آخرها الحكم بسجن صحافي أربع سنوات
استمرار الانتهاكات بحق الصحافيين اليمنيين
يُعَد الصحافيون أكثر الفئات تعرضاً للانتهاكات من قبل جميع أطراف الصراع في اليمن، إذ تضاعف حجم الانتهاكات التي تتعرّض لها فئة الصحافيين في اليمن خلال الحرب التي تعيشها البلاد منذ تسعة أعوام. وقد تنوعت هذه الانتهاكات بين القتل والاختطاف والإخفاء القسري والاعتقال والضرب.
قصة أحمد ماهر
أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في قضايا الإرهاب (محكمة أمن الدولة) في العاصمة المؤقتة عدن، الثلاثاء، حكماً بسجن الصحافي أحمد ماهر أربع سنوات، وذلك بعد نحو عامين من اعتقاله، وتأجيل جلسات محاكمته لأكثر من مرة.
وفي أول تعليق لها، أدانت أسرة الصحافي أحمد ماهر بشدة ما وصفته بالحكم السياسي والظالم وغير القانوني بحق نجلها من قبل المحكمة الجزائية المتخصصة في عدن، والذي نص على سجنه أربع سنوات، رغم أنه لم يُقدم ضده أي دليل.
وقالت أسرة الصحافي في بيان صادر عنها إن الحكم باطل وغير قانوني ويتنافى مع كافة مبادئ العدالة وينتهك مواد الدستور والقانون التي وفّرت الحماية الكاملة للعاملين في مجال الصحافة، وفقاً للقانون رقم (25) لعام 1990.
وأشارت الأسرة إلى أن نجلها "سوف يستأنف الحكم في محكمة الاستئناف الجزائية، ويستعرض الدفوع التي لم تفصل فيها المحكمة الابتدائية، وهي من دفوع النظام العام وفقاً للمادة 185-186".
وأعربت أسرة الصحافي ماهر عن أسفها بشدة لتجاهل المحكمة الابتدائية مواد القانون الواضحة التي استعرضها نجلها أمام المحكمة (8-9-103-105-177-132-133-321-322-38-402)، وطالبت منظمات المجتمع المدني ونقابة الصحافيين والمنظمات الحقوقية الدولية بإدانة هذا الحكم الباطل قانونياً، مشددةً على سرعة عرض ملف نجلها على محكمة الاستئناف للفصل في الانتهاكات القانونية التي تعرّض لها منذ اختطافه حتى الآن.
يُذكر أن الصحافي ماهر اختطف من منزله في أغسطس/آب من عام 2022، بعد أن داهمت قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المنزل واختطافه مع شقيقه، ومنعته من الوصول إلى المحكمة لأكثر من عام. كما اشتكى الصحافي أكثر من مرة تعرّضه للتحقيق في مقرات أمنية، مؤكداً أنه أُجبِر على الإدلاء باعترافات في قضايا اغتيالات وتفجيرات، وتم تصوير تلك الاعترافات وبثها للرأي العام.
وضع الصحافيين في اليمن
في بيان لها بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يوافق 3 مايو/أيار من كل عام، أعلنت نقابة الصحافيين في اليمن عن مقتل 45 صحافياً منذ بدء النزاع بين الحكومة والحوثيين في البلاد قبل تسع سنوات.
وأوضحت أنه منذ بداية الحرب، "تعرّضت حرية الصحافة لأكثر من 1700 حالة انتهاك واعتداء، وتوقفت 165 وسيلة إعلام عن العمل، وتعرّض 200 موقع إلكتروني محلي وعربي للحجب على شبكة الانترنت".
وقالت النقابة إنه لا يزال هناك ستة من الصحافيين في اليمن في المعتقلات، منهم ثلاثة لدى جماعة الحوثيين بصنعاء (وحيد الصوفي، ونبيل السداوي، وعبد الله النبهاني)، وصحافيان اثنان لدى المجلس الانتقالي في عدن (أحمد ماهر، وناصح شاكر)، والسادس مختطَف لدى تنظيم القاعدة بحضرموت منذ عام 2015 في ظروف غامضة (محمد قائد المقري).
وجدّدت نقابة الصحافيين في اليمن مطالبتها بالإفراج الفوري عن جميع المختطفين، وحمّلت جماعة الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي مسؤولية التعنت وعدم الاستجابة للمطالب الحقوقية والنقابية المحلية والعربية والدولية، بالإفراج عن الصحافيين والكف عن التعامل مع الصحافيين بالقسوة والعدوانية.
تجريف الصحافيين في اليمن
الصحافي عصام بلغيث، الذي قضى أكثر من خمسة أعوام في سجون الحوثيين، قال لـ"العربي الجديد" إن واقع الحريات الصحافية في اليمن "واقع مأساوي مدمر، إذ عملت جماعة الحوثي على تجريف الصحافة والصحافيين واستهدافهم بشكل ممنهج، مما أدى إلى بقاء الصوت الأوحد في مناطق سيطرتها، ولوحق الصحافيون في اليمن وتم اختطافهم وتعذيبهم وابتزازهم وكذلك ابتزاز عائلاتهم".
وأكد أن الصحافيين في اليمن هم الهدف رقم واحد لجماعة الحوثي، باعتبارهم "بحسب قناعتهم أخطر من السلاح والمقاتلين في الميادين العسكرية".
وأشار بلغيث إلى أنه مورست بحق الصحافيين في اليمن كل انتهاكات حقوق الإنسان من التهديد والملاحقة، والقتل عمداً، والاختطاف، والتعذيب، والإخفاء القسري، والنفي خارج اليمن، والسبب في ذلك هو إخفاء الحقيقة، وبسط السلطة بالقوة، باعتبار أن الصحافي هو المدافع الأول ضد الانتهاكات التي تمارَس من قبل الحوثيين وغيرهم.
وأكد أنه "على الصحافيين اليمنيين أن يطلقوا ميثاق شرف يلتف حوله كل الصحافيين بتعدد انتماءاتهم، للحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه من هامش الحريات، ويجب أن يتحرك الصحافي في اليمن من دون أن يشعر بالخطر في أي منطقة من المناطق".
وطالب نقابة الصحافيين في اليمن "بتفعيل آليات أكثر فاعلية لتوفير حماية أكبر للصحافيين، ولدعمهم، ودعم عائلاتهم أثناء الاختطاف، وكذلك لدعمهم بعد الإفراج عنهم، والوقوف إلى جانبهم حتى يتجاوزوا ما أصابهم".
(العربي الجديد)