ارتفعت حدة المطالبات في اليمن بحل مشكلة النقل التي تستمر بالتوسع والتفاقم ملقيةً بتبعات وأعباء جسيمة على الأسواق المحلية والمعروض السلعي وكلفة البضائع المستوردة، وسط موجة غلاء جديدة تشمل مختلف المواد الغذائية الأساسية منذ مطلع مايو/ أيار 2024.
يأتي ذلك مع بروز تأثيرات الأحداث المتصاعدة في البحر الأحمر التي تنضم إلى عديد التحديات الاقتصادية التي يواجهها اليمن بفعل الصراع الدائر في البلاد، حيث يشكو القطاع التجاري الخاص في اليمن من مشكلة النقل التي تستعصي على الحل، إضافة إلى ازدواجية الرسوم الجمركية والجبائية، وأزمة الشحن التجاري في ميناء الحديدة والتأخير الحاصل في مرور البضائع والحاويات.
ويدفع التجار العاملون في معظم المناطق اليمنية جمارك مزدوجة وجبايات في مداخل المدن ونقاط العبور على خطوط النقل بين المدن والمحافظات، مع تفاقم أزمة النقل البري وتباعد المسافات على خطوط السير المستحدثة، إضافة إلى العراقيل والجبايات المتصاعدة في الموانئ.
وكشف القطاع التجاري الخاص في اليمن عن رفع تكلفة الجمارك الداخلية في اليمن لتصل إلى 100% على البضائع المستوردة من ميناء عدن أو غيرها من الموانئ في المناطق الجنوبية والشرقية، والتي تصل إلى مناطق الشمال، كما يتم إجبار المستورد أو التاجر على عمل تعهد بعدم الاستيراد من ميناء عدن مرة أخرى.
وأطلق فريق الإصلاحات الاقتصادية في القطاع الخاص اليمني مطلع مايو/ أيار 2024، مبادرة لمعالجة مشكلة قطاع النقل في اليمن، حيث لا يزال يواجه تحديات كبرة نتيجةً لتداعيات الحرب بالرغم من الهدنة المؤقتة التي يشهدها اليمن، إلا أنها لم تنعكس على قطاع النقل ككل بشكل إيجابي.
رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، يوضح في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن مشكلة النقل وتأثيراتها وتبعاتها الاقتصادية قديمة وجديدة في نفس الوقت، لذا تقتضي الضرورة تجديد طرح هذه القضية من فترة لأخرى.
ويشير رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (منظمة أهلية يمنية)، إلى أن هناك معوقات يومية عديدة تتصاعد في مداخل المدن والجبايات المفروضة، وغيرها من التحديات والصعوبات التي تجعل هذه القضية أولوية قصوى في أي مشاورات لإحلال السلام لأنها قضية إنسانية بالدرجة الأولى وليست اقتصادية فقط، بالنظر إلى تبعاتها على الأسواق وارتفاع كُلفة السلع.
ويدعو تجار ومسؤولون في القطاع الخاص جميع الأطراف في اليمن إلى إيقاف حرب الإجراءات، فحين خفت أصوات الرصاص والمعارك تعالت أصوات الإجراءات والتضييق على القطاع التجاري، وعلى حركة وتدفق السلع بين المحافظات والمدن.
يلاحظ في السياق، أن الجمارك في ميناء الحديدة أعلى بنسبة 25% عن الرسوم في ميناء عدن، لكن تكاليف شحن السلع والمنتجات براً من ميناء عدن أعلى بكثير عن فارق التعرفة، خصوصاً إلى مناطق سيطرة الحوثيين نتيجة تكاليف الجمارك المفروضة.
بحسب بعض التجار، فإن هناك نقاطا للجباية استحدثت لتحصيل الأموال أثناء انتقال الحاويات من الرصيف إلى بوابة الخروج في الموانئ، إضافة إلى احتكار النقل البري، وارتفاع رسوم الأرضية وغرامات التأخير.
التاجر عبدالله الزنم، يقول لـ"العربي الجديد"، إن الصعوبات التي يواجهها التجار المستوردون أضرت كثيراً بأعمالهم وأنشطتهم، حيث لم يلتفت أحد من سلطات الأطراف المتعددة لمعاناتهم في الاستيراد والنقل والتكاليف المرتفعة التي يتكبدونها وتهدد تجارتهم بالإفلاس.
ويشير مسؤول بشركة ملاحية عاملة في مجال الاستيراد، هاني محرم، إلى أن هناك أزمة حادة في الموانئ لا تتوقف عند حدود الجبايات المستحدثة فيها، بل تشمل بطء الإجراءات والعراقيل في أرصفة الموانئ مع تردي وضعيتها وقدراتها على التعامل مع متطلبات الشحن والتفريغ للحاويات والبضائع.
كما تبرز قضية التلاعب بالضمانات المالية في جمرك ميناء الحديدة التي أُثيرت منتصف العام 2023، في أعقاب التوافق بين جميع الأطراف بوساطة خارجية على إعادة فتح وتشغيل ميناء الحديدة، بعد سنوات من الإغلاق بسبب الحرب والصراع في اليمن.
في السياق، تؤكد الغرفة التجارية والصناعية المركزية بأمانة العاصمة صنعاء أنها تعمل مع عدد من الجهات الحكومية على حل الإشكاليات التي تواجه سير انسياب السلع الغذائية للسوق المحلية بسلاسة، بما يسهم في تجاوز العراقيل والمعوقات الناجمة عن تأخير البضائع والحاويات في موعدها، إذ يرجع مصدر مسؤول في الغرفة سبب هذه المشكلة إلى الشركات الملاحية.
مسؤول الاتصال والإعلام بالغرفة أحمد حسن ينوه في حديثه لـ"العربي الجديد"، بالدور الذي يقوم به القطاع الخاص في اليمن، لتغطية احتياجات الأسواق المحلية بالسلع الغذائية والاستهلاكية، بالرغم من كل الصعوبات والتحديات المتواصلة.
وتتسبب تحديات النقل الحالية في اليمن بارتفاع الأسعار بشكل أسرع من أي مكان آخر، وهي عامل مهم في ارتفاع التكاليف الإجمالية في اليمن، حيث تُعد تكاليف النقل اليوم أغلى بخمس مرات من أسعارها قبل الحرب في العام 2014، حسب تجار لـ"العربي الجديد".
(العربي الجديد)