار جنيه (13.865 مليار دولار).
جاء هذا التراجع تزامناً مع توقيع الحكومة المصرية أكبر صفقة استثمار مباشر من خلال شراكة استثمارية، بين وزارة الإسكان ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وشركة أبوظبي التنموية القابضة الإماراتية، لتنفيذ مشروع تطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة على الساحل الشمالي الغربي.
صافي الأصول الأجنبية يرتفع بأكثر من 8%
وتظهر البيانات، أن إجمالي الأصول الأجنبية التي يمتلكها القطاع المصرفي المصري ارتفعت بنسبة 8.17% بما يعادل نحو 119 مليار جنيه (2.521 مليار دولار)، وذلك بعدما زادت إلى 1.574 تريليون جنيه (33.347 مليار دولار) في فبراير الماضي، مقابل نحو 1.455 تريليون جنيه (30.826 مليار دولار) في يناير السابق له.
وفي المقابل، تراجعت التزامات القطاع المصرفي المصري (الخصوم الأجنبية) بنهاية فبراير الماضي بنسبة 4.2 في المئة، إذ انخفضت إلى 2.25 تريليون جنيه (47.669 مليار دولار)، مقابل 2.35 تريليون جنيه (49.788 مليار دولار) بنهاية الشهر السابق له.
وتتضمن الدفعة الأولى لصفقة مشروع "رأس الحكمة" نحو 15 مليار دولار، مقسمة إلى 10 مليارات دولار تأتي سيولة من الخارج مباشرة، إضافة إلى تنازل دولة الإمارات أو الحكومة الممثلة في شركة أبوظبي القابضة، عن جزء من الودائع الموجودة بالبنك المركزي المصري، التي تمثل 11 مليار دولار.
وستُستخدم خمسة مليارات منها في الدفعة الأولى، سيتم تحويلها من دولار إلى جنيه حتى يتم استخدامها من قبل شركة أبوظبي التنموية والشركة المسؤولة عن المشروع في عمليات الإنشاء، وكانت الحكومة المصرية قالت إنها تسلمت بالفعل الدفعة الأولى من الصفقة والبالغة نحو 10 مليارات دولار.
ويعقب ذلك بشهرين دخول 20 مليار دولار، عبارة عن 14 مليار دولار تأتي سيولة مباشرة، إضافة إلى الجزء المتبقي من الودائع، الذي يمثل ستة مليارات دولار، وبهذا يكون هناك 24 مليار دولار سيولة مباشرة، إضافة إلى 11 مليار دولار كودائع سيتم تحويلها بالجنيه المصري، لاستخدامها في تنمية المشروع.
تحركات مكثفة لسد الفجوة الدولارية
وتسعى الحكومة المصرية في أكثر من اتجاه لسد فجوة التمويل الدولارية، وفي هذا الإطار وبخلاف ما حققته في برنامج الطروحات الحكومية، فقد تمكنت من تعديل الاتفاق الذي أبرمته في نهاية عام 2022 لترتفع قيمة التمويل من ثلاثة إلى ثمانية مليارات دولار.
وفي بيان حديث، قال صندوق النقد الدولي، إن معدل نمو الاقتصاد المصري بلغ 3.8% خلال العام المالي الماضي 2022/2023، وسيسجل نحو ثلاثة في المئة خلال العام المالي الحالي 2023/2024، متوقعاً أن يرتفع نمو اقتصاد مصر إلى 4.5% خلال العام المالي المقبل 2024/2025.
وقبل أيام، وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، بعد مناقشة المراجعتين الأولى والثانية للبرنامج الاقتصادي لمصر، على رفع قيمة التمويل بقيمة خمسة مليارات دولار ليصل إجمالي التمويل إلى ثمانية مليارات دولار، لافتاً إلى إتاحة صرف 820 مليون دولار بصورة عاجلة.
وقالت مدير عام صندوق النقد الدولي كريستينا غورغييفا، إن"مصر تنفذ إجراءات مهمة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد الكلى، عبر توحيد سعر الصرف وتسريع وتيرة إنهاء المتأخرات بالعملة الأجنبية، وخفض الدين العام"، مشددة على أهمية الإجراءات التي تنفذها السلطات المصرية لمعالجة التحديات الخاصة بالاقتصاد الكلي والتي زادت بالصراع في غزة والتوترات في البحر الأحمر، مشيرة إلى أن السلطات المصرية اتخذت إجراءات مهمة لحماية الفئات الأكثر احتياجاً.
وأشارت إلى أن الصندوق ينفذ خطة قوية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي لتصحيح الأخطاء في السياسات، مع التركيز على تحرير نظام الصرف الأجنبي، وتشديد السياسة المالية والنقدية، وخفض الاستثمار الحكومي، وإتاحة مساحة أكبر للقطاع الخاص، وسيشمل ذلك استمرار خفض الدعم الذي يستهلك جزءاً كبيراً من النفقات الحكومية.
وخلال الأسبوع الماضي رفعت الحكومة المصرية أسعار مجموعة واسعة من منتجات الوقود، وقال الصندوق في بيانه، إنه "لا يزال من الضروري استبدال دعم الوقود غير المستهدف بالإنفاق الاجتماعي المستهدف كجزء من حزمة تعديل مستدامة لأسعار الوقود، وذكر أن مصر وضعت إطاراً جديداً لرصد ومراقبة الاستثمار العام من شأنه أن يساعد في إدارة زيادة الطلب، لكن سيتعين على الدولة الانسحاب من النشاط الاقتصادي وترك المجال لزيادة نشاط القطاع الخاص.وأضاف "دمج الاستثمار الشفاف من خارج الموازنة في عملية صنع القرار في شأن سياسة الاقتصاد الكلي سيكون أمراً بالغ الأهمية".